كشف أحمد بن صالح الحميدان؛ نائب وزير العمل، عن فتح 10 آلاف ملف تجاري جديد في وزارة العمل شهريا، مشيراً إلى أنه في حال تقدم كل صاحب عمل بطلب استقدام من 7 - 8 عمال، لجرى استقدام من 700 - 800 ألف شخص جديد سنويا. وأشار الحميدان إلى أن هذا الأمر كان من التحديات في وزارة العمل، التي حاولت إيجاد وسائل للسيطرة ومجاراة هذا الطلب، بما لا يضر الاقتصاد أو رجل الأعمال، مؤكداً مساعي الوزارة الدائمة لإيجاد علاج دون ضرر؛ لأن العلاج أحيانا تنتج عنه أضرار. وقال خلال ترؤسه لجلسة دراسة "تقييم قدرة الاقتصاد السعودي على توليد فرص عمل مناسبة ومستدامة للمواطنين"، في منتدى الرياض الاقتصادي، أمس، إن الأصل في العلاقة بين العامل وصاحب العمل هي العقود التي يوافق عليها الطرفان، مشيراً إلى أن القطاع الخاص يقدم نماذج رائعة من الشباب السعودي في سوق العمل. وأوصت دراسة "تقييم قدرة الاقتصاد السعودي على توليد فرص عمل" بتسريع وتيرة التصنيع والخدمات المتطورة، وتوسيع مجالاتها كمحرك رئيس لتوليد مزيد من فرص العمل للمواطنين، كما أوصت بتطوير مناهج التعليم لبناء مجتمع قائم على اقتصاد المعرفة. ودعت الدراسة التي طرحها منتدى الرياض الاقتصادي للنقاش خلال جلسته أمس الخميس، وترأسها أحمد الحميدان نائب وزير العمل، نيابة عن وزير العمل، إلى تحقيق التوافق بين مخرجات التعليم والتدريب ومتطلبات سوق العمل بما يسهم في بناء مجتمع المعرفة، وطالبت بإعادة هيكلة الصيغ القانونية للمنشآت لبناء بيئة قادرة على التلاؤم مع متطلبات الاقتصاد الحديث، وبما يمكن من توليد مزيد من الفرص الوظيفية المناسبة والمستدامة للمواطنين. وأوصت كذلك بتخصيص الاستثمارات اللازمة لتنفيذ استراتيجية توليد الوظائف للمواطنين، ودعت لتعظيم الاستفادة من توسعة الحرمين الشريفين، وتطوير قطاع السياحة، بما يخدم هذا الهدف، إضافة إلى تنفيذ حزمة من السياسات التي تعزز ثقافة العمل الحر وإشاعة فكر الاستثمار المنتج. وذكرت الدراسة أن بمقدور الاقتصاد السعودي توليد وظائف للمواطنين خلال الخمس السنوات القادمة (2020-2016م ) بنحو 2.2 مليون وظيفة في حال استمرت عوامل النمو التي كانت سائدة خلال الفترة من 2009-2014م، غير أنها أبدت تحفظها على إمكانية الاستناد إلى نتائج النمو الاقتصادي خلال السنوات السابقة، ولا سيما أن اقتصاد المملكة جزء من الاقتصاد العالمي ويتأثر به لدرجة عالية. وتولى الدكتور فهد العمران رئيس الفريق المشرف على إعداد الدراسة، تقديم عرض وافٍ لها، فيما أعقبه المحاوران الرئيسان وهما الدكتور خالد بن عثمان اليحيى رئيس دار الخليج للاستشارات والدراسات التنموية، والدكتور خالد بن سليمان الخليوي المستشار الاقتصادي والمالي، بالتعليق على الدراسة. وذكر عارض الدراسة، أنها رصدت أوجه قوة الاقتصاد وما حققته المملكة من إنجازات بوأت اقتصادها ليحتل مكانة بين أقوى 20 اقتصاداً في العالم. كما عرضت الدراسة التناقض القائم بين قدرات الاقتصاد وبين الفرص الوظيفية المتاحة للمواطنين، وما خلفته سياسات التوظيف خلال عقود التنمية التي قادت إلى سيطرة العمالة الوافدة على وظائف القطاع الخاص بنسبة 85 في المائة، ورصدت بعض جوانب الخلل في سوق العمل السعودي المتمثلة أولاً في غلبة أعداد العمالة الوافدة (6.32 مليون وافد) على العمالة الوطنية (5.59 مليون مواطن). ويتمثل الخلل الثاني في ضخامة أعداد من هم خارج قوة العمل، البالغ 10.3 مليون عامل، أي بنسبة 46.4 في المائة من السكان بعمر 15 سنة فأكثر، منهم 8.232 مليون مواطن، مما يرفع نسبة الإعالة بين المواطنين إلى 1 لكل 2.7 فرد، ورصدت الدراسة الخلل الثالث في شيوع المنشآت الفردية متناهية الصغر في سوق العمل. وقالت إن عدد المنشآت متناهية الصغر بلغ 1.52 مليون