قانون الإجهاض يضع الحريات الفردية في الولايات المتحدة قيد الاختبار

  • 5/10/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تسريبات نشرتها شبكة بوليتيكو الإخبارية لمسودة قانون الإجهاض من 98 صفحة، بينت بوضوح أن المحكمة العليا الأمريكية تتجه نحو وقف حق الإجهاض وهو ما اعتبر "تراجعا مريرا" في مجال الحريات، كما يقول الناشطون والحقوقيون. مظاهرات تدعم حق النساء في الإجهاض وقع مدوٍ كان لتسريبات انفردت بنشرها شبكة بوليتيكو الإخبارية، محدثة غضبا عارما لدى الأوساط الليبرالية داخل الولايات المتحدة. يتعلق الأمر بتسريبات قيل إنها لمسودة قرار المحكمة العليا حول ما بات يعرف بقانون "رو ضد وايد" التاريخي لعام 1973 الذي يكرس الحق في الإجهاض. وجاء في المقتطفات المسربة ما كتبه القاضي المحافظ صموئيل أليتو متحدثا على ضرورة "نقض قضية رو وكيسي (قضية أخرى تؤكد الحق في الإجهاض)"، ليصف في فقرة لاحقة قانون "رو ضد وايد" بـ "خطأً صارخ منذ البداية". المحكمة أكدت بعد ذلك صحة التسريبات، ما يوحي أن هيئتها التي تضم ستة قضاة محافظين من أصل تسعة، متجهة نحو إلغاء حق الإجهاض، في قرار ينتظر صدوره في حزيران/ يونيو القادم. "حق غير دستوري"؟ يذكر أنه في 1973 أصدرت المحكمة العليا في ختام نظرها في قضية "رو ضدّ وايد" حُكماً شكّل سابقة قضائية إذ إنّه كفل حقّ المرأة في أن تنهي طوعاً حملها ما دام جنينها غير قادر على البقاء على قيد الحياة خارج رحمها، أي لغاية حوالي 22 أسبوعاً من بدء الحمل. وكتب القاضي المحافظ أليتو أن الحق في الإجهاض الذي كرسه الدستور في احترام الحياة الخاصة "لا أساس له منذ البداية" مضيفًا أن هذا الحق "لا يحميه أي بند من أحكام الدستور" الأميركي. يقول القاضي المحافظ صاموئيل أليتو إن الحق في الإجهاض "لا أساس له منذ البداية". من المسلم به وفقًا لفقهاء القانون الأمريكيين أن التعديل الرابع عشر للدستور الذي تمت المصادقة عليه عام 1868، لا يشير بتاتا إلى حقوق أساسية محددة. لكنه يحظر على الدولة "حرمان أي فرد من حياته أو حريته أو ممتلكاته دون إجراءات قانونية صحيحة". وتستند أحكام المحاكم الأميركية منذ سنوات إلى هذه البنود لضمان الحقوق والحريات الفردية مثل منع الحمل والإجهاض وزواج المثليين. لكن وفقًا للقاضي أليتو ولكي تكون هذه الحقوق مضمونة، يجب أن تكون "متجذرة بعمق في تاريخ وتقاليد هذه الأمة". وهذا "لا ينطبق" على الإجهاض وفقا لأليتو الذي أشار إلى أن "ثلاثة أرباع الولايات (الأميركية) كانت تعتبر الإجهاض جريمة في جميع مراحل الحمل" لدى صدور التعديل الرابع عشر. "من عليه الدور الآن؟" وفي محاولة منه لتبديد أي سوء فهم، كتب القاضي أن هذا القرار المحتمل "يتعلق بالحق الدستوري في الإجهاض وليس بأي حق آخر". لكن مع مثل هذا المنطق القانوني، لا يزال بإمكان المحكمة العليا "إلغاء حقوق دستورية تعتبرها أجيال من الأميركيين مكتسبة" على حد قول الأستاذة في الحقوق في جامعة كولومبيا كاثرين فرانك. وتضيف فرانك "ليس فقط الإجهاض بل منع الحمل وزواج المثليين أو حتى تجريم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج أو بين أشخاص من الجنس نفسه". وعلى العموم تخشى القوى الليبرالية والنشطاء من أن تؤدي خطوة كهذه إلى مزيد من التراجع في مجال الحريات. كما يتخوف الناشطون والحقوقيون من أن يخضع