مراكش - أسس مؤتمر أمني دولي في مراكش لإستراتيجية جديدة في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية داعش تقوم على خطة متعددة الأطراف ونهج أكثر فاعلية ومواكبة للتهديدات الإرهابية، بينما يشير اختيار المدينة المغربية لاستضافة هذا الاجتماع إلى الأهمية التي يوليها التحالف الدولي لمحاربة التنظيم المتطرف للمغرب كبلد أصبح يمثل بمقاربته الأمنية والثقافية وجهة موثوق بجهودها في مكافحة التطرف والإرهاب. وقال المشاركون في الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي لهزيمة داعش الذي افتتح اليوم الأربعاء بمدينة مراكش، إنهم عازمون على محاربة التنظيم المتطرف عبر خطة متعددة الأطراف وإقرار نهج عصري لمواجهة هذا التنظيم. ودعا ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية المغربي الذي دعا مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن لعقد هذا المؤتمر إلى "رد متعدد الأطراف في مواجهة التهديدات الإرهابية العالمية". وقال "كلنا عزم على جعل هذا الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي لهزيمة داعش مرحلة فارقة في تعبئة الشركاء وبلورة مقاربة محينة (خطة عصرية) لمواجهة تنظيم داعش على مختلف الجبهات وتفكيك شبكاته ومجابهة طموحاته الإرهابية خصوصا في أفريقيا". واستعرض بوريطة تجربة المغرب في محاربة الإرهاب وخطته "الإستباقية" مشيرا إلى أن المغرب فكك "أكثر من 210 خلايا إرهابية منذ 2002". من جهتها قالت فيكتوريا نولاند القائمة بأعمال مساعدة وزير الخارجية الأميركية والتي حضرت الاجتماع نيابة عن بلينكن، إنه "خلال السنوات السبع الأخيرة، تم إضعاف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، لكن تهديد التنظيم لا يزال قائما ويتحين الفرصة لإعادة بناء نفسه". وقالت إن الولايات المتحدة ستخصص 700 مليون دولار هذا العام لإعادة إعمار المناطق التي تم "تحريرها" من سيطرة التنظيم المتطرف، مضيفة أن بلادها خصصت في العام الماضي 45 مليون دولار لمساعدة شمال سوريا و60 مليون دولار للعراق لإعادة إعمار "المناطق المحررة من داعش". واعتبر وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو أن اجتماع التحالف الدولي ضد داعش الذي حضره ممثلو أكثر من 80 دولة، يشكل حدثا ذو أهمية سياسية كبيرة في مكافحة الإرهاب، مؤكدا "التزام إيطاليا والمغرب بتحقيق الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء". وجاء عقد هذا الاجتماع من أجل مناقشة سبل "التنسيق واستمرار الالتزام الدولي" لمحاربة التنظيم المتطرف في شمال إفريقيا والتصدي لعودته في الشرق الأوسط وأيضا لعرض وزراء التحالف "المبادرات التي تم طرحها في ما يتعلق بجهود ضمان الاستقرار في المناطق التي تأثرت في السابق بهجمات داعش"، بحسب بيان لوزارة الخارجية المغربية. وتطرف الاجتماع إلى "مواجهة الدعاية للتطرف التي ينتهجها التنظيم الإرهابي وأتباعه، ومكافحة المقاتلين الإرهابيين الأجانب"، وفق المصدر نفسه. وشارك في الاجتماع الذي عقد في أحد فنادق منطقة النخيل السياحية الفخمة بمدينة مراكش في ظل حراسة أمنية مشددة، وزراء خارجية ومسؤولون دبلوماسيون من عدة بلدان غربية وعربية. وكان من المتوقع أن يترأس وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المؤتمر مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، لكن حضوره تعذر بسبب إصابته بكوفيد-19 وحضرت نيابة عنه المسؤولة الثالثة في وزارته فيكتوريا نولاند. وقالت نولاند أثناء المؤتمر "نجتمع اليوم لنتقاسم التزامنا بالعمل على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية هزيمة دائمة، في العراق وسوريا وكذلك في القارة الإفريقية والعالم بأسره". وتأسس التحالف في العام 2014 لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر في أوج تمدده على أكثر من 110 آلاف كلم مربع بين العراق وسوريا. ويضم 84 عضوا بين دول ومنظمات دولية، منها حلف شمال الأطلسي والشرطة الدولية (إنتربول). وإذا كان تنظيم الدولة الإسلامية خسر السيطرة على معظم الأراضي التي كان يحتلها في العراق وسوريا، فإن التهديد الذي يمثله لم ينته بعد. بوريطة "لا نزال يقظين إزاء تهديد تنظيم الدولة الإسلامية الذي لم يتراجع بعد"، فيما أكدت نولاند أن هذا التهديد "لا يزال قائما"، وأن التنظيم المتطرف "يبحث عن استغلال أي فرصة ليعيد تشكيل نفسه"، مشيرة إلى الهجوم الذي شنه نحو مئة من عناصره على سجن يديره المقاتلون الأكراد شمال شرق سوريا في يناير/كانون الثاني. واعتبر ذلك الهجوم الأكثر دموية منذ هزيمة التنظيم قبل ثلاثة أعوام. وأضافت "كان ذلك جرس إنذار يكشف إلى أي درجة أن الوضع الحالي لا يطاق في شمال شرق سوريا". وتعمل واشنطن على توفير 700 مليون دولار هذا العام لتمويل عمليات حفظ الاستقرار في المناطق المحررة من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في كل من العراق وسوريا مناصفة، وتحفيز استثمارت خاصة في البلدين. وتوعد تنظيم الدولة الإسلامية بالانتقام لمقتل زعيمه السابق أبوإبراهيم القرشي في غارة أميركية بسوريا في فبراير/شباط. كما دعا أنصاره إلى استغلال الحرب في أوكرانيا لتنفيذ هجمات في أوروبا. ويبدو أن التنظيم المتطرف يسعى إلى تعزيز وجوده في منطقتي الساحل الإفريقي وخليج غينيا. ونبه وزير الخارجية المغربي إلى أن "27 كيانا إرهابيا يتمركز في إفريقيا مسجلة على لائحة المنظمات المشمولة بعقوبات، يفرضها مجلس الأمن الدولي". وارتفع عدد "الحوادث الإرهابية" في منطقة الساحل بمعدل 43 بالمئة ما بين 2018 و2021، وفق أرقام أميركية رسمية، فيما تعتزم واشنطن صرف مساعدات بنحو 120 مليون دولار لدعم بلدان إفريقيا جنوب الصحراء بهدف "توقيف وملاحقة وإدانة الإرهابيين".
مشاركة :