أوصت دراسة «تقييم قدرة الاقتصاد السعودي على توليد فرص عمل مناسبة ومستدامة للمواطنين» في ختام مناقشات المنتدى بتسريع وتيرة التصنيع والخدمات المتطورة وتوسيع مجالاتها كمحرك رئيسي لتوليد مزيد من فرص العمل للمواطنين، كما أوصت بتطوير مناهج التعليم لبناء مجتمع قائم على اقتصاد المعرفة. ودعت الدراسة التي طرحها المنتدى خلال جلسته امس والتي ترأسها نيابة عن وزير العمل، معالي نائب وزير العمل الأستاذ احمد بن صالح الحميدان - إلى تحقيق التوافق بين مخرجات التعليم والتدريب ومتطلبات سوق العمل بما يساهم في بناء مجتمع المعرفة، وطالبت بإعادة هيكلة الصيغ القانونية للمنشآت لبناء بيئة قادرة على التلاؤم مع متطلبات الاقتصاد الحديث، وبما يمكن من توليد مزيد من الفرص الوظيفية المناسبة والمستدامة للمواطنين. وذكرت الدراسة أن الاقتصاد السعودي قادر على توليد وظائف للمواطنين خلال الخمس سنوات القادمة ( 2016-2020م ) بنحو 2.2 مليون وظيفة في حال استمرت عوامل النمو التي كانت سائدة خلال الفترة من 2009- 2014م غير أنها أبدت تحفظها على إمكانية الاستناد إلى نتائج النمو الاقتصادي خلال السنوات السابقة، سيما وأن اقتصاد المملكة جزء من الاقتصاد العالمي ويتأثر به لدرجة عالية. وتولى الدكتور فهد العمران رئيس الفريق المشرف على الدراسة تقديم عرض وافٍ لها، فيما أعقبه المحاوران الرئيسيان وهما الدكتور خالد اليحيى رئيس دار الخليج للاستشارات والدراسات التنموية، والدكتور خالد الخليوي المستشار الاقتصادي والمالي، بالتعليق على الدراسة، وذكر العمران أن الدراسة رصدت أوجه قوة الاقتصاد وما حققته المملكة من إنجازات بوأت اقتصادها ليحتل مكانه بين أقوى 20 اقتصاداً في العالم. كما عرضت الدراسة التناقض القائم بين قدرات الاقتصاد وبين الفرص الوظيفية المتاحة للمواطنين، وما خلفته سياسات التوظيف خلال عقود التنمية التي قادت إلى سيطرة العمالة الوافدة على وظائف القطاع الخاص بنسبة 85%، ورصدت بعض جوانب الخلل في سوق العمل السعودي المتمثلة أولاً في غلبة أعداد العمالة الوافدة (6.321 مليون وافد) على العمالة الوطنية (5.592 مليون مواطن). ويتمثل الخلل الثاني في ضخامة أعداد من هم خارج قوة العمل، البالغ 10.3 ملايين عامل، أي بنسبة 46.4% من السكان بعمر 15 سنة فأكثر، منهم 8.232 مليون مواطن، مما يرفع نسبة الإعالة بين المواطنين إلى 1 لكل 2.7 فرد، ورصدت الدراسة الخلل الثالث في شيوع المنشآت الفردية متناهية الصغر في سوق العمل. وقالت إن عدد المنشآت متناهية الصغر بلغ 1.52 مليون منشأة عام 2013م حسب إحصاءات وزارة العمل، وتشكل 85.6% من إجمالي عدد منشآت القطاع الخاص، وتستوعب 16.3% من إجمالي العاملين في القطاع الخاص 9% منهم فقط مواطنون، ما يعني وجود 1.324 مليون منشأة، تشكل 74% من إجمالي عدد المنشآت السعودية، لا يعمل بها أي مواطن ويعمل بها عامل وافد واحد بمفرده. تباينات حادة في الدخل وبيئة سوق العمل وسجلت الدراسة اختلالات أخرى تتمثل في ضآلة عدد المشتغلات (87% ذكور من إجمالي المشتغلين والمشتغلات)، وتواضع وتدني المستوى التعليمي بنسبة عالية من العمالة (نسبة عدد الأميين ومن يقرأ ويكتب ومن وقف تعليمه عند مستوى الشهادة الابتدائية 34.2% من إجمالي قوة العمل الوافدة)، إضافة إلى التباينات الحادة في الدخل وبيئة سوق العمل (متوسط رواتب العاملين في القطاع الخاص عام 2013م يبلغ للوافدين 1,176 ريالاً وللمواطنين 4,748 ريالاً). وتوقعت الدراسة ارتفاع نسبة المواطنين الداخلين لسوق العمل بمعدلات أسرع من معدل نمو