ازداد تسليط الضوء بعد جائحة كوفيد- 19 على أهمية الاستثمار في السياسات الاجتماعية التي تحمي الأفراد والأسر الأضعف. فالأسر هي التي تحملت العبء الأكبر من هذه الأزمة، فهي تأوي أفرادها، وتحميهم من الأذى، وترعى الأطفال، كما أنها، في الوقت نفسه، تواصل أداء مسؤوليات العمل.. فالأسر هي مركزٌ للتفاعلات بين الأجيال، وضعفها يزيد من العنف ضد النساء والأطفال. لذلك، أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 15 أيار/ مايو يوماً عالمياً للأسرة، في كل عام، وبهذه المناسبة، استضافت «سيدتي» خبراءً ومتخصصين اقترحوا جميعهم طرقاً وأساليبَ لتفعيل دور الأسر في المجتمع، وكشفوا عن السلبيات التي تؤدي إلى تهالكها. أعدّت الملف | لينا الحوراني Lina Alhorani الرّياض | يارا طاهر Yara Taher تصوير | عدنان مهدلي Adnan Mahdaly جدّة | يُسرا فيصل Yosra Faisal الشّرقية | عواطف الثنيان Awatif Althanyan تونس | مُنية كوّاش Monia Kaouach القاهرة | أيمن خطّاب Ayman Khattab بيروت | عفّت شهاب الدين Ifate Shehabdine إذا كانت الأسرة بخير فالمجتمع والمستقبل بخير، وهي الصورة التي تفتقدها المجتمعات الغربية، برأي ريهام محسن، اختصاصية اجتماعية. لم تعد الاحتياجات داخل الأسرة مادية فقط؛ بل أيضاً سيكولوجية لصقل شخصيات أفرادها، تستدرك ريهام: «من واجبات الزوجين تجاه أبنائهما، فتح لغة الحوار معهم، وتوجيههم للتمييز بين الصواب والخطأ، فكل شخص لديه نواة داخلية منبعها الأسرة في تحديد شخصيته. التخطيط السليم والواقعي للأسرة هو الذي يؤدي إلى تماسكها، وإلى تربية جيل قادر على العطاء وتأدية أدواره المطلوبة والمنتظرة منه تجاه نفسه وأسرته ومجتمعه والغير»، تتابع ريهام: «إن عدم تحقق ذلك ينتج جيلاً فردانياً، غير قادر على العطاء، واحترام الآخر، والتمييز بين الصواب والخطأ تجاه الأسرة والوطن، وهذا خطر على المستقبل». عبد الرحمن القرّاش: الغضب يُحدث فجوةً كبيرةً داخل البيت تُعدّ الأسرةُ النّواةَ الأولى لتكوين المجتمع وركيزةَ تخريج أفراد أسوياء؛ لأنّ حياة الإنسان اليومية معرّضةً لأنْ تتكالب عليها المشاكل بفعل الظروف المحيطة بالشخص، حسب رأي عبد الرحمن القرّاش، باحث ومؤلف في الشأن الاجتماعي. تختلف درجة صعوبة الحياة باختلاف تفاعلنا معها، يتابع القرّاش: «بعضها ناتج عن الفرد نفسه، وأخرى عن غيره، مثل طلاق الوالدين، أو الزواج غير المتكافئ، أو الاختلاف مع الأقارب، أو مشاكل الأبناء العاقين، فينتج من ذلك أسرةٌ مفككةٌ تنعكس آثارها السلبية على جميع الأفراد». يتساءل القراش عن الحلول التي تحمي الأسر من التفكك، يتابع قائلاً: «مشاكل الأسر إما ذاتية، أو مشتركة، وهي تابعة للخلفيات الثقافية، وطبيعة الشخصية، التي يكون الهرب، عند بعضها، مبرر، في حال فقدان الدعم النفسي وشعور الإنسان بالوحدة وسط عائلته؛ ما يجعل أصحاب الخلافات يصبّون جام غضبهم على أفراد الأسرة، فيخلقون توتراً نفسياً بين الجميع؛ ما يؤدي إلى أنماط من السلوك المضطرب، فتحدث فجوة كبيرة داخل البيت». تابعي المزيد: تكامل الأدوار بين الرجل والمرأة انعكاسات إيجابية على الأسرة والمجتمع تعكسُ التنشئةُ الاجتماعية للطفل في السنوات الأولى من مراحل حياته، وتدريبه على أنماط السلوك السليمة، خبرةَ الوالدين، ومستواهما الاقتصادي والثقافي والاجتماعي كما تجد شيماء جيلاني، اختصاصية توجيه وإصلاح أسري.