زواج المثليين بدوره للمراجعة بعد أن شُرع في كافة أنحاء البلاد منذ 2015. وفي هذا السياق، تساءلت المدعية العامة لولاية نيويورك ليتيسيا جيمس النائبة الديموقراطية والقاضية الأميركية من أصل إفريقي "من عليه الدور الآن؟". بعد نشر التسريبات تجمع أكثر من ألف متظاهر من المؤيدين للإجهاض والرافضين له خارج مقر المحكمة العليا في واشنطن احتجاجات و"يوم تحرك ضخم" وبعد يوم من نشر شبكة بوليتيكو هذه التسريبات (الثاني من مايو/ أيار 2022)، تجمع أكثر من ألف متظاهر من المؤيدين للإجهاض والرافضين له خارج مقر المحكمة العليا في واشنطن. وردت سلطات إنفاذ القانون بإقامة سياج مؤقت حول المحكمة في العاصمة واشنطن التي لاتزال في حال توتر منذ أعمال الشغب اليمينية في السادس من كانون الثاني/يناير 2021. إلى ذلك دعت منظمات داعمة لحق النساء في الإجهاض إلى تنظيم وقفة احتجاجية في الـ14 من الشهر الجاري/ سيكون عبارة عن يوم تحرك ضخم"، كما وصفت ذلك كيلي روبنسون المديرة التنفيذية لصندوق عمل الأبوة خلال مؤتمر صحفي نظمته منتصف الأسبوع الماضي إلى جانب قادة ثلاث منظمات تقدمية وطنية أخرى، مشددة على أنه لم "يعد لدينا رفاهية تضييع أي وقت". كما دعت روبنسون إلى مزيد من التعبئة طوال الصيف تزامنا مع الموعد المقرر لإصدار القرار النهائي للمحكمة العليا في حزيران/ يونيو القادم. وتمت الدعوة إلى أربع "مسيرات" في نيويورك وواشنطن وشيكاغو ولوس أنجلس، إضافة إلى "مئات الفعاليات في أنحاء البلاد". وأضافت روبنسون "سنعبّر عن غضبنا على الصعيد الوطني". تراجع عالمي لم ينحصر القلق على الداخل الأمريكي، بل إن متحدثا باسم الأمم المتحدة صرح بعد نشر التسريبات على أن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش يرى أن الصحة الجنسية والإنجابية والحقوق المتعلقة بها هي "أساس حياة تقوم على الاختيار والتمكين والمساواة لفتيات وسيدات العالم". وتابع بأن غوتيريش أبدى مرارا قلقا إزاء حدوث "تراجع عالمي" فيما يتعلق بحقوق المرأة، بما في ذلك الحقوق الإنجابية والخدمات الصحية الأساسية. من جهتها ردّت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد قائلة: "اطلعنا على هذه الوثيقة التي تسربت والتي تثير عددا من جوانب القلق لدينا جميعا فيما يتعلق بسياساتنا الدولية المتصلة بدعم الصحة الإنجابية للسيدات والفتيات، وسنواصل دعم هذه الجهود". وقالت للصحفيين "استعدنا موقف الولايات المتحدة في هذه القضية". قضية انتخابية إلى ذلك توحي تصريحات الساسة الأمريكيين خاصة الديمقراطيين منهم بأن قضية الإجهاض في طريقها لتصبح في محور انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في تشرين الثاني/نوفمبر، ما قد يفتح الطريق أمام الديموقراطيين لتدارك الخسائر في شعبيتهم وتجنّب هزيمة متوقعة.       وحذر الرئيس جو بايدن أنه ولو ذهبت المحكمة العليا إلى منع حق الإجهاض، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى إعادة النظر في "كل القرارات المتعلقة بالحياة الخاصة" للأمريكيين و"مجموعة أخرى من الحقوق". وفي كلمته الأربعاء الماضي التي هاجم فيها بشدة سلفه دونالد ترامب ، قال بايدن إنه بعد الحق في الإجهاض، يمكن للمحافظين أن يتراجعوا عن إنجازات أخرى مثل "الحق في الحياة الخاصة" الذي هو أساس الاجتهاد وراء الحق في الإجهاض. و.ب/ أ.ح

مشاركة :