الاستثمارات الأجنبية واصلت نموها في السوق المالية السعودية خلال الأربعة أشهر الأولى من العام الحالي، حيث بلغ صافي مشتريات المستثمرين الأجانب أكثر من 33 مليار ريال مقارنة مع 7.2 مليارات ريال خلال نفس الفترة من العام الماضي، هذا بلا شك يدل على أن البيئة الاستثمارية في السوق المالية السعودية أصحبت جاذبة بعد إطلاق حزمة من الإصلاحات والتشريعات والأنظمة والمنتجات التي تلبي احتياجات جميع المستثمرين وأصبحت السوق المالية السعودية تضاهي البورصات العالمية من ناحية الحوكمة والشفافية، خلال العام الماضي تم طرح نحو 21 شركة في السوق الرئيسة وسوق نمو منها شركات عملاقة وذات نظرة مستقبلية واعدة ومحل اهتمام المستثمر الأجنبي، منها شركة أس تي سي سلوشنز وأكوا باور، وتداول، وعلم، وهذه الشركات متوقع لها أن تحقق نموا كبيرا في الأرباح خلال السنوات المقبلة ولذلك يحرص المستثمر الأجنبي أن تكون مثل هذه الأسهم ضمن محفظته الاستثمارية ومما يزيد من اهتمام المستثمرين الأجانب بها عندما تُدرج في المؤشرات العالمية، يوم الخميس الماضي أعلنت MSCI عن مراجعتها النصف السنوية للأسهم السعودية، حيث تم إلغاء إدراج سهم أسواق عبدالله العثيم وسهم التعاونية للتأمين من مؤشرها القياسي، بينما أدرجت 3 شركات، هي شركة أكوا باور ومجموعة تداول وهذه من الشركات المدرجة حديثا بالإضافة الى البنك السعودي للاستثمار الذي حقق نتائج جيدة خلال العام المنصرم، أما شركتا أس تي سي سلوشنز وعلم والتي كانت تشير التوقعات الى احتمال إدراجهما مع هذه المراجعة، الا أن ذلك لم يحدث ومن المؤكد أنها سوف تدرج خلال المراجعات القادمة. في مايو من العام 2019 أعلن مورجان ستانلي ضم السوق السعودي إلى مؤشرها للأسواق الناشئة (MSCI) حيث كان وزن السوق السعودي في المؤشر عند بداية الانضمام 2.6 % والآن وبعد مرور ثلاثة أعوام وصل وزن السوق السعودية إلى 4.21 % ليحتل المركز السادس في ترتيب الأسواق العالمية الناشئة وهو ما يمثل نقلة نوعية وتطورا مهما للسوق المالية السـعـوديـة، ويعد مصادقة واعترافا من المجتمع الاستثماري العالمي بأن المعايير القانونية والتنظيمية والفنية للسوق المالية السعودية متطابقة مـع مـعـايـيـر الأسـواق الناشئة ومع تعميق السوق بالإدراجات الجديدة سوف يرتفع الوزن أكثر من ذلك وتكون فرصة لجذب استثمارات أجنبية جديدة. يمر الاقتصاد العالمي بتغيرات جوهرية ناتجه عن تعديل السياسات الاقتصادية وتغييــر مـحـفـزات النمو الرئيسة في الاقتصاد العالمي في ظل التبعات الاقتصادية التي نشأت عن الأزمة الروسية الأوكرانية وارتفاع مؤشرات التضخم العالمي إلى أرقام قياسية، حيث إن أداء الأسواق المالية في الغالب يسبق مؤشرات أداء الاقتصاد الحقيقية، ولذلك شهدت الأسواق المالية العالمية حركة تصحيحية كبيرة في أسواق الأسهم والعملات وخصوصا عملات الأسواق الناشئة، كما أن العملات المشفرة تراجعت هي الأخرى بنسب عالية جدا بعضا منها تجاوزت نسبة التراجع 90 % حتى أن الذهب وهو الملاذ الآمن لم يسلم من التراجعات الأخيرة في حين صعد مؤشر الدولار من 89 نقطة إلى نحو 105 نقاط وهذا يعزز من قوة الريال السعودي أمام العملات الأخرى نظرا لارتباطه بالدولار، السوق المالية السعودية حاولت أن تقاوم الحركة التصحيحية، خالفت أداء الأسواق العالمية خلال الجلستين الأولى من الأسبوع المنصرم إلا أن التصحيح نال منها في الثلاث جلسات اللاحقة وفقد السوق أكثر من 985 نقطة بنسبة تراجع بلغت 7 % وهذا التصحيح قد يكون إيجابيا للسوق وربما يفتح مراكز جديدة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والتي ترى أن حركة نمو الاقتصاد السعودي سوف تكون إيجابية على المدى البعيد، وذلك لارتباطه بعملية إصلاح اقتصادي كبير ورؤية واعـدة بدأت ملامحها في الظهور من خلال زيادة الصادرات غير النفطية، ومـن جـانـب آخر يرتبط الاقتصاد السعودي في الوقت الراهن بأسعار النفط العالمية على المدى القريب، حيث يتوقع خبراء النفط أن يبلغ متوسط أسعار برنت العالمية هذا العام نحو 100 دولار مما يعني أن الفوائض المالية للدولة سوف تكون عالية جدا، كما تشير التوقعات إلى نمو الاقتصاد السعودي بنحو 7 % وإن استمرت أسعار النفط عند مستوياتها الحالية قد يتجاوز نمو الناتج المحلي أكثر من 9 % وهذه عوامل مهمة جدا لجذب الاستثمارات الأجنبية، حيث يُنظر إلى أداء الأسواق المالية في العالم كانعكاس للأداء الاقتصادي من الناحية النظرية وذلك في الأسواق مكتملة النضج، لذا فإن توقعات الـنـمـو الاقتصادي للسعودية سوف تنعكس إيجابا على أداء السوق المالية.
مشاركة :