البذور الأولى لشخصية الطفل هي التي تُكوّن شخصيته في المراحل اللاحقة، وتجعل تواصله إيجابياً وقادراً على استثمار مهارات الحديث والاستماع، تتابع قائلة: «على الأبوين البحث والاطلاع والقراءة وسؤال المختصين عند مواجهة أي مشكلة قد تؤثر في استقرار الأسرة وتماسكها».قليل جداً من الآباء والأمهات الذين يخططون للإنجاب، أو يقرؤون عن نمو الطفل وخصائص كل مرحلة، كما تجد شيماء التي تتابع: «هم يعتقدون أنّ أدوارهم الحفاظ على الطفل من أي خطر، وتعليمه، والاهتمام بغذائه، وشراء كل ما يلزمه».تضع شيماء مجموعة تعليمات تربوية على الآباء القيام بها تجاه أطفالهم حسب العمر: تعلّق شيماء: «الأسرة هي المكان الذي يتم فيه صناعة الإنسان، فالأسرة المفككة ذات العلاقات المريضة سوف تؤثر سلباً في أفرادها، أما السليمة المتماسكة فتؤثر إيجاباً في أفرادها، وهذا ينعكس على المجتمع». تابعي المزيد: في رمضان الأم العاملة كيف تعيش أجواء الشهر الكريم؟ يركز أحمد الزاهد، إعلامي أسري، على أن الأسرة هي العمود الفقري الذي يقوم عليه المجتمع، وهي قائمة على تنمية الروابط بين أفرادها في إطار من الاحترام والمودة والمحبة، فضلاً عن أنها الوضع الفطري الذي ارتضاه الله تعالى لحياة الناس منذ فجر الخليقة. يجد أحمد أنّ أهم مقومات تماسك الأسرة حسنُ الاختيار والكفاءة بين الزوجين، والتعارف بين الخاطب والمخطوبة، والبعد عن الإسراف فى المهور والاحتفالات وكل مظاهر الرياء الاجتماعي، يتابع قائلاً: «الإيمان بالأسر الممتدة التى تشمل الأبوين والإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولادهم، هو العامل المهم في الترابط الأسري؛ ذلك بما لهم من حق فى البر والصلة، ومن إيجاب النفقة عند الحاجة». لقد أحاط مجتمعنا الإماراتي الحياة الزوجية بكثير من الضمانات حفاظاً على أخلاق الأبناء، وسعياً لوجود جو ملائم لتربيتهم تربية حسنة، يستدرك أحمد: «لعل من أوضح السلبيات التي نلاحظها غياب الأب عن دوره في الإشراف والمسؤولية الكاملة في دعم تربية الأبناء، وترك الأم لواجباتها تجاه أسرتها وأبنائها وبناتها وانشغالها عنهم بأمور ثانوية أخرى». يجد أحمد أن قيام المسؤولين في الإمارات بترسيخ الاستقرار الأسري، من خلال سن القوانين التي تحفظ للأسرة مكانتها، وتوطد العلاقة بين الزوجين هو الذي أدى إلى المزيد من التماسك الأسري، والحفاظ على متانة العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة، يعلّق قائلاً: «هو الذي يصب في مصلحة المجتمع بشكل عام». تابعي المزيد: مؤثرات في قطاع الترفيه ... مكانة بارزة ومعرفة واسعة بالتفاصيل «إذا صلح حال الفرد داخل الأسرة صلح المجتمع ككل، وإذا صلح المجتمع نتج منه دول قوية متطورة مزدهرة يصعب هضم حقها» هي معادلة تؤمن بها خولة بوحجي، مؤثرة اجتماعية ورئيسة العلاقات العامة في جمعية الخالدية الشبابية بمملكة البحرين. هناك تزايد في المشكلات الاجتماعية بين الأبوين؛ حيث ارتفعت معدلات الطلاق، وفسدت الأخلاق نتيجة الـتأثر من الأجهزة الذكية، كما تجد خولة، وتستدرك: «هذا ما نجده عند أغلب جيل الشباب اليوم». وأهم ميزة للأسرة الناجحة هي بناء جسر الصداقة بين الأبوين وأطفالهما، ليكونا ملجأهم في حل مشاكلهم، تستدرك خولة: «لا بد من زرع الثقة في نفوس الأبناء، ودعم شخصياتهم، وعدم اتخاذ الترهيب والوعيد والعقوبة القاسية أسلوباً للتربية». تكشف خولة عن دور المؤسسات الحكومية والأهلية في حماية الأسرة، من خلال إقامة حملات إعلامية توضح