تحقيق إخباري: أمريكيون من أصل إفريقي يتأملون في التأثير غير المتناسب لجائحة كوفيد-19 "السريالية"

  • 5/13/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لم يتوقع جريج باورز أبدا أن يشهد أزمة صحية عامة كبيرة مثل جائحة كوفيد-19. وقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) وهو يصف إحساسه بمعاصرتها "إنها محيرة للعقل تماما". وأضاف "إنها سريالية". لقد أودت الجائحة، التي تحدث مرة واحدة في القرن، بشكل لا يمكن تصوره بحياة مليون شخص من بين أكثر من 82 مليون إصابة في الولايات المتحدة على مدار العامين الماضيين أو نحو ذلك، وغيرت الأمة -- وبقية العالم -- بدرجات متفاوتة. بالنسبة إلى باورز، وهو مهندس صوت أمريكي من أصل إفريقي يعيش مع عائلته في مقاطعة أرلينغتون بولاية فيرجينيا على الساحل الشرقي، لم يكن هناك نقص في التحديات لأن معظم مهامه تحتاج إلى العمل في الاستوديوهات -- مما يضره إلى الانتقال بين المنزل ومكان العمل، وهو ما يعرضه لمخاطر أكبر للإصابة بالفيروس. ولحماية نفسه ومن حوله أيضا، يرتدي باورز الكمامة أينما ذهب، على الرغم من أن معظم الأمريكيين لم يعودوا مطالبين بارتدائها في الداخل بالأماكن العامة. إلى جانب ذلك، في السنة الأولى من الجائحة، كان باورز يرتدي القفازات يوميا في العمل عند لمس المعدات. كما كان يفضل هو وزوجته الذهاب إلى الصيدلية أو محل البقالة في وقت متأخر من الليل أو في الصباح الباكر لتجنب الاختلاط بالحشود قدر الإمكان. "لم أصب بكوفيد على الرغم من أنه لا يزال قائما"، هكذا تحدث باورز عن تدابيره الوقائية، مضيفا "ليس لدي حقا أي أمراض جسدية ... لدي أحباء أصيبوا به. لهذا فهو وضع أريد أن أكون فيه آمنا قدر الإمكان، وسأحافظ على سلامة عائلتي". وذكر باورز، الذي حصل على التطعيم كاملا وكذلك على الجرعة المعززة، أن حقيقة وجود تردد واضح بين مجتمع الأمريكيين من أصل إفريقي تجاه اللقاحات يرجع جزئيا إلى سجل واشنطن سيئ السمعة في استخدامهم لإجراء تجارب طبية. وأشار باورز بشكل خاص إلى "تجربة توسكيجي" سيئة السمعة التي بدأت في عام 1932، حيث قام أطباء من خدمة الصحة العامة الأمريكية بتجنيد مئات الأمريكيين من أصل إفريقي لإجراء دراسة لتتبع التقدم الكامل لمرض الزهري دون رعاية فعالة. وفي عام 1997، أصدر البيت الأبيض اعتذارا رئاسيا رسميا عن هذه الدراسة التي انتهت في السبعينيات. وأعرب باورز عن استنكاره لذلك قائلا "لقد استخدموا الناس بشكل أساسي كخنازير غينيا"، مضيفا "هناك الكثير من عدم الثقة". وعلى الرغم من أن باورز قال إنه يعتقد أن معظم الأمريكيين من أصل إفريقي "تجاوزوا ذلك" وحاولوا الحصول على التطعيم وسط هذه الجائحة، إلا أنه سيظل يشعر "بالأمان نسبيا" إذا رأى "مجموعة كاملة من الأشخاص المختلفين من أعراق وثقافات مختلفة" وهم يصطفون للتطعيم. لقد ساهم التردد في أخذ اللقاح، إلى جانب التوزيع غير المتكافئ للرعاية الصحية وغيرها من الموارد، في التأثير غير المتناسب للجائحة على الأمريكيين من أصل إفريقي الذين هم أكثر عرضة للمعاناة من مشكلات صحية موجودة مسبقا مثل السمنة والسكري، والذين يعملون "كعمال أساسيين" ولكن احتمالية عدم تغطية التأمين لهم أكبر من البيض في البلاد. في واشنطن العاصمة، الواقعة على الجانب الآخر من نهر بوتوماك من مقاطعة أرلينغتون، يمثل الأمريكيون من أصل إفريقي ما يقرب من نصف السكان، ولكنهم يمثلون قرابة أربعة من كل خمس حالات وفاة مرتبطة بكوفيد-19 