بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار تواصلت الاحتجاجات الشعبية في إيران، وشهدت الساعات الماضية إطلاق قوات الباسيج النار على متظاهرين ببعض المناطق، في حين وجّهت وزارة الأمن تهديدات لوسائل الإعلام بضرورة عدم تغطية هذه الاحتجاجات. وارتفعت أسعار السلع الأساسية، الأسبوع الماضي، بسرعة قياسية، لتصل إلى أكثر من سعرها في الأسواق الأوروبية بعد قرار حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي وقف ضخ الدولار المدعوم لشراء السلع الأساسية. وحمّل مصدر في مكتب رئيسي مسؤولية الأوضاع الاقتصادية الحالية لحكومة الرئيس السابق حسن روحاني، مضيفاً أن رئيسي تسلّم خزينة حكومية لم تكن مفلسة فقط بل مدينة لعشرين سنة مقبلة، وهي ملزمة بسداد فوائد وديون متراكمة تزيد على 40 مليار دولار سنوياً. ورغم أن الحكومة حددت أسعاراً رسمية لبعض البضائع، مثل الزيت النباتي ولحوم الدجاج والبيض والحليب والأرز والقمح، فإن التهافت على شراء البضائع قبل سريان قرار وقف الدعم، والخوف من شح البضائع حتى بالأسعار الجديدة، أديا إلى انفلات غير مسبوق في الأسعار. وعلى سبيل المثال، حددت الحكومة 65 ألف تومان (نحو دولارين وعشرين سنتاً) لزجاجة الزيت النباتي الإيراني بسعة 850 غراماً، لكن عملياً واجهت الأسواق شحاً كبيراً فيه، ووصل سعر الزجاجة منه لأكثر من 120 ألف تومان، وانتشرت أشرطة مصورة لأناس يتقاتلون للحصول على الزيت من «التعاونيات» بالتسعيرة الحكومية. وزاد سعر الخبز الإفرنجي بنسبة تصل إلى عشرة أضعاف، فتهافت الناس على محلات بيع الخبز الإيراني، وواجهت معظم الأفران ازدحاماً غير مسبوق. ووصل سعر كيلو الدجاج، الذي كان قبل أسبوع بـ 25 ألف تومان، إلى 140 ألفاً، رغم أن الحكومة حددت سعره بـ 60 ألفاً. وارتفعت أسعار الألبان والأجبان بشكل جنوني بلغ أربعة أو خمسة أضعاف، وأدى ذلك إلى ارتفاعٍ شمل جميع أنواع البضائع، ووصلت زيادة بعض السلع إلى 500% في غضون أسبوع واحد. في هذه الأجواء بدأت الاحتجاجات تتصاعد وامتدت من خوزستان والأهواز إلى محافظات أخرى، وقامت الأجهزة الأمنية بقطع الاتصالات عن المحافظات المنتفضة، ومنعت الناس من التحرك والانتقال منها لعدم تسرب أنباء عن التظاهرات. وأكد سكان هذه المحافظات أن أجهزة الأمن اعتقلت مئات المحتجين، وفي بعض المناطق حملت قوات الباسيج السلاح وأطلقت النار الحي تجاه المحتجين الذين كانوا يرددون شعارات ضد رئيسي والمرشد الأعلى علي خامنئي. وللمرة الأولى اتصلت وزارة الأمن بمديري المؤسسات الإعلامية مباشرة وهددتهم بأن نشر أخبار الاحتجاجات من دون التنسيق معها سيؤدي للاعتقال بتهمة التحريض ضد النظام، ومواجهة محاكمة أمنية، وحسب القوانين الإيرانية، عادة ما كانت تقوم وزارة الإرشاد بهذا العمل دون التهديد بالاعتقال أو المحاكمة الأمنية، بل بإلغاء الرخص الإعلامية.
مشاركة :