تسببت الإنترنت في أواخر التسعينيات في ظهور عدد كبير من أصحاب الملايين، وعدد آخر من أصحاب المليارات، خاصة في وادي السيلكون، غالبيتهم يصابون بالإحباط. والذين ركبوا الموجة مبكراً، وتركوها قبل الانهيار، وجدوا أنفسهم في مواقف غريبة، أصبحوا بلا حاجة للعمل، بعد أن عملوا 80 ساعة في الأسبوع عند بدء شركاتهم على الإنترنت في السنوات السابقة. بالنسبة لأصحاب الملايين، فإن الحياة الذكية تعني التخطيط المالي الجيد.. وحرية متابعة الأمور الجديدة. بالنسبة لأصحاب المليارات، فإن السيارات الفارهة لم تستطع استنفاذ ثرواتهم. وهنا تتغير فلسفتك بشأن المال كلية، حسبما يقول ريتشارد فرانك في كتابه مملكة الأثرياء. ترى أنك لا تستطيع إنفاق ثروتك كلها أو حتى جزء منها، وأن أموالك سوف تنمو على مر السنين، حتى لو أنفقت ببذخ. هناك أثرياء في أميركا يمكن أن يعيشوا في بذخ لمدة أربعة آلاف عام دون أن تنقص ثرواتهم. إنهم يملكون كثيراً من المال، لدرجة أنهم ليسوا في حاجة لإثبات أي شيء لأي شخص. والغريب أن غالبيتهم يصابون بالإحباط. المشكلة أن النجاح المفاجئ، هو كأنك تعلقت بحلقة جمباز لا تتوقف عن الحركة، وقانون إسحق نيوتن في الحركة يقول إن الجسم المتحرك يبقى هكذا إلى أن توقفه قوة أخرى. يقول المخططون الماليون إن هذا هو سبب إصابة كثير من الأثرياء بالإحباط، فهم يربحون دائماً، ولا يتوقف ربحهم، ولا يستطيعون إنفاق ما يربحون. ويقول أحد خبراء علم النفس، إنه عندما ينمو المال بلا حدود، يقع صاحبه في دوامة الإحباط. بالنسبة إلى هذا الثري، لقد توقفت الحياة عن الحركة. لقد ظل يتقدم، إلى أن أصبح التقدم بلا معنى. ورغم أن البعض يعتقد أن بعض المليارات سوف تحل جميع مشكلاته.. إلا أن الدراسات تثبت أن من يثرى بسرعة عن طريق الميراث أو الفوز في اليانصيب أو من مشروع ينمو بلا توقف، لا يصبحون سعداء عندما يكون لديهم الثروة. كثير من هؤلاء يعتقدون أن ثرواتهم تجلب عليهم المشكلات. وهناك قصص نجاح مفاجئ تدل على ذلك، منها باز الدرين، ثاني رجل يضع قدمه على سطح القمر. بعد عودته من الرحلة الفضائية بفترة وجيزة، تحول إلى مدمن كحول. أما نيل آرمسترونغ، أول من وضع قدمه على سطح القمر، قضى بقية حياته لا يدري ماذا يفعل. قام بالتدريس ثم إعلانات لشركات السيارات، ثم تقاعد عن كل شيء. وكان يختبئ ممن يطلبون توقيعه للذكرى، وظل يقاضي الشركات التي تستغل اسمه في الإعلانات.
مشاركة :