في العاصمة الأمريكية. وفي الأشهر القليلة الأولى من طرح اللقاحات في الولايات المتحدة، تلقى الأمريكيون من أصل إفريقي جرعات بمعدل أقل بكثير من أقرانهم البيض. كتب رشوان راي، الزميل الأقدم بمعهد بروكينغز، في تحليل نُشر في أبريل 2020 يقول "نعم، لقد تم دمج عدم المساواة العرقية في وصفة إنشاء الولايات المتحدة الأمريكية". وحذر راي، وهو أمريكي من أصل إفريقي، من أن "عدم المساواة في موارد الأحياء السكنية ونظام الرعاية الصحية تشكل مظهرا من مظاهر هذه الوصفة"، مضيفا "وعندما تحدث أزمات مثل جائحة كوفيد-19، تتفاقم أوجه عدم المساواة بدلا من أن تتضاءل". وتبدو أوجه التفاوت أكثر وضوحا في بعض مناطق الضواحي بالبلاد. فقد قالت بري هارتفيلد، التي ولدت وترعرعت في بومونت بولاية ميسيسيبي، لـ((شينخوا)) إنه لا توجد سوى "ممرضة ممارسة واحدة ولكن لا يوجد طبيب ضمن طاقم الموظفين" في البلدة الصغيرة حيث شهدت "الكثير من الوفيات والكثير من المآسي" طوال فترة الجائحة. وأشارت هارتفيلد إلى أن "الأمريكيين من أصل إفريقي يصابون بالأمراض بطرق مختلفة بسبب نقص الموارد ونقص فرص الحصول على الموارد"، حيث عزت هذه الظاهرة إلى "عدم المساواة في توزيع الموارد" والافتقار إلى القيادة الجيدة. وقالت "لذا فإن المساواة في توزيع الموارد هي ما سنحتاج إلى تنفيذه، خاصة في البلدات الصغيرة حيث أعتقد أن المال لا يصل". لقد أصبحت الجائحة بالفعل في مرتبة متأخرة في الولايات المتحدة بسبب ارتفاع معدل التضخم والأزمة الأوكرانية، حيث رفعت الولايات والمدن القيود التي فرضت لمكافحة الجائحة. لكن باورز ما زال يعتبرها قضية "تأتي في الصدارة" بالنسبة له وتمثل "وضعا صعبا"، لأنه "لا يزال هناك أشخاص تأتي نتائج فحوصهم إيجابية". وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أمر يوم الخميس بتنكيس الأعلام لإحياء ذكرى وفاة مليون أمريكي بكوفيد-19. وقال بايدن في بيان "اليوم، نشهد معلما مأساويا: مليون أمريكي فقدوا أرواحهم بسبب كوفيد-19"، مضيفا "مليون كرسي فارغ حول مائدة العشاء، كل منها خسارة لا يمكن تعويضها". تتزايد حالات الإصابة ودخول المستشفيات بكوفيد-19 في الولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن يتم مجددا تسجيل حالات وفاة جديدة ذات الصلة في الأسابيع المقبلة، وفقا لما ذكرته مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. وقال كبير خبراء الأمراض المعدية الأمريكية وكبير المستشارين الطبيين في البيت الأبيض أنتوني فاوتشي مؤخرا "ما زلنا في منتصف جائحة، بالتأكيد - ليس هناك أي لبس في ذلك". وكتب توم فريدن، مدير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها سابقا وعالم الأوبئة في الولايات المتحدة، في تغريدة يوم الخميس يقول "لم يكن على كوفيد قتل معظم الذين ماتوا بسببه"، لافتا إلى أن "ما لا يقل عن نصف الوفيات بكوفيد في الولايات المتحدة في عام 2020 كان من الممكن تجنبها من خلال اتخاذ إجراءات صحية عامة أفضل، وأكثر من نصف الوفيات بالمرض في عام 2021 كان من الممكن تجنبها من خلال الجرعات المعززة من التطعيم. يمكننا إنقاذ الأرواح من خلال اتخاذ إجراءات وقائية معقولة". وفي معرض حديثها عن خسارة البلاد لأكثر من مليون شخص بسبب الجائحة، قالت هارتفيلد إنه "رقم فلكي" وإنه "أمر فظيع". وأضافت "أتمنى كل الخير لتلك العائلات". لكنني أعتقد أن هذه فرصة للتفكير في الأشياء التي يمكننا القيام بها بشكل أفضل كدولة".

مشاركة :