السكان، بحيث سيدخل إلى سوق العمل خلال السنوات الخمس القادمة ما متوسطه السنوي 408 آلاف مواطن (بنسبة 34% من السكان السعوديين عام 2020م)، ورغم أن نسبتها إلى إجمالي السكان ستظل أقل من مثيلاتها في العالم، إلا أن ذلك يعني زيادة القوى العاملة بمقدار 2.08 مليون عامل خلال الفترة من 2015 - 2020م، وبمتوسط سنوي 346 ألف عامل. ومع ذلك ستظل الغلبة عددياً لصالح قوة العمل الوافدة بنسبة 55% وللوطنية 45%، وقد يتعرض العدد الناتج عن الاستقراء الرياضي للزيادة نتيجة للتحول من خارج قوة العمل إلى داخلها بحيث يؤدي إلى مزيد من طلب المواطنين على الوظائف، وبالنسبة لإجمالي السكان خارج قوة العمل، فإن دلالات الاستقراء تشير إلى أن عددهم سيصل عام 2020م إلى 11.9 مليون نسمة يشكلون 34% من إجمالي السكان المقدر بنحو 34.899 مليون نسمة. فرص العمل وسيناريوهات مؤشرات الاقتصاد توقعت الدراسة نمو فرص العمل التي سينتجها الاقتصاد خلال السنوات الخمس القادمة في ضوء ثلاثة سيناريوهات لمؤشرات الاقتصاد، أولها سيناريو أكثر تفاؤلاً معتمداً على توقعات الإستراتيجية بعيدة المدى التي يتوقع بالاستناد إليها أن يخلق الاقتصاد 5.746 مليون فرصة عمل خلال الفترة المشار إليها أي حتى نهاية 2020م منها 2.864 مليون فرصة عمل ستذهب للمواطنين و2.882 مليون فرصة عمل ستذهب للوافدين. وثاني السيناريوهات يتمثل في تفاؤل متوسط معتمداً على توقعات البنك الدولي «المتفائلة» ويتوقع وفق هذا السيناريو أن يخلق الاقتصاد 3.567 مليون فرصة عمل خلال السنوات الخمس القادمة منها 1.665مليون فرصة للمواطنين و1.9 مليون فرصة للوافدين، والثالث سيناريو أقل تفاؤلاً يعتمد على توقعات البنك الدولي «المتحفظة» ويتمثل في قدرة الاقتصاد على إنتاج 1.7 مليون فرصة عمل فقط خلال الفترة نفسها منها 750 ألف فرصة للمواطنين و887 ألفاً للوافدين. ورأت الدراسة إمكانية خلق فرص وظيفية مناسبة للمواطنين في قطاعات عديدة لا توفر حتى الآن البيئة الملائمة لهم، وذلك من خلال تطوير بيئة وشروط العمل للمواطنين العاملين فيها وهي قطاعات البناء والتشييد والزراعة وتجارة الجملة والتجزئة والبالغ عددهم 646 ألف عامل، ورفع متوسط رواتبهم إلى 5 آلاف ريال، مما يسهم في رفع قدرة الاقتصاد على خلق وظائف مناسبة ومستدامة إلى 363 ألف وظيفة كمتوسط سنوي خلال الفترة من 2016 - 2020م. واستعرضت الدراسة معايير اعتبار الوظيفة مناسبة أو غير مناسبة ومستدامة أو غير مستدامة تمهيداً لاحتسابها في كل نشاط، ووفق ذلك افترضت الدراسة أن يصل عدد المواطنين الذين يعملون في وظائف مقبولة منهم أي المناسبة والمستدامة للمواطنين عام 2020م ما مجموعه 7.1 ملايين وظيفة. تحسين البيئة لصالح العمالة الوطنية وكانت مناقشات المشاركين ومداخلاتهم قد تطرقت إلى بعض الجوانب التي رأوا أهميتها في معالجة اختلالات سوق العمل، وتحسين البيئة لصالح العمالة الوطنية، مثل أهمية دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في استيعاب المواطنين والتي تمثل أكثر من 90% من إجمالي المنشآت التجارية بالمملكة، مؤكدين أن هذا النوع من المنشآت هو الموظف الأكبر في العالم، وقالوا علينا أن نبحث عن استراتيجية وآليات لتحويل 1.8 مليون منشأة من الاعتماد على العمالة الوافدة الرخيصة إلى العمالة السعودية. فيما طالب البعض برصد حجم خلل مخرجات التعليم في سوق العمل، وقالوا إن السوق تعاني من مشاكل تدني مستوى الإنتاجية والعمالة الرخيصة غير الماهرة، معتبرين أن هذه المشاكل تمثل «هماً» أكبر من البطالة نفسها.
مشاركة :