شيع مئات الفلسطينيين اليوم (الجمعة) جثمان الصحفية الفلسطينية في قناة (الجزيرة) القطرية شيرين أبو عاقلة إلى مثواها الأخير في مقبرة "جبل صهيون" جنوب مدينة القدس وسط صدامات مع الشرطة الإسرائيلية. وأدى المشيعون الصلاة على جثمان شيرين التي تعتنق الديانة المسيحية في كنيسة "الروم الكاثوليك" ومن ثم جرى نقله إلى مقبرة "صهيون" حيث دفنت إلى جوار قبر والديها. وقرعت كنائس القدس أجراسها بالتزامن مع تشييع الجثمان في حادثة هي الأولى منذ أعوام، في وقت شهدت فيه شوارع المدينة انتشارا كبيرا لعناصر الشرطة الذين نصبوا الحواجز العسكرية في الطرق المؤدية إلى المقبرة، وسط تحليق للمروحيات العسكرية، بحسب مصادر فلسطينية. وقالت المصادر إن الشرطة الإسرائيلية "قمعت" المشيعين الذين رددوا هتافات غاضبة ومنددة بـ"جريمة" مقتل شيرين أبو عاقلة ورفعوا الأعلام الفلسطينية وصورها لحظة خروج جثمانها من المستشفى "الفرنسي" بالمدينة المقدسة. وأضافت المصادر أن الشرطة أغلقت الطرق المؤدية إلى المستشفى وصادرت الأعلام الفلسطينية التي رفعها المشيعون ومنعت المئات منهم من مغادرة المكان واللحاق بموكب التشييع قبل أن تقوم بإطلاق قنابل الصوت والمياه العادمة باتجاههم. وقالت جمعية الهلال الأحمر في القدس في بيان، إن عشرات الفلسطينيين أصيبوا في محيط المستشفى بعد محاولة الشرطة الإسرائيلية تفريق الحضور لجنازة شيرين أبو عاقلة مستخدمة قنابل الصوت. وأظهرت مقاطع نشرت على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) دخول عناصر الشرطة الإسرائيلية إلى داخل المستشفى ومنع خروج الجنازة واندلاع مواجهات بالأيدي بين المشيعين وعناصر الشرطة. من جهتها قالت الشرطة الإسرائيلية في بيان، إن عناصرها استعدوا للجنازة بقوات كبيرة بما في ذلك إجراء حوار أولي مع أفراد عائلة شيرين أبو عاقلة للتنسيق في جميع الجوانب المتعلقة بإقامة الجنازة بشكل قانوني. وذكر البيان أن المئات من المشاركين في الجنازة "أخلوا بالنظام العام" حتى قبل البدء بالجنازة، مشيرا إلى أن ضباط الشرطة المتواجدين في المكان حذروا المشاركين في الجنازة قبل اتخاذ إجراءات الإنفاذ. وأوضح البيان أنه قبيل خروج الجثمان من المستشفى تم إلقاء الحجارة باتجاه أفراد الشرطة من ساحة المستشفى الفرنسي واضطر أفراد الشرطة للعمل من أجل تفريق المتظاهرين. وقال مسؤولون فلسطينيون إن جنازة شيرين أبو عاقلة لم تشهدها مدينة القدس التي أعلنت الحداد وأغلقت المحال التجارية فيها، منذ وفاة المسؤول الفلسطيني فيصل الحسيني عام 2001. وقتلت الصحفية الفلسطينية في قناة (الجزيرة) القطرية شيرين أبو عاقلة، برصاصة حية في الرأس أول أمس الأربعاء خلال تغطيتها عملية اقتحام للجيش الإسرائيلي في مخيم جنين في شمال الضفة الغربية. واتهمت شبكة (الجزيرة) والفلسطينيون الجيش الإسرائيلي بقتل شيرين التي كانت ترتدي سترة الصحافة والخوذة على رأسها أثناء استهدافها، فيما رجحت إسرائيل مقتلها بنيران مسلحين فلسطينيين، داعية إلى إجراء تحقيق شامل. وأقيمت مراسم وداع مهيبة لشيرين أبو عاقلة، أمس الخميس في مقر الرئاسة وسط مدينة رام الله بمشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي قرر منح الراحلة وسام "نجمة القدس". ولاقت حادثة مقتل مراسلة قناة (الجزيرة) تنديدا فلسطينيا وعربيا ودوليا واسعا. وشيرين أبو عاقلة التي ولدت في العام 1971 في القدس، يعود أصلها إلي مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية وتنتمي إلى عائلة مسيحية حيث أنهت دراستها الثانوية في مدرسة "راهبات الوردية" في بلدتها "بيت حنينا". ودرست شيرين عقب حصولها على الثانوية العامة الهندسة المعمارية في جامعة "العلوم والتكنولوجيا الأردنية، لكنها انتقلت إلى دراسة تخصص الصحافة المكتوبة، وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة "اليرموك" في الأردن. وعادت بعد التخرج إلى فلسطين وعملت في عدة مواقع مثل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وإذاعة صوت فلسطين الرسمية، ولاحقا انتقلت للعمل مع قناة (الجزيرة) في العام 1997 حتى مقتلها. وبمقتل شيرين أبو عاقلة التي تحمل الجنسية الأمريكية، يرتفع عدد الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي إلى 55 صحفيا منذ العام 2000، بحسب نقابة الصحفيين الفلسطينيين.■
مشاركة :