ألقى الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي كلمةً في افتتاح أعمال ورشة العمل الثانية "عن بُعد" حول تحسين كفاءة إدارة الدين العام في الدول العربية التي تنعقد على مستوى المدراء وكبار المسؤولين المعنيين بقضايا الدين العام، بمشاركة ممثلين عن وزارات المالية ومراكز الدين العام في الدول العربية، التي يأتي تنظيمها في إطار حرص صندوق النقد العربي على دعم جهود السلطات في الدول العربية في الارتقاء بسياسات إدارة المديونية العامة. وأكد في الكلمة أن جائحة كورونا والتطورات الدولية الراهنة، أبرزت أهمية تمتع الاقتصادات العالمية بالمرونة الكافية لمواجهة الصدمات الاقتصادية أياً كان مصدرها، وضرورة تبني السياسات الاقتصادية المناسبة التي تستهدف توسيع حيز السياسات المتاح أمام الحكومات لمواجهة ظروف عدم اليقين والمخاطر التي تفرضها الأزمات المختلفة، مشيراً في هذا الإطار إلى تداعيات التطورات الراهنة التي زادت من حدة تداعيات الجائحة من خلال ما أدت اليه من ارتفاع في مستويات أسعار الغذاء، والمواد الخام، والطاقة على المستوى العالمي، وزيادة الضغوط على سلاسل الإمداد العالمية التي لم تكن قد تعافت بعد من تداعيات جائحة كورونا. وبيّن أن الدين العام على مستوى الدول العربية، قد شهد ارتفاعا نسبياً ملموساً بسبب إستمرار إرتفاع مستويات العجز المالي على خلفية تداعيات الظروف الخارجية غير المواتية، وتباطؤ عملية ضبط أوضاع المالية العامة، وتقلبات النمو الاقتصادي، إضافة إلى التحديات التي شهدتها الأوضاع المالية بسبب تداعيات الجائحة والحزم التحفيزية التي تبنتها السلطات في الدول العربية، مشيراً في هذا الصدد إلى قيام الدول العربية بتبني حزم تحفيزية تناهز 396 مليار دولار أمريكي حتى نهاية مارس 2022، منوهاً بوصول الدين العام الإجمالي العالمي بنهاية عام 2021 إلى نحو 303 تريليون دولار أمريكي تمثل نحو 351 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهي مستويات غير مسبوقة. في نفس الإطار، بين أن ارتفاع مستويات المديونية في عدد من الدول العربية، يمثل تحدياً أمام صناع السياسات، مبيّناً أن المستويات المرتفعة من المديونية تحد من قدرة حكومات هذه الدول على توفير موارد إضافية داعمة للنشاط الاقتصادي ومعززة للتعافي من التداعيات الناتجة عن الجائحة، مشيراً أن الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية المقترضة بلغ نحو 108 في المائة بنهاية عام 2021، بمبلغ يصل إلى نحو 756 مليار دولار أمريكي. في نفس السياق، أكد الحميدي أن إرتفاع مستوى الدين العام، يفرض تحديات على السلطات في الدول العربية مع تزايد المخاطر المرتبطة به نتيجة إرتفاع حجم احتياجات تمويل الموازنة ومتطلبات التمويل الخارجي، مبيّناً أن مواجهة هذه المخاطر وتداعياتها، تتطلب إلى جانب الإستمرار في سياسات الضبط المالي والإصلاحات الداعمة للنمو، تعزيز قدرات الدول في مجال إدارة الدين العام وتعزيز الأطر الإحترازية الكلية، وترتكز على وجود سياسات سليمة على صعيد الاقتصاد الكلي وفي القطاع المالي، لتعزيز إستدامة مستوى الدين العام واحتواء معدل نموه، منوهاً بأهمية تطوير أسواق التمويل المحلية في الدول العربية، لتوفير قنوات تمويل مُستدامة مع تخفيض تكلفة الإصدار.
مشاركة :