أحمد مراد (القاهرة) من المؤكد أن الشباب هم عصب الأمة، وعمادها الأول، وعنوان أملها، وسر نهضتها، وفي الشباب ترى الأمة امتدادها ومستقبلها، وبفضلهم تنهض وتتقدم وتصل إلى ما تريد، وليس هناك حضارة من الحضارات قديمها وحديثها، اعتنت بشبابها ورعتهم، وهيأت لهم ما يجعلهم رجالاً أكفاء أقوياء، مثل حضارة الإسلام، التي أقيمت وانتشرت على أكتاف الشباب. يصف د. علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، الشباب بأنهم عماد أي أمة من الأمم، وسر نهضتها وبناة حضارتها، وهم حماة الأوطان والمدافعون عنها، وذلك لأن مرحلة الشباب هي مرحلة النشاط والطاقة والعطاء المتدفق، فهم بما يتمتعون به من قوة عقلية وبدنية ونفسية فائقة يحملون لواء الدفاع عن الوطن حال الحرب، ويسعون في البناء والتنمية في أثناء السلم، وذلك لقدرتهم علي التكيف مع مستجدات الأمور في مختلف المجالات العلمية والسياسية والاجتماعية. ويوضح د. جمعة أن المرونة مع الإرادة القوية والعزيمة الصلبة والمثابرة من أبرز خصائص مرحلة الشباب، لذا وصف الله عز وجل هذه المرحلة المتوسطة بالقوة بعد الضعف وقبله، قال سبحانه وتعالى: «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً»، ولذلك اعتنى الإسلام بالشباب عناية فائقة ووجههم توجيهاً سديداً نحو البناء والنماء والخير، واهتم الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالشباب اهتماماً كبيراً، فقد كانوا الفئة الأكثر التي وقفت بجانبه في بداية الدعوة فأيدوه ونصروه ونشروا دعوة الإسلام وتحملوا في سبيل ذلك المشاق والأهوال. والرسول (صلى الله عليه وسلم) وضع الشباب في موضعهم اللائق بهم ليكونوا العامل الرئيس في بناء كيان الإسلام وتبليغ دعوته ونشر نوره في بقاع العالم، فعمل عليه الصلاة والسلام على تهذيب أخلاقهم وشحذ هممهم وتوجيه طاقاتهم وإعدادهم لتحمل المسؤولية في قيادة الأمة، كما حفزهم علي العمل والعبادة، فقال صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» وعد منهم شاباً نشأ في عبادة الله، وفي الوقت ذاته حث الشباب على أن يكونوا أقوياء في العقيدة، والعمل فقال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف»، ونوه إلى أن القوة ليست بقوة البنيان فقط، ولكنها قوة امتلاك النفس والتحكم في طبائعها، فقال: «ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»، وبهذا عمل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على إعداد الشباب وبناء شخصيتهم القوية، ليكون الشباب مهيأ لحمل الرسالة، وأقدر على تحمل المسؤولية، وأكثر التزاماً بمبادئ الإسلام الحنيف. ومن ناحية التطبيق فلا أحد ينكر موقع الشباب في صدر الإسلام، فهم من ساندوا الرسول (صلى الله عليه وسلم) في بداية الدعوة، وانتشر الإسلام علي يد هؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم، حتى إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان دائماً ما يستشيرهم في الأمور المهمة وكان ينزل على رأيهم كثيراً، ومن ذلك أنه نزل على رأي الشباب في الخروج لملاقاة المشركين في غزوة أحد، وكان رأي الشيوخ التحصن داخل المدينة، ومن عظم دور الشباب في بناء كيان الدعوة الإسلامية وصف المستشرق البريطاني مونتجمري وات في كتابه «محمد في مكة» الإسلام بأنه كان في الأساس حركة شباب، ففي البداية أقام الرسول (صلى الله عليه وسلم) الدعوة في دار أحد الشباب وهو الأرقم بن أبي الأرقم، ولأن الدعوة تعتمد على النقل كان الشباب هم نقلتها إلى أهل مكة ومن حولها، ولا ننسى دور علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) في الهجرة، فكم كان دوره فيها وأداؤه المهمة التي كلف بها كبيرة وعظيمة. ... المزيد
مشاركة :