أهمية الترابط الأسري، وإقامة الندوات والمؤتمرات لتذكير أفراد المجتمع بمدى أهمية الأسرة، تستدرك قائلة: «لا بد من إنشاء مجالس أهلية تحافظ على العادات والتقاليد الموروثة، وعلى جميع المعلمين إجراء البحوث حول القضايا التي تواجه الأسرة، ووضع حلول لها، وتنفيذها». تابعي المزيد: المرأة أكثر صبراً وقدرة على المشاركة.. " الخير أسلوب حياة" مبادرات نسائية إنسانية في رمضان طالبت د. ابتسام القعود، رئيسة المنظمة الدولية لتمكين المرأة وبناء القدرات (تمكين)، الأمهات بعدم إهمال أطفالهن، وأن يأخذن مواضيعهم على مأخذ الجد، وهذا أول أبواب بناء الثقة بين أبنائهم. تدعو د. ابتسام إلى عدم المقارنة بين الأبناء، وعدم تفضيل أحد على الآخر، وعدم وضع طموحات وآمال مستقبلية كثيرة على عاتق الأبناء، تتابع قائلة: «عدم قدرتهم على تحقيقها يسبب لهم العجز أو اللامبالاة، كما أن اطّلاع الآباء على العالم الخارجي، يجعلهم يدركون معنى إشارات أبنائهم، خصوصاً إذا تعرضوا للتعنيف، والأم تحديداً مثل «الترمومتر» الذي يرصد جميع المشاكل التي يمكن للأطفال أن يتعرضوا لها، بغض النظر عن أعمارهم. تضيف د. ابتسام: «الالتزام بالدين من غير عنف أو إجبار له أثر إيجابي في تربية الأبناء، وعلى كل أسرة أن تكون النموذج السوي الذي يقتدي به الأبناء في الصلاة والسلوك الصالح»، تعلّق قائلة: «مهمة الإعلام والدراما التلفزيونية الهادفة كبير جداً في توصيل النصائح والإرشادات عن طريق شخصياتها، التي ربما تكون كرتونية، تعلّق قائلة: “كلما تماسكت الأسرة صنعنا جيلَ مستقبلٍ منتجاً». تابعي المزيد: نظرة على الواقِع البيئي العالمي ..ناشطات عربيات في مجال البيئة: يجب توعية الأجيال للحفاظ على مستقبل الأرض نضوج الزوجين نفسياً وعاطفياً أمرٌ تأخذه د. ابتسام الغابري، دكتورة في علم الاجتماع وعضوة بالرابطة التونسيّة للدّفاع عن حقوق الإنسان، على محمل الجد، ليكونا قادرين على تحمل المسؤولية، وتوفير الهدوء لأطفالهما. المساواة وعدم تفضيل أخ على آخر من أهم أسس الترابط الأسري، كما تجد ابتسام التي تتابع: «على الأبوين ألاّ يدخلا في صراع وخلاف على مرأى ومسمع من الأطفال إلى أن يصل بهما خلافهما إلى الطّلاق، فتنعكس هذه الأجواء على الطفل، فتضطرب حياته العاطفية والنفسيّة والصحيّة، وعلى الوالدين أن يخصّصا الوقت الكافي للجلوس مع طفلهما، وتبادل الحديث معه، ومصارحته؛ حتّى لا يشعر بالوحدة والفراغ، فيبحث عن ملئه باللّجوء إلى عالم افتراضيّ قد يستقطبه ويستغلّه». تدعو د. ابتسام الأبوين إلى مدح ابنهما ومكافأته، وعدم الاستهزاء بمحاولاته، وتشجيعه على بذل المزيد من الجهد، تستدرك قائلة: «اللعب أيضاً مهم جداً لنموّ الطفل وقدرته على التعبير عن رأيه، وكذلك المشاركة في أعباء المنزل، والتعويد على المطالعة والرياضة... كلها خبرات تدفعه إلى الاعتماد على نفسه، وتقوي قدراته على التواصل الاجتماعي في حياته اليومية. وفي المقابل، فإن إفراط الأسر في تدليل الطّفل يعوّده على الاتّكال والتواكل، فيصبح متقاعساً غير مستقلّ». تابعي المزيد: في يوم المرأة العالمي قصص ملهمة وعثرات مهّدت نحو النجاح يعدّ التماسك الأسري والصراع من المؤشّرات الراسخة لصحة الأسرة التي تترك آثاراً قويّة على التكيّف الاجتماعي، والعاطفي، والسلوكي للأبناء. كما تصف د. ليلى شمس الدين، باحثة في علم الإنسان والإعلام. يُشكّل الصراع الأسري، والغضب والعداوة، والنقد والتوتّر داخل