فنّد المتحدث الرسمي باسم الحكومة التونسية ووزير التشغيل والتكوين المهني نصرالدين النصيبي، الشائعات التي أطلقها أمين عام التيار الديمقراطي غازي الشواشي بشأن تقديم رئيسة الحكومة نجلاء بودن وأربعة وزراء استقالاتهم، محذرا من الانسياق وراءها باعتبارها تهدف إلى زعزعة الاستقرار في البلاد. وأكد النصيبي في مؤتمر صحافي بمناسبة إحياء ذكرى الجلاء الزراعي بمقر رئاسة الحكومة بالقصبة الخميس، إن ما جاء على لسان المسؤول الحزبي مجرّد إشاعات لا يجب الانسياق وراءها ووجب الحذر منها. وأضاف النصيبي أنّه "لو حصل شيء من هذا لتمّ إعلام الجميع به لأنّه أمر يهمّ الرأي العام والبلاد عموما"، مشيرا إلى أنّ "رئيسة الحكومة نجلاء بودن تمارس نشاطها بشكل عادي ومكثت مساء الأربعاء الحادي عشر من ماي 2022 في مكتبها إلى بعد منتصف الليل". وعبّر المتحدث باسم الحكومة عن أسفه لتداول البعض مثل هذه الإشاعات، لكونها تحدث نوعا من القلق لدى المواطن التونسي ويتم تلقفها دوليا. وفي وقت سابق الخميس، قال أمين عام حزب التيار الديمقراطي المعارض غازي الشواشي في تصريحات إعلامية إن بودن قدمت استقالتها منذ أيام لرئيس الجمهورية قيس سعيّد، وإن سعيّد لم يفعّلها إلى حد الآن، كما تحدّث عن وجود "معارك في الكواليس على خلافتها". وتعتبر أوساط سياسية في تونس أن إثارة معارضي الرئيس سعيّد لخلافات وهمية، وترويج مزاعم مغلوطة، إنما هي محاولة إرباك مسار الحكومة، لاسيما بعد النجاحات التي حققتها في تسوية عدة ملفات في الآونة الأخيرة، من بينها سداد الديون الداخلية والخارجية للبلاد. وتشير هذه الأوساط إلى أن ترويج مثل هذه الأخبار المغلوطة في وقت تواجه تونس أزمات مالية واقتصادية وتسعى الحكومة إلى إيجاد مخارج ومنافذ من تلك الأزمات، يكشف أن المعارضة وبعد فشلها في تحشيد الشارع، وبعد ثبوت ضعف وزنها وشعبيتها لجأت إلى التسويق لأزمات وهمية من أجل محاولة زعزعة الاستقرار، والتشكيك في المسار الذي اتخذه الرئيس التونسي قيس سعيّد منذ الخامس والعشرين من يوليو الماضي. وترى ذات الأوساط أن خصوم الرئيس سعيّد، وخاصة حركة النهضة الإسلامية، يسعون من خلال فرضهم معارك هامشية إلى تعطيل خارطة الطريق التي أعلن عنها، والتي تضبط أهم مفاصل الانتقال السياسي الجديد، وعلى رأسها الاستشارة الوطنية التي تمت في مارس، ثم الاستفتاء المقرر في يوليو القادم، وأخيرا الانتخابات المقررة في السابع عشر من ديسمبر، وهي الانتخابات التي ستقطع بشكل بات مع البرلمان المنحل وتضفي الشرعية على المرحلة الجديدة. وعيّن الرئيس التونسي ليل الاثنين - الثلاثاء أعضاء جددا في الهيئة المستقلة للانتخابات التي سيرأسها فاروق بوعسكر، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الهيئة المنحلة نبيل بوفون. كما عُين العروسي المنصري وسامي بن سلامة في الهيئة الجديدة، وهما مسؤولان في هيئات انتخابية قديمة. كما يعتزم الرئيس سعيّد أيضا تغيير القانون الانتخابي ونظام الاقتراع ليصبح اقتراعا على الأفراد بدلا من القوائم، وذلك من بين إصلاحات أخرى ستعرض على الاستفتاء الشعبي في يوليو المقبل. وفي المقابل تواصل قوى المعارضة، وفي مقدمتها حركة النهضة، محاولات استفزاز الرئيس سعيّد، خاصة في ظل اقتراب الاستحقاقات المقبلة التي من المرتقب أن يتم فيها عزل الأطراف السياسية التي قادت مرحلة ما قبل الخامس والعشرين من يوليو. وأعلن رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي أن المعارضة لن تشارك في استفتاء الرئيس قيس سعيّد، في ظل الوضع الراهن بالبلاد. وقال الغنوشي، رئيس البرلمان المنحل، الأربعاء في مقابلة مع قناة "تي.آر.تي عربي" التركية، إنّ موقف الحركة "يندرج ضمن موقف وطني جبهوي هو الآن بصدد التشكل". وزعم أن "استفتاء سعيّد مندرج ضمن مشروع كامل لوضع اليد على كل السلطات، وهو مناقض لجوهر الديمقراطية والدستور". ورأى أنّ "تعيين هيئة جديدة للانتخابات من قبل سعيّد يعد خطوة تبعت خطوات سابقة لتفكيك مؤسسات الدولة من قبل سعيّد، بدءا من مجلس القضاء وصولا إلى الهيئة المستقلة للانتخابات". ويأتي ذلك في وقت أعلن فيه الرئيس سعيّد عن حوار وطني وعن لجنة ستتولى صياغة الإصلاحات السياسية والدستورية، المقرر طرحها على استفتاء شعبي في الخامس والعشرين من يوليو المقبل، في سياق التأسيس لـ"الجمهورية الجديدة". وثمنت عدة قوى سياسية هذا الإعلان، حيث اعتبرت حركة الشعب (ناصرية قومية) ليل السبت أن "أحد ضمانات انتصار مسار الخامس والعشرين من يوليو ضرورة توفير شروط نجاحه، على ألا يكون شكليا ومتسرّعا لضمان تحقيق أهدافه". ومساء الأربعاء استقبل الرئيس سعيّد رئيسة الحكومة بقصر قرطاج، وتناول اللقاء جملة من المسائل المتعلقة بسير المرافق العمومية وبجدول أعمال مجلس الوزراء القادم. وجدد الرئيس تأكيد حرصه على ألا تكون التوازنات المالية على حساب الفقراء، بل يجب الأخذ في الاعتبار أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، وشدد على ضرورة وضع حد لظاهرة الاحتكار المسبب الرئيسي الذي أدى إلى أزمات في التزود بعدد من المواد الغذائية.
مشاركة :