حذّر الكرملين من انضمام فنلندا المجاورة إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، معتبرا أن هذه الخطوة ستشكل "بالتأكيد" تهديدا لروسيا، بعدما أيّدت القيادة في هلسنكي تقديم طلب للترشح إلى عضوية الحلف العسكري الغربي. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين الخميس إن "توسيع الناتو واقتراب الحلف من حدودنا لا يجعل العالم وقارتنا أكثر استقرارا وأمنا". وفي ردّه على سؤال عمّا إذا كانت موسكو ترى في الخطوة تهديدا، قال "بالتأكيد". وأضاف "سيتوقف كل شيء على كيفية سير هذه العملية، وإلى أي حد ستتحرّك البنى التحتية العسكرية باتّجاه حدودنا". ولم تمر دقائق على إعلان الكرملين خطورة الأمر، حتى خرج الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ مرحبا بقرار قادة فنلندا تأييد الانضمام إلى الحلف، مشيرا إلى أن العملية ستكون "سلسلة وسريعة". كما أشاد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بالإعلان "التاريخي" لقادة فنلندا عن دعمهم للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، ووصفه بالدفعة القوية للأمن الأوروبي. وقال في تغريدة "وحدة وتضامن الناتو والاتحاد الأوروبي لم تكن مطلقا أكثر قربا". وأضاف "في ظل شن روسيا للحرب في أوكرانيا، تعد هذه إشارة قوية للردع". ورحبت رئيسة وزراء الدنمارك ميت فريدريكسن بإعلان قيادة فنلندا، وقالت في تغريدة الخميس "ترحب الدنمارك بالطبع بفنلندا في حلف الناتو". وأضافت أن انضمام فنلندا إلى الناتو سوف يعزز الحلف والأمن المشترك، مشيرة إلى أن الدنمارك سوف تبذل قصارى جهدها لضمان عملية انضمام سريعة بمجرد التقدم بطلب رسمي للانضمام إلى عضوية الحلف. وقبل ساعات، أعلن الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو ورئيسة الوزراء سانا مارين تأييدهما لفكرة انضمام البلاد إلى الناتو، على خلفية العملية العسكرية الروسية المتواصلة في أوكرانيا. وقالا في بيان مشترك إن "عضوية الناتو ستعزز أمن فنلندا وبانضمامها إلى الناتو، ستزيد فنلندا من قوة التحالف الدفاعي برمته". لافتين إلى أن القرار الرسمي سيصدر الأحد المقبل. ولطالما لعب نينيستو دور الوسيط بين روسيا والغرب. وأضاف البيان أن لجنة خاصة ستعلن قرار فنلندا الرسمي بشأن مسألة تقديم ترشيحها لعضوية الناتو الأحد. وكان من المتوقع أن يعلن الرئيس ورئيسة الوزراء عن موقف إيجابي من الانضمام إلى الناتو. وقال نينيستو للصحافيين الأربعاء إن "الانضمام إلى الناتو لن يكون ضد أحد"، وسط تحذيرات روسية من عواقب سعي هلسنكي للانضمام إلى التحالف العسكري الغربي. وأضاف أن ردّه على روسيا سيكون "أنتم تسببتم في ذلك". التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا دفع فنلندا والسويد للتفكير في الانضمام للناتو التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا دفع فنلندا والسويد للتفكير في الانضمام للناتو وفي ظل التوتر بين الغرب وروسيا في يناير، قالت مارين إنها "تستبعد إلى حد بعيد" أن تقدّم هلسنكي طلب ترشحها لعضوية الناتو، خلال ولايتها الحالية التي تنتهي في أبريل 2023. لكن بعدما غزت جارتها الشرقية أوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير، تحوّل الرأيان العام والسياسي في فنلندا بشكل كبير ليصبحا مؤيّدين للعضوية، لردع أي عدوان روسي. وأظهر استطلاع للرأي نشرته شبكة "يلي" Yle الفنلندية للبث الاثنين أن نسبة قياسية من الفنلنديين (76 في المئة) باتت تؤيد الانضمام إلى الحلف، مقارنة بما بين 20 و30 في المئة في السنوات الأخيرة. وتتشارك فنلندا حدودا يبلغ طولها 1300 كلم مع روسيا، والتزمت عدم الانحياز العسكري على مدى عقود. وعام 1939، غزاها الاتحاد السوفيتي. وقاوم الفنلنديون بشراسة خلال حرب الشتاء الدامية، لكنهم أجبروا نهاية المطاف على التخلي عن جزء كبير من منطقة كاريليا (شرق) في إطار معاهدة سلام مع موسكو. وقالت الخبيرة في الناتو لدى جامعة هلسنكي إيرو ساركا قبل صدور الإعلان إن نينيستو، الذي تجنّب الكشف عن موقفه من العضوية، ألمح مرارا إلى أنه يميل باتّجاه دعم تقديم طلب الترشح. ولفتت إلى أن "الرئيس لم يعد يتحدّث عن خيار دفاع الاتحاد الأوروبي أو دور فنلندا كوسيط بين الشرق والغرب". والأربعاء، خلصت لجنة الدفاع البرلمانية إلى أن عضوية الناتو ستكون "الخيار الأفضل" لأمن فنلندا، بينما انعكس الغزو الروسي على الوضع الأمني في أوروبا. ويدعم غالبية أعضاء البرلمان الفنلندي العضوية. وقال الباحث لدى "المعهد الفنلندي للشؤون الدولية" تشارلي سالونيوس - باستيرناك لفرانس برس "من المؤكد مئة في المئة أن فنلندا ستتقدم بالطلب، ويرجّح إلى حد كبير أن تصبح عضوا بحلول نهاية العام". وتدرس السويد المجاورة أيضا عضوية الناتو، ويتوقع إلى حد كبير بأن يقدّم البلدان معا طلبا للانضمام. وبالنسبة إلى فنلندا، فإن الخطوة التالية ستتمثّل بعقد اجتماع الأحد بين الرئيس ولجنة وزارية معنية بالسياسة الخارجية والأمنية، وهي هيئة مكوّنة من الرئيس ورئيسة الوزراء ونحو ستة وزراء في الحكومة. وستتخذ اللجنة القرار الرسمي بشأن تقديم فنلندا طلب الترشح للعضوية، في مقترح يتم عرضه بعد ذلك على البرلمان. وبعد تقديم الطلب الرسمي إلى الحلف، سيتعيّن على نواب جميع الدول الثلاثين الأعضاء في الناتو المصادقة عليه، في عملية قد تستغرق شهورا. وقال وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو الثلاثاء إنه يعتقد أن بلاده ستصبح عضوا كاملا في الحلف الأطلسي في موعد "أقربه" الأول من أكتوبر. وأضاف "قال الأمين العام للناتو إن هذه العملية ستستغرق ما بين أربعة واثني عشر شهرا. انطباعي هو بأن المدة قد تكون أقرب إلى أربعة أشهر منها إلى سنة".
مشاركة :