الأسرة، عوامل خطر، تزيد من المشاكل التي تنعكس على الأبناء داخل الأسرة وخارجها في المجتمع الأوسع؛ ما يكرّس الأداء السلبي لدى الأبناء، تستدرك د. ليلى: «لكن يُظهر المراهقون في العائلات الأكثر تماسكاً مستويات أعلى من الرفاهية الذاتية، كما أنّهم يختبرون المعاني والسبل التي تساعدهم في تحديد أهدافهم في الحياة». أظهرت الدراسات الاجتماعية أنّ الصراع والتماسك على مستوى الأسرة لهما تأثيرات فريدة على رفاهية الأبناء، لا سيّما على الحالة المزاجية عندهم، وخصوصاً في فترات المراهقة لديهم، وحسب رأي د. ليلى أن هذا يؤدّي إلى نتائج إيجابية في حياتهم. فيساهم في حدوث مستويات أدنى من الاكتئاب والانحراف، تعلّق قائلة: «كما ترتفع مستويات احترام الذات لديهم، ويتحسّن تحصيلهم العلمي». تركز د. ليلى على ضرورة الاستماع إلى إنجازات الأبناء، ومشاكلهم، وهمومهم، ومشاركتهم في الأنشطة، مع الحرص على تقديم الدعم العاطفي والمعلوماتي لهم. تعلّق قائلة: «بهذه الطريقة، ستكون الأجيال الجديدة قادرةً على التعامل بسهولة أكبر مع تحدّيات التنمية والتغيير التي تنعكس حتماً على المجتمع». تابعي المزيد: في اليوم الوطني الكويتي المرأة الكويتية تسجل حضورها على مر التاريخ الأسرة هي الإطار العام الذي يُحدّد تصرفات أفرادها، فهي التي تُشكّل حياتهم، وعاداتهم، وقواعد سلوكهم، وعليها تقوم عملية التنشئة الاجتماعية، ولكلّ أسرة بعض الخصائص الثقافية الخاصة، كما يجد د. محمد هاني، استشاري علم النفس والاجتماع. إن قوة المجتمع وضعفه تقاس بناءً على تماسك الأسرة أو ضعفها في المجتمع، فهي الأساس المتين الذي يقوم عليه هذا الكيان، يتابع د. محمد هاني: «كلما كان هذا الكيان الأسري متيناً وقوياً، انعكست إيجابيّاته على المجتمع، وعلى الرغم من أن الأسرة الحديثة سُلبت من بعض وظائفها؛ لكنّها ما زالت ملزمة بالوظيفة البيولوجية التي تضمن للمجتمع نموه واستمراره حفاظاً على النوع الإنساني». يشير د. محمد هاني إلى الوظيفة الاقتصادية للأسر التي تضمن بقاءها، وكذلك الوظيفة التربوية التي تبدأ بتطبيق القواعد على الطفل، إضافة إلى الوظيفتين الأخلاقية والثقافية، ووظيفتها في تصفية البالي والضار من التراث قبل نقله إلى الأبناء. يتابع د. محمد هاني: «لا ننس الوظيفة النفسية، التي تعزز نمو شخصيات سوية، يمكن تنمية حسها من خلال الوظيفة الإبداعية». يتوقف د. محمد هاني عند الوظيفة العاطفية، التي تُحدّد الملامح الرئيسة المميزة للأسرة الحديثة، يعلّق قائلاً: «أخيراً، هناك وظيفة حماية الأسرة لأفرادها من الاعتداءات الخارجية التي قد تقع عليهم، وتتمثّل هذه الحماية في تقديم الدعم المالي والمعنوي». تابعي المزيد: بين البحر والجبال وحقول الربيع الملونة احتفالات العيد بثَوبٍ جَديد ازداد تسليط الضوء بعد جائحة كوفيد- 19 على أهمية الاستثمار في السياسات الاجتماعية التي تحمي الأفراد والأسر الأضعف. فالأسر هي التي تحملت العبء الأكبر من هذه الأزمة، فهي تأوي أفرادها، وتحميهم من الأذى، وترعى الأطفال، كما أنها، في الوقت نفسه، تواصل أداء مسؤوليات العمل.. فالأسر هي مركزٌ للتفاعلات بين الأجيال، وضعفها يزيد من العنف ضد النساء والأطفال. لذلك، أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 15 أيار/ مايو يوماً عالمياً للأسرة، في كل عام، وبهذه المناسبة، استضافت «سيدتي» خبراءً ومتخصصين اقترحوا جميعهم طرقاً وأساليبَ لتفعيل دور الأسر