أعلن رئيس الحكومة الليبية المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا مساء الثلاثاء إعادة فتح الحقول والموانئ النفطية، بعد إغلاق استمر حوالي ثلاثة أسابيع، ما أثار أزمة محتدمة بين الفرقاء الليبيين. وحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية، جاء قرار إعادة فتح الحقول والموانئ النفطية في ليبيا، بعد "جهود مجلس النواب والحكومة الليبية"، فيما يرى مراقبون أن الإعلان جاء تحت ضغوط أميركية، لاسيما بعد الاجتماعات المكثفة التي جمعت المسؤولين الليبيين بالمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا والمستشارة الأممية، والتي تم خلالها توجيه رسائل تحذير بشأن ضرورة إنهاء إغلاق حقول وموانئ النفط. وقال باشاغا في بيان إن القرار جاء بعد إعلان تكتل الهلال النفطي "موافقته على رفع الحصار المفروض على المنشآت النفطية". وأوضح البيان أن قرار التكتل جاء بناء على تعليمات رئيس مجلس النواب عقيلة صالح. وفي تسجيل مصور نشره باشاغا، أعلن تكتل الهلال النفطي إعادة فتح الحقول والمواني النفطية، اعتبارا "من هذه اللحظة". وأوضح البيان أن قرار "التكتل" جاء بناء على تعليمات رئيس مجلس النواب عقيلة صالح. وجاء ذلك، غداة دعوة المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند، خلال لقائه عقيلة صالح، إلى إيجاد آلية لإدارة عوائد النفط الليبي. وقال السفير الأميركي "جددت التأكيد على التزام الولايات المتحدة بدعم آلية بقيادة ليبيا لإدارة عائدات النفط بطريقة تعزّز تحقيق أقصى قدر من الشفافية، والتعاون بين جميع القوى السياسية في ليبيا". وأكدت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز ورئيس المؤسسة الليبية للنفط مصطفى صنع الله الأحد، أهمية إنهاء إغلاق النفط في أسرع وقت ممكن. وقالت ويليامز في تغريدة لها عبر حسابها على تويتر "ناقشنا التأثير على المستوى المحلي والدولي لإغلاق النفط، بما في ذلك الصعوبات التي في البنية التحتية التي تنشأ جراء الإغلاق المطول، إضافة إلى خسارة الإيرادات". وأضافت في تغريدتها، التي جاءت عقب اللقاء، "وجددنا التأكيد على أهمية إنهاء إغلاق النفط في أسرع وقت ممكن، وكذلك على ضرورة حماية الموارد الوطنية الليبية من الاستغلال والتسييس". وقالت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا إن ويليامز أكدت دعم بعثة الأمم المتحدة الكامل لقطاع النفط واستقراره، ليتسنى للمؤسسة الوطنية للنفط تحقيق خططها وأهدافها لزيادة معدلات الإنتاج، خدمة لمصالح الشعب الليبي، مثمنة دور المؤسسة الفني وغير السياسي الرامي إلى دعم الاقتصاد الليبي، رغم كل التحديات التي واجهها. وأغلق محتجون عددا من حقول وموانئ النفط منتصف شهر أبريل الماضي، احتجاجا على رفض حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة تسليم السلطة إلى حكومة الاستقرار الوطني برئاسة فتحي باشاغا المكلفة من البرلمان. وتسبب الإغلاق في خسارة 600 ألف برميل أو ما يعادل نصف الإنتاج اليومي، في حين أن ليبيا التي تنعم بأكبر احتياطيات في أفريقيا كان متوسط إنتاجها يبلغ 1.2 مليون برميل يوميا. وينظر مراقبون إلى الخطوة التي قام بها محتجون بإغلاق حقول النفط على أنها محاولة من قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر للضغط على الغرب، حتى يتمكن باشاغا من دخول العاصمة طرابلس لتباشر حكومته مهامها من هناك، لكن في ظل الظروف العالمية قد يرتد هذا السلاح على الطرفين. ولم تتمكن حكومة باشاغا من دخول العاصمة طرابلس حتى الآن بسبب رفض حكومة الدبيبة تسليم السلطة إلا لجهة منتخبة. وعلى إثر ذلك قامت مجموعات داعمة للحكومة الجديدة التي يرأسها باشاغا بإغلاق حقول وموانئ نفطية في جنوب وشرق البلاد في منتصف أبريل الماضي، الأمر الذي يكلف ليبيا فرصة تصدير نحو نصف إنتاجها الذي كان يقدر بـ1.1 مليون برميل في اليوم. مباشرة حكومة باشاغا مهامها من سرت حقنا لدماء الليبيين مباشرة حكومة باشاغا مهامها من سرت حقنا لدماء الليبيين وتزامن إعلان باشاغا مع قرار مجلس النواب الليبي نقل جلساته لتعقد في مدينة سرت، دعما للحكومة الليبية الجديدة. وقال البرلمان الليبي مساء الثلاثاء إنه يريد أن يكون مقر الحكومة التي عينها برئاسة باشاغا في سرت في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن ذلك ستكون له آثار إيجابية منها حقن دماء الليبيين. وتمثل الخطوة أوضح اعتراف منذ أن عيّن البرلمان باشاغا في مارس، بعدم قدرته على السيطرة على طرابلس حتى الآن، في الوقت الذي ما زالت فيه ليبيا مكبلة بقيود أزمة سببها وجود حكومتين. ويهدد الجمود بين باشاغا والدبيبة، الذي عُيِّن رئيسا للوزراء العام الماضي، بإشعال جولة جديدة من الصراع في ليبيا بعد عامين من السلام النسبي، أو تقسيمها مرة أخرى بين معسكرين متنافسين. وكل طرف من الطرفين مدعوم من فصائل مسلحة، وأي محاولة من قبل باشاغا لشق طريقه بالقوة نحو طرابلس قد تؤدي إلى اندلاع قتال في المناطق الغربية من ليبيا. وقال المتحدث باسم البرلمان عبدالله بليحق إن البرلمان سيعقد جلسته المقبلة في مدينة سرت الساحلية القريبة من خط المواجهة المتجمد منذ جولة الصراع الأخيرة في ليبيا، دعما لحكومة باشاغا. ولم تنعم ليبيا سوى بقسط قليل من السلام منذ انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي ضد معمر القذافي، وانقسمت في 2014 بين فصائل متحاربة في الغرب، حيث العاصمة طرابلس، وفي الشرق، الذي انتقل إليه البرلمان. وجرى تنصيب حكومة الدبيبة العام الماضي لإدارة ليبيا بأكملها لفترة مؤقتة، في إطار عملية سلام كان من المفترض أن تشمل إجراء انتخابات وطنية في ديسمبر. لكن بعد انهيار العملية الانتخابية وسط خلافات حول القواعد الحاكمة لها، قال البرلمان الذي يتخذ من شرق البلاد مقرا له إن مدة ولاية الدبيبة انقضت، وتحرك لتعيين حكومة، فيما يقول الدبيبة إن حكومته ما زالت تتمتع بالصلاحية وإنه لن يسلم السلطة إلا بعد الانتخابات.
مشاركة :