يجري خبراء تكنولوجيا في بريطانيا، حالياً، مجموعة اختبارات كبيرة لدراسة قدرة الأطفال على التعامل مع برامج الكمبيوتر. ويركزون اهتمامهم على أساليب البرمجة، على وجه الخصوص. ويتوقعون نتائج مبهرة مستقبلاً. وذكرت مجلة نيو ساينتست العلمية المتخصصة، في تقرر حديث لها حول هذا الموضوع، أنه بينما تحل علوم الحاسوب محل تكنولوجيا المعلومات، سيتم تعليم الأطفال ذوي السنوات الخمس كيفية البرمجة. وسيدرب من هم في عمر 11 سنة على كيفية تحليل التعابير والرموز الخاصة. فاللغات الحديثة لن تعني بعد اليوم الإيطالية أو الفرنسية أو الألمانية، فبرمجة الكمبيوتر ستدرس جنباً إلى جنب مع القراءة والكتابة والحساب، باعتبارها مادة أساسية رابعة في المنهاج المدرسي. وهذا يعني أننا سنشهد جيلاً من المبرمجين مستقبلاً. تعزيز التفكير وتقول مارينا بيرز من جامعة تافتس بولاية ماساتشوستس: تعليم كيفية البرمجة يتصدر معايير محو الأمية الجديدة. ووجدت الدراسة الحديثة أن تعليم الأطفال مهارات البرمجة في سن مبكرة يعزز قدراتهم على التفكير النظري، ويدربهم على حل المشكلات، فضلاً عن أنه يحسن التفاعل مع التكنولوجيا. تأسس نادي البرمجة عام 2012 على يد المبرمجين كلير ستكلفي وليندا سانديفك، لتقديم أشياء لم يكن الأطفال يحصلون عليها في المدارس. ومنذ تأسيس هذه المبادرة انتشرت المجموعات المماثلة على امتداد بريطانيا، وشملت نحو 30 ألف طفل. وأصبحت هذه المبادرات تقدم أيضاً دورات تدريبية للمعلمين أيضاً. وبالتعاون مع رويال أكاديمي فور انجنيرنغ تصمم شركتا مايكروسوفت وغوغل دروس علوم الكمبيوتر في المدارس، لتعليم الأطفال كيفية بناء البرمجيات، وليس كيفية استخدامها فقط. وسيتعلم الأطفال كيف يصلون إلى خوارزميات بسيطة وفهم المبادئ التي تدعم ترميز البرمجيات. وتأتي هذه النقلة الكبيرة في مجال التكنولوجيا نتيجة سنوات عدة من ضغط قطاع التقنيات لتطوير علوم الكمبيوتر. وفي هذا الصدد يقول إيبون ابتون، المبرمج المساعد في شركة راسبيري باي: التحدي الأساسي الذي يواجه النمو الاقتصادي هو نقص الخريجين المؤهلين، الذين لديهم معرفة عميقة لا تتأتى إلا عبر سنوات طوال من التعامل مع أجهزة الكمبيوتر. ولكن هل يتوجب على جميع الأطفال تعلم البرمجة؟ بالنسبة إلى ميشيل ريسنك، مدير مجموعة لايفلونغ كيندر غاردن في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فإن هذا أمر مهم. ويقول ريسنك إن البرمجة تبني علاقة جديدة بين الإنسان والتكنولوجيا، ويضيف: تمنحك هذه العلاقة أسلوباً جديداً للتفكير فيما يتعلق بنفسك، وطريقة جديدة لرؤية العالم من حولك. ومع هذا التقدم الكبير في مجال التكنولوجيا لابد أن يُشعر الأطفال أنهم قادرون على فهمها وإدارتها بشكل جيد. ويوضح ريسنك قائلاً: لا يجب أن يكون الأطفال مستقبلين لما يصنعه غيرهم. التعليم باللعب ويستخدم نادي البرمجة ألعاباً بسيطة يمكن للأطفال من خلالها تعلم ترتيب تعليمات البرمجة، بدلاً من طباعة أوامر البرامج حرفاً بحرف. وبينما تتطور مهارات البرمجة لدى الأطفال يمكنهم تحميلها على موقع سكراتش الإلكتروني. ومنذ إطلاق هذا الموقع عام 2007 تم تحميل أكثر من 6 ملايين مشروع برمجة، مما أتاح الفرصة لإعادة استخدام هذه البرامج ودمجها مع برامج أخرى وتحسينها. وفي هذا السياق يقول رينك: نريد أن يصمم الأطفال ويبتكروا برامج، ويصبحوا قادرين على التعبير عن أنفسهم. هناك برامج فيها أوجه شبه واضحة مع أكثر لغات البرمجة تقدماً. وأحد أهم عناصر البرمجة هو تعلم التسلسل والتفكير المسبق. عدا عن التوازي والتصحيح، الذي يعتبر إحدى أهم الخطوات في البرمجة، لتغيير وتبديل الأخطاء الموجودة في برنامج معين. ويتعلم الأطفال الرياضيات والعلوم أيضاً. وهاتان المادتان مهمتان لأنهما تدربان العقل على التفكير بطريقة مجدية على الدوام. وتقول إمبر سيتل، من جامعة ديباول في شيكاغو، إنه لا توجد دراسات كافية تتابع مدى تأثير البرمجة على الأطفال. وترجع معظم الدراسات في هذا المجال إلى ثمانينات القرن الماضي. أهم ما في مسألة التدريب على البرمجة هي أن الجيل المقبل لن يكون مستهلكاً للتكنولوجيا فقط، وإنما منتجاً لها أيضاً. ويقول ميشيل رينك: سنشهد استخدام الناس لأجهزة الكمبيوتر إلى الحد الذي لن يقول شخص إن هناك أي مشكلة مستعصية على الحل. ويضيف أن جميع أفراد المجتمع سيستفيدون من هذا التنوع في الأفكار والمفاهيم. ويأمل أن تتيح هذه الخطوة تعلم عدد كبير من الأشخاص البرمجة، وأن لا تبقى هذه المسألة حكراً على المهندسين العاملين في قطاع التكنولوجيا. تحليل التجريد الموجود في لغات البرمجة بأنواعها مهم جداً لتصميم الخوارزميات، التي تعتبر إجراءات عامة لحل حالات كثيرة من المشكلة ذاتها. ولمعرفة كيفية إنشاء خوارزميات فعّالة، يجب أن يتم التركيز على كيفية تحليل المشكلة والتركيز على عنصر واحد فقط وتتبعه. وإلى جانب التجريد يأتي تحديد المشكلة ووضع الحلول الممكنة لها. ومنذ ظهور هذا المصطلح عام 2006 تطور التفكير الحسابي.
مشاركة :