في المجتمع، وكشفوا عن السلبيات التي تؤدي إلى تهالكها. أعدّت الملف | لينا الحوراني Lina Alhorani الرّياض | يارا طاهر Yara Taher تصوير | عدنان مهدلي Adnan Mahdaly جدّة | يُسرا فيصل Yosra Faisal الشّرقية | عواطف الثنيان Awatif Althanyan تونس | مُنية كوّاش Monia Kaouach القاهرة | أيمن خطّاب Ayman Khattab بيروت | عفّت شهاب الدين Ifate Shehabdine من الرياض ريهام محسن: ريهام محسن ريهام محسن: التخطيط السليم والواقعي للأسرة هو الذي يؤدي إلى تماسكها الشخصيات الفردانية خطر على المستقبل إذا كانت الأسرة بخير فالمجتمع والمستقبل بخير، وهي الصورة التي تفتقدها المجتمعات الغربية، برأي ريهام محسن، اختصاصية اجتماعية. لم تعد الاحتياجات داخل الأسرة مادية فقط؛ بل أيضاً سيكولوجية لصقل شخصيات أفرادها، تستدرك ريهام: «من واجبات الزوجين تجاه أبنائهما، فتح لغة الحوار معهم، وتوجيههم للتمييز بين الصواب والخطأ، فكل شخص لديه نواة داخلية منبعها الأسرة في تحديد شخصيته. التخطيط السليم والواقعي للأسرة هو الذي يؤدي إلى تماسكها، وإلى تربية جيل قادر على العطاء وتأدية أدواره المطلوبة والمنتظرة منه تجاه نفسه وأسرته ومجتمعه والغير»، تتابع ريهام: «إن عدم تحقق ذلك ينتج جيلاً فردانياً، غير قادر على العطاء، واحترام الآخر، والتمييز بين الصواب والخطأ تجاه الأسرة والوطن، وهذا خطر على المستقبل». عبد الرحمن القرّاش: عبد الرحمن القراش عبد الرحمن القرّاش: الغضب يُحدث فجوةً كبيرةً داخل البيت مشاكل الأبناء العاقين من أسباب التفكك الأسري تُعدّ الأسرةُ النّواةَ الأولى لتكوين المجتمع وركيزةَ تخريج أفراد أسوياء؛ لأنّ حياة الإنسان اليومية معرّضةً لأنْ تتكالب عليها المشاكل بفعل الظروف المحيطة بالشخص، حسب رأي عبد الرحمن القرّاش، باحث ومؤلف في الشأن الاجتماعي. تختلف درجة صعوبة الحياة باختلاف تفاعلنا معها، يتابع القرّاش: «بعضها ناتج عن الفرد نفسه، وأخرى عن غيره، مثل طلاق الوالدين، أو الزواج غير المتكافئ، أو الاختلاف مع الأقارب، أو مشاكل الأبناء العاقين، فينتج من ذلك أسرةٌ مفككةٌ تنعكس آثارها السلبية على جميع الأفراد». يتساءل القراش عن الحلول التي تحمي الأسر من التفكك، يتابع قائلاً: «مشاكل الأسر إما ذاتية، أو مشتركة، وهي تابعة للخلفيات الثقافية، وطبيعة الشخصية، التي يكون الهرب، عند بعضها، مبرر، في حال فقدان الدعم النفسي وشعور الإنسان بالوحدة وسط عائلته؛ ما يجعل أصحاب الخلافات يصبّون جام غضبهم على أفراد الأسرة، فيخلقون توتراً نفسياً بين الجميع؛ ما يؤدي إلى أنماط من السلوك المضطرب، فتحدث فجوة كبيرة داخل البيت». تابعي المزيد: تكامل الأدوار بين الرجل والمرأة انعكاسات إيجابية على الأسرة والمجتمع من جدّة شيماء جيلاني: شيماء جيلاني استمعوا إلى أطفالكم تعكسُ التنشئةُ الاجتماعية للطفل في السنوات الأولى من مراحل حياته، وتدريبه على أنماط السلوك السليمة، خبرةَ الوالدين، ومستواهما الاقتصادي والثقافي والاجتماعي كما تجد شيماء جيلاني، اختصاصية توجيه وإصلاح أسري.البذور الأولى لشخصية الطفل هي التي تُكوّن شخصيته في المراحل اللاحقة، وتجعل تواصله إيجابياً وقادراً على استثمار مهارات الحديث والاستماع، تتابع قائلة: «على الأبوين البحث والاطلاع والقراءة وسؤال المختصين عند مواجهة أي مشكلة قد تؤثر في استقرار الأسرة وتماسكها».