منشأة عام 2013م حسب إحصاءات وزارة العمل، وتشكل 85.6 في المائة من إجمالي عدد منشآت القطاع الخاص، وتستوعب 16.3 في المائة من إجمالي العاملين في القطاع الخاص، 9 في المائة منهم فقط مواطنون، ما يعني وجود 1.32 مليون منشأة، تشكل 74 في المائة من إجمالي عدد المنشآت السعودية، لا يعمل بها أي مواطن ويعمل بها عامل وافد واحد بمفرده. وسجلت الدراسة اختلالات أخرى تتمثل في ضآلة عدد المشتغلات (87 في المائة ذكور من إجمالي المشتغلين والمشتغلات)، وتواضع وتدني المستوى التعليمي بنسبة عالية من العمالة (نسبة عدد الأميين ومن يقرأ ويكتب ومن وقف تعليمه عند مستوى الشهادة الابتدائية 34.2 في المائة من إجمالي قوة العمل الوافدة)، إضافة إلى التباينات الحادة في الدخل وبيئة سوق العمل (متوسط رواتب العاملين في القطاع الخاص عام 2013م يبلغ للوافدين 1.17 ريالً وللمواطنين 4.74 ريال). وتوقعت الدراسة ارتفاع نسبة المواطنين الداخلين لسوق العمل بمعدلات أسرع من معدل نمو السكان، بحيث سيدخل إلى سوق العمل خلال السنوات الخمس القادمة ما متوسطه السنوي 408 آلاف مواطن (بنسبة 34 في المائة من السكان السعوديين عام 2020م)، ورغم أن نسبتها إلى إجمالي السكان ستظل أقل من مثيلاتها في العالم، إلا أن ذلك يعني زيادة القوى العاملة بمقدار 2.08 مليون عامل خلال الفترة من 2015 – 2020، وبمتوسط سنوي 346 ألف عامل. ومع ذلك ستظل الغلبة عددياً لصالح قوة العمل الوافدة بنسبة 55 في المائة وللوطنية 45 في المائة، وقد يتعرض العدد الناتج عن الاستقراء الرياضي للزيادة نتيجة للتحول من خارج قوة العمل إلى داخلها بحيث يؤدي إلى مزيد من طلب المواطنين على الوظائف، وبالنسبة لإجمالي السكان خارج قوة العمل، فإن دلالات الاستقراء تشير إلى أن عددهم سيصل عام 2020م إلى 11.9 مليون نسمة يشكلون 34 في المائة من إجمالي السكان المقدر بنحو 34.89 مليون نسمة. كما توقعت الدراسة نمو فرص العمل التي سينتجها الاقتصاد الوطني خلال السنوات الخمس القادمة في ضوء ثلاثة سيناريوهات لمؤشرات الاقتصاد، أولها سيناريو أكثر تفاؤلاً معتمداً على توقعات الاستراتيجية بعيدة المدى التي يتوقع بالاستناد إليها أن يوجد الاقتصاد 5.74 مليون فرصة عمل خلال الفترة المشار إليها أي حتى نهاية عام 2020م منها 2.86 مليون فرصة عمل ستذهب للمواطنين و2.88 مليون فرصة عمل ستذهب للوافدين. وثاني السيناريوهات يتمثل في تفاؤل متوسط معتمداً على توقعات البنك الدولي "المتفائلة" ويتوقع وفق هذا السيناريو أن يوجد الاقتصاد 3.567 مليون فرصة عمل خلال السنوات الخمس القادمة، منها 1.66 مليون فرصة عمل ستذهب للمواطنين و1.9 مليون فرصة عمل ستذهب للوافدين، والثالث سيناريو أقل تفاؤلاً يعتمد على توقعات البنك الدولي "المتحفظة" ويتمثل في قدرة الاقتصاد على إنتاج 1.7 مليون فرصة عمل فقط خلال الفترة نفسها منها 750 ألف فرصة للمواطنين و887 ألفاً للوافدين. ورأت الدراسة إمكانية إيجاد فرص وظيفية مناسبة للمواطنين في قطاعات عديدة لا توفر حتى الآن البيئة الملائمة لهم، وذلك من خلال تطوير بيئة وشروط العمل للمواطنين العاملين فيها، وهي قطاعات البناء والتشييد والزراعة وتجارة الجملة والتجزئة والبالغ عددهم 646 ألف عامل، ورفع متوسط رواتبهم إلى خمسة آلاف ريال، ما يسهم في رفع قدرة الاقتصاد على إيجاد وظائف مناسبة ومستدامة إلى 363 ألف وظيفة كمتوسط سنوي خلال الفترة من 2016 – 2020م. واستعرضت الدراسة معايير اعتبار الوظيفة مناسبة أو غير مناسبة ومستدامة أو غير مستدامة تمهيداً لاحتسابها في كل نشاط، ووفق ذلك افترضت الدراسة أن يصل عدد المواطنين الذين يعملون في وظائف مقبولة منهم أي المناسبة والمستدامة للمواطنين عام 2020م ما مجموعه 7.1 مليون وظيفة.
مشاركة :