القدس - نددت الأسرة الدولية بهجوم الشرطة الإسرائيلية الجمعة على موكب تشييع شيرين أبو عاقلة في القدس، ما كاد يتسبب بسقوط نعش الصحافية الفلسطينية أرضا حين قام عناصر الأمن بضرب حامليه. وشارك آلاف الفلسطينيين في تشييع الصحافية الفلسطينية الأميركية في قناة الجزيرة التي دخلت بيوت وقلوب الفلسطينيين والعرب، وقتلت الأربعاء برصاصة في جنين بالضفة الغربية المحتلة لدى تغطيتها عملية عسكرية إسرائيلية، وفيما كانت ترتدي سترة واقية من الرصاص عليها شعار "صحافة" وخوذة واقية. وعند إخراج النعش من المستشفى الفرنسي في القدس الشرقية، اقتحمت الشرطة باحة المستشفى وحاولت تفريق حشد كان يرفع أعلاما فلسطينية. وكاد نعش الصحافية يسقط أرضا عندما انهال عناصر الشرطة على حامليه بالضرب بالهراوات، قبل أن يتمّ تقويمه ورفعه في اللحظة الأخيرة، وفق مشاهد نقلتها المحطات التلفزيونية المحلية. وأعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن "انزعاج عميق لمشاهد مهاجمة الشرطة الإسرائيلية الموكب الجنائزي". كما أبدى البيت الأبيض الجمعة "انزعاجه" وقالت المتحدّثة باسمه جين ساكي "نأسف للتدخّل في ما كان ينبغي أن تكون جنازة هادئة". من جهته دان الاتحاد الأوروبي "استخدام العنف بشكل غير متناسب والتصرف الذي ينم عن عدم احترام من جانب الشرطة الإسرائيلية تجاه المشاركين في موكب التشييع". وأعربت القنصلية الفرنسية في القدس عن "صدمتها الشديدة" حيال "العنف الذي استخدمته الشرطة"، فيما أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "انزعاجه الكبير". تنديد أممي بقتل الصحافية وأعلنت قطر في بيان أن "سلطات الاحتلال لم تكتفِ بقتل شيرين بدم بارد أثناء أداء واجبها، بل استمرت في إرهاب المدنيين والمشاركين في الجنازة حتى مثواها الأخير". وبحسب فيديو بثته الشرطة الإسرائيلية، هتف شرطي عبر مكبر الصوت باتجاه الحشد في باحة المستشفى "إذا لم توقفوا هذه الهتافات الوطنيّة، سنضطرّ إلى تفريقكم بالقوة وسنمنع الجنازة". وأفادت الشرطة في بيان أن "مثيري شغب منعوا أفراد العائلة من وضع النعش في السيارة للتوجه إلى المدفن مثلما تم الاتفاق مع العائلة"، مضيفة أن "الحشد رفض إعادة النعش إلى السيارة وتدخلت الشرطة لمنعهم من حمله. وخلال البلبلة التي أثارها الحشد تم إلقاء زجاجات ومقذوفات أخرى". وأعقبت تدخل القوات الإسرائيلية مواجهات بين فلسطينيين والقوى الأمنية الإسرائيلية ما أدى الى إصابة 33 شخصا بجروح، وفق الهلال الأحمر الفلسطيني. فيما ذكرت الشرطة الإسرائيلية أنها اعتقلت ستة أشخاص. ونقل النعش أخيرًا إلى البلدة القديمة حيث أُقيمت مراسم دفن أبو عاقلة (51 عامًا)، في كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك التي ازدحمت بالمشيعين، قبل أن تسير الحشود خلف النعش إلى مقبرة جبل صهيون حيث ووريت الصحافية الثرى قرب البلدة القديمة. ودان مجلس الأمن الدولي "بشدة" الجمعة مقتل الصحافيّة، في بيان صدر بالإجماع، ما يمثل حالة نادرة لوحدة المجلس بشأن قضيّة تتعلق بإسرائيل. ودعا البيان إلى "تحقيق فوري وشامل وشفّاف وحيادي" في مقتل أبو عاقلة، مشددا على "ضرورة ضمان محاسبة" المسؤولين. مصدر إطلاق النار واتهمت السلطة الفلسطينية وقناة الجزيرة وحكومة قطر الجيش الإسرائيلي بقتل الصحافية. وبعدما اعتبر الجيش الإسرائيلي الجمعة أن الصحافية قد تكون قتلت بنيران فلسطينية، ذكر لاحقا أنه لا يستبعد أن يكون أحد جنوده قد أطلق النار. وأعلنت النيابة العامة الفلسطينية في رام الله مساء الجمعة في بيان أن "التحقيقات الأولية خلصت إلى أن مصدر إطلاق النار الوحيد في مكان الجريمة كان من قوات الاحتلال لحظة إصابة شيرين أبو عاقلة". وأشار البيان إلى "تعمّد قوات الاحتلال ارتكاب جريمتهم، إذ تبين من خلال إجراءات الكشف والمعاينة لمسرح الجريمة وجود آثار وعلامات حديثة ومتقاربة على الشجرة التي أصيبت قربها شيرين ناتجة عن إطلاق النار بشكلٍ مباشر". وتطالب إسرائيل بتسليمها الرصاصة التي أصابت أبو عاقلة لتحليلها. لكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفض الخميس فتح تحقيق مشترك محمّلاً السلطات الإسرائيلية "المسؤولية الكاملة" عن مقتل الصحافية. وكتب المسؤول في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ على تويتر السبت "نرحب بمشاركة كافة الهيئات الدولية في التحقيق في اغتيال شيرين أبو عاقلة. ... ما حدث خلال الجنازة ... يعزز موقفنا الرافض لمشاركة إسرائيل في التحقيق". وخلال تشييع أبو عاقلة اندلعت اشتباكات جديدة في مخيم جنين للاجئين حيث قضت الصحافية وبالقرب منه وقتل خلالها شرطي إسرائيلي وأصيب 13 فلسطينيا بجروح، بحسب مصادر إسرائيلية وفلسطينية. وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها عن مقتل الشرطي الإسرائيلي. وتنشط في مخيم جنين فصائل فلسطينية مسلحة ومنه خرج بعض منفذي الهجمات الأخيرة في إسرائيل. وقال الجيش الإسرائيلي إنه ينفذ عمليات اقتحام فيه للقبض على فلسطينيين مطلوبين.
مشاركة :