قليل جداً من الآباء والأمهات الذين يخططون للإنجاب، أو يقرؤون عن نمو الطفل وخصائص كل مرحلة، كما تجد شيماء التي تتابع: «هم يعتقدون أنّ أدوارهم الحفاظ على الطفل من أي خطر، وتعليمه، والاهتمام بغذائه، وشراء كل ما يلزمه».تضع شيماء مجموعة تعليمات تربوية على الآباء القيام بها تجاه أطفالهم حسب العمر: من الولادة إلى عمر 7 سنوات: تعليم الطفل كيفية اتخاذ القرار، والتعامل مع الضغوط، والتواصل مع الناس، والصورة الإيجابية عن الذات، والشجاعة ومهارات التفكير. من عمر 7-14 سنة: تعليم الطفل الآداب، والقيم، والأخلاق الحميدة، والعقيدة، ومبادئ الحياة الطيبة. تعلّق شيماء: «الأسرة هي المكان الذي يتم فيه صناعة الإنسان، فالأسرة المفككة ذات العلاقات المريضة سوف تؤثر سلباً في أفرادها، أما السليمة المتماسكة فتؤثر إيجاباً في أفرادها، وهذا ينعكس على المجتمع». تابعي المزيد: في رمضان الأم العاملة كيف تعيش أجواء الشهر الكريم؟ من الإمارات أحمد الزاهد: أحمد الزاهد و ابنه ابتعدوا عن كل مظاهر الرياء الاجتماعي يركز أحمد الزاهد، إعلامي أسري، على أن الأسرة هي العمود الفقري الذي يقوم عليه المجتمع، وهي قائمة على تنمية الروابط بين أفرادها في إطار من الاحترام والمودة والمحبة، فضلاً عن أنها الوضع الفطري الذي ارتضاه الله تعالى لحياة الناس منذ فجر الخليقة. يجد أحمد أنّ أهم مقومات تماسك الأسرة حسنُ الاختيار والكفاءة بين الزوجين، والتعارف بين الخاطب والمخطوبة، والبعد عن الإسراف فى المهور والاحتفالات وكل مظاهر الرياء الاجتماعي، يتابع قائلاً: «الإيمان بالأسر الممتدة التى تشمل الأبوين والإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولادهم، هو العامل المهم في الترابط الأسري؛ ذلك بما لهم من حق فى البر والصلة، ومن إيجاب النفقة عند الحاجة». ترك الأم لواجباتها لقد أحاط مجتمعنا الإماراتي الحياة الزوجية بكثير من الضمانات حفاظاً على أخلاق الأبناء، وسعياً لوجود جو ملائم لتربيتهم تربية حسنة، يستدرك أحمد: «لعل من أوضح السلبيات التي نلاحظها غياب الأب عن دوره في الإشراف والمسؤولية الكاملة في دعم تربية الأبناء، وترك الأم لواجباتها تجاه أسرتها وأبنائها وبناتها وانشغالها عنهم بأمور ثانوية أخرى». يجد أحمد أن قيام المسؤولين في الإمارات بترسيخ الاستقرار الأسري، من خلال سن القوانين التي تحفظ للأسرة مكانتها، وتوطد العلاقة بين الزوجين هو الذي أدى إلى المزيد من التماسك الأسري، والحفاظ على متانة العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة، يعلّق قائلاً: «هو الذي يصب في مصلحة المجتمع بشكل عام». تابعي المزيد: مؤثرات في قطاع الترفيه ... مكانة بارزة ومعرفة واسعة بالتفاصيل من البحرين: خولة بوحجي: خولة بوحجي الأجهزة الذكية أحد أسباب تفكك الأسر «إذا صلح حال الفرد داخل الأسرة صلح المجتمع ككل، وإذا صلح المجتمع نتج منه دول قوية متطورة مزدهرة يصعب هضم حقها» هي معادلة تؤمن بها خولة بوحجي، مؤثرة اجتماعية ورئيسة العلاقات العامة في جمعية الخالدية الشبابية بمملكة البحرين. هناك تزايد في المشكلات الاجتماعية بين الأبوين؛ حيث ارتفعت معدلات الطلاق، وفسدت الأخلاق نتيجة الـتأثر من الأجهزة الذكية، كما تجد خولة، وتستدرك: «هذا ما نجده عند أغلب جيل الشباب اليوم». وأهم ميزة للأسرة الناجحة هي بناء جسر الصداقة بين الأبوين وأطفالهما، ليكونا ملجأهم في حل مشاكلهم، تستدرك خولة: «لا بد من زرع الثقة في نفوس الأبناء، ودعم شخصياتهم، وعدم اتخاذ الترهيب والوعيد والعقوبة القاسية أسلوباً للتربية». دور المعلمين التربوي تكشف خولة عن دور المؤسسات الحكومية والأهلية في حماية الأسرة، من خلال إقامة حملات إعلامية توضح أهمية الترابط الأسري، وإقامة الندوات والمؤتمرات لتذكير أفراد المجتمع بمدى أهمية الأسرة، تستدرك قائلة: «لا بد من إنشاء مجالس أهلية تحافظ على العادات والتقاليد الموروثة، وعلى جميع المعلمين إجراء البحوث حول القضايا التي تواجه الأسرة، ووضع حلول لها، وتنفيذها». تابعي المزيد: المرأة أكثر صبراً وقدرة على المشاركة.. " الخير أسلوب حياة" مبادرات نسائية إنسانية في رمضان من الكويت د. ابتسام القعود: د. ابتسام القعود خذوا مشاكل أبنائكم مأخذ الجد! طالبت د. ابتسام القعود، رئيسة المنظمة الدولية لتمكين المرأة وبناء القدرات (تمكين)، الأمهات بعدم إهمال أطفالهن، وأن يأخذن مواضيعهم على مأخذ الجد، وهذا أول أبواب بناء الثقة بين أبنائهم. تدعو د. ابتسام إلى عدم المقارنة بين الأبناء، وعدم تفضيل أحد على الآخر، وعدم وضع طموحات وآمال مستقبلية كثيرة على عاتق الأبناء، تتابع قائلة: «عدم قدرتهم على تحقيقها يسبب لهم العجز أو اللامبالاة، كما أن اطّلاع الآباء على العالم الخارجي، يجعلهم يدركون معنى إشارات أبنائهم، خصوصاً إذا تعرضوا للتعنيف، والأم تحديداً مثل «الترمومتر» الذي يرصد جميع المشاكل التي يمكن للأطفال أن يتعرضوا لها، بغض النظر عن أعمارهم. تضيف د. ابتسام: «الالتزام بالدين من غير عنف أو إجبار له أثر إيجابي في تربية الأبناء، وعلى كل أسرة أن تكون النموذج السوي الذي يقتدي به الأبناء في الصلاة والسلوك الصالح»، تعلّق قائلة: «مهمة الإعلام والدراما التلفزيونية الهادفة كبير جداً في توصيل النصائح والإرشادات عن طريق شخصياتها، التي ربما تكون كرتونية، تعلّق قائلة: “كلما تماسكت الأسرة صنعنا جيلَ مستقبلٍ منتجاً». تابعي المزيد: نظرة على الواقِع البيئي العالمي ..ناشطات عربيات في مجال البيئة: يجب توعية الأجيال للحفاظ على مستقبل الأرض من تونس د. ابتسام الغابري: د. ابتسام الغابري لا تختلفا أمام أطفالكما نضوج الزوجين نفسياً وعاطفياً أمرٌ تأخذه د. ابتسام الغابري، دكتورة في علم الاجتماع وعضوة بالرابطة التونسيّة للدّفاع عن حقوق الإنسان، على محمل الجد، ليكونا قادرين على تحمل المسؤولية، وتوفير الهدوء لأطفالهما. المساواة وعدم تفضيل أخ على آخر من أهم أسس الترابط الأسري، كما تجد ابتسام التي تتابع: «على الأبوين ألاّ يدخلا في صراع وخلاف على مرأى ومسمع من الأطفال إلى أن يصل بهما خلافهما إلى الطّلاق، فتنعكس هذه الأجواء على الطفل، فتضطرب حياته العاطفية والنفسيّة والصحيّة، وعلى الوالدين أن يخصّصا الوقت الكافي للجلوس مع طفلهما، وتبادل الحديث معه، ومصارحته؛ حتّى لا يشعر بالوحدة والفراغ، فيبحث عن ملئه باللّجوء إلى عالم افتراضيّ قد يستقطبه ويستغلّه». إياكم والتدليل! تدعو د. ابتسام الأبوين إلى مدح ابنهما ومكافأته، وعدم الاستهزاء بمحاولاته، وتشجيعه على بذل المزيد من الجهد، تستدرك قائلة: «اللعب أيضاً مهم جداً لنموّ الطفل وقدرته على التعبير عن رأيه، وكذلك المشاركة في أعباء المنزل، والتعويد على المطالعة والرياضة... كلها خبرات تدفعه إلى الاعتماد على نفسه، وتقوي قدراته على التواصل الاجتماعي في حياته اليومية. وفي المقابل، فإن إفراط الأسر في تدليل الطّفل يعوّده على الاتّكال والتواكل، فيصبح متقاعساً غير مستقلّ». تابعي المزيد: في يوم المرأة العالمي قصص ملهمة وعثرات مهّدت نحو النجاح من بيروت د. ليلى شمس الدين: د. ليلى شمس الدين التماسك الأسري يقلل من الاكتئاب عند المراهقين يعدّ التماسك الأسري والصراع من المؤشّرات الراسخة لصحة الأسرة التي تترك آثاراً قويّة على التكيّف الاجتماعي، والعاطفي، والسلوكي للأبناء. كما تصف د. ليلى شمس الدين، باحثة في علم الإنسان والإعلام. يُشكّل الصراع الأسري، والغضب والعداوة، والنقد والتوتّر داخل الأسرة، عوامل خطر، تزيد من المشاكل التي تنعكس على الأبناء داخل الأسرة وخارجها في المجتمع الأوسع؛ ما يكرّس الأداء السلبي لدى الأبناء، تستدرك د. ليلى: «لكن يُظهر المراهقون في العائلات الأكثر تماسكاً مستويات أعلى من الرفاهية الذاتية، كما أنّهم يختبرون المعاني والسبل التي تساعدهم في تحديد أهدافهم في الحياة». شاركوهم في الأنشطة أظهرت الدراسات الاجتماعية أنّ الصراع والتماسك على مستوى الأسرة لهما تأثيرات فريدة على رفاهية الأبناء، لا سيّما على الحالة المزاجية عندهم، وخصوصاً في فترات المراهقة لديهم، وحسب رأي د. ليلى أن هذا يؤدّي إلى نتائج إيجابية في حياتهم. فيساهم في حدوث مستويات أدنى من الاكتئاب والانحراف، تعلّق قائلة: «كما ترتفع مستويات احترام الذات لديهم، ويتحسّن تحصيلهم العلمي». تركز د. ليلى على ضرورة الاستماع إلى إنجازات الأبناء، ومشاكلهم، وهمومهم، ومشاركتهم في الأنشطة، مع الحرص على تقديم الدعم العاطفي والمعلوماتي لهم. تعلّق قائلة: «بهذه الطريقة، ستكون الأجيال الجديدة قادرةً على التعامل بسهولة أكبر مع تحدّيات التنمية والتغيير التي تنعكس حتماً على المجتمع». تابعي المزيد: في اليوم الوطني الكويتي المرأة الكويتية تسجل حضورها على مر التاريخ من مصر د. محمد هاني: د. محمد هاني وظائف الأسرة كثيرة، أهمها حماية أفرادها الأسرة هي الإطار العام الذي يُحدّد تصرفات أفرادها، فهي التي تُشكّل حياتهم، وعاداتهم، وقواعد سلوكهم، وعليها تقوم عملية التنشئة الاجتماعية، ولكلّ أسرة بعض الخصائص الثقافية الخاصة، كما يجد د. محمد هاني، استشاري علم النفس والاجتماع. إن قوة المجتمع وضعفه تقاس بناءً على تماسك الأسرة أو ضعفها في المجتمع، فهي الأساس المتين الذي يقوم عليه هذا الكيان، يتابع د. محمد هاني: «كلما كان هذا الكيان الأسري متيناً وقوياً، انعكست إيجابيّاته على المجتمع، وعلى الرغم من أن الأسرة الحديثة سُلبت من بعض وظائفها؛ لكنّها ما زالت ملزمة بالوظيفة البيولوجية التي تضمن للمجتمع نموه واستمراره حفاظاً على النوع الإنساني». يشير د. محمد هاني إلى الوظيفة الاقتصادية للأسر التي تضمن بقاءها، وكذلك الوظيفة التربوية التي تبدأ بتطبيق القواعد على الطفل، إضافة إلى الوظيفتين الأخلاقية والثقافية، ووظيفتها في تصفية البالي والضار من التراث قبل نقله إلى الأبناء. لا بدّ من تقديم الدعم المادي يتابع د. محمد هاني: «لا ننس الوظيفة النفسية، التي تعزز نمو شخصيات سوية، يمكن تنمية حسها من خلال الوظيفة الإبداعية». يتوقف د. محمد هاني عند الوظيفة العاطفية، التي تُحدّد الملامح الرئيسة المميزة للأسرة الحديثة، يعلّق قائلاً: «أخيراً، هناك وظيفة حماية الأسرة لأفرادها من الاعتداءات الخارجية التي قد تقع عليهم، وتتمثّل هذه الحماية في تقديم الدعم المالي والمعنوي». تابعي المزيد: بين البحر والجبال وحقول الربيع الملونة احتفالات العيد بثَوبٍ جَديد
مشاركة :