تعتبر الولايات المتحدة مهد علم السياسة والعلاقات الدولية في هذا العصر. اذ على يد علماء أمريكيين نشأ هذان العلمان، وتطورا في العصر الحديث. ولا تخلو جامعة أمريكية متوسطة، أو كبيرة من وجود قسم علمي للعلوم السياسية، يتخرج فيه عشرات الأمريكيين، وغيرهم. ثم يعملون في أجهزة الحكومة الامريكية، وما يرتبط بها من مؤسسات. وبعضهم يعملون في القطاع الخاص، خاصة في وظائف العلاقات العامة، والتجارة الدولية. كما تحفل أمريكا بمئات من “مراكز البحث العلمي الاستراتيجي” التي تغطى العالم، تقريبا، بحثا وتمحيصا، ونشرا وتوزيعا. حتى وصفت أمريكا بأنها “موطن علم السياسة” الحديث. وهناك الان عشرات، ان لم نقل مئات، من علماء ومفكري وفلاسفة السياسة الامريكيين المجيدين، والذين بلغت شهرتهم الافاق. ومنهم من نتحدث عن بعض أفكاره، في هذا المقال. ورغم كل هذه الإمكانات العلمية والاستخباراتية، وهذه الثقافة السياسية الواسعة، كثيرا ما نجد السياسة الامريكية، وخاصة الخارجية، تتخبط، يمينا ويسارا، وتسفر عن خيبات أمريكية وعالمية مشهودة.فهناك سياسات وإجراءات أمريكية أدت الى كوارث إنسانية هائلة، وما كان يجب أن تحدث لولا التهور، والكذب، والازدواجية، وتقديم مصالح خاصة معينة، وواضحة. وعلى سبيل المثال، خاضت الحكومة الامريكية، منذ قيام أمريكا عام 1776م، حوالي مئة حرب شعواء خارج حدودها. ولم يكن أغلبها لازما، أو يخدم المصلحة العامة الامريكية الصحيحة. إضافة الى ضعف الوعي السياسي لدى عامة الأمريكيين، وتدنى مستوى ثقافتهم السياسية، كما هو معروف. **** ومن الأمثلة الأخرى، تسخير الحركة الصهيونية الولايات المتحدة لتنفيذ ودعم احتلالها، وارهابها، واجرامها، ضد الشعب العربي الفلسطيني…. واستجابت حكومة أمريكا تمام الاستجابة – وبرحابة صدر – للأسباب المعروفة. وذلك أدى – بالضرورة – إلى: غضب الشعوب العربية والإسلامية من هذه الهجمة الصهيونية المسيطرة على صناعة القرار الأمريكي الخاص بمنطقة الشرق الأوسط. وكذلك استياء كثير من الأمريكيين، بل ومطالبتهم بوقف هذا التأثير (السلبي) للوبي الصهيوني، على سياسات بلادهم تجاه المنطقة والعالم.ومن أبرز “الأمثلة” على ما ذكر، هو البحث (الكتاب) الذي أصدره، عام 2006م، الأستاذان الجامعيان الأمريكيان: ” جون ميرشايمر”، أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو، و”ستيفن والت”، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد،بعنوان: تأثير اللوبي الإسرائيلي على سياسة أمريكا الخارجية.ورغم صدور هذا الكتاب منذ 16عاما، الا أنه ما زال يحظى بالاهتمام، في الوسط السياسي الأمريكي، لان معظم ما ورد فيه ما زال صحيحا. تأكدت صحته أكثر.وأورد هذان الباحثان عدة أمثلة على مواقف أمريكا تجاه دول المنطقة، المتأثرة بضغوط اللوبي الصهيوني، والمنفذة كما يريد هذا اللوبي، وبما يعتقد أنه يخدم اسرائيل، دون سواها… وقد لخصنا، في مقالنا السابق لهذا، أهم استنتاجات هذين الباحثين المرموقين، في كتابهما هذا. **** وقبل اندلاع حرب روسيا على أوكرانيا، وتحديدا في عام 2016م، ألقى “جون ميرشايمر” وحده محاضرة عن الوضع في أوكرانيا، وموقف بلاده والغرب تجاهه، وتجاه روسيا. وفي ذلك الحين، بدأت جذور وبوادر أزمة أوكرانيا، التي تفجرت في فبراير 2022م. حيث نصح بلاده بأن تتخذ موقفا منطقيا تجاه أوكرانيا.ونوجز فيما يلي ما قاله “ميرشايمر” في محاضرته، عام 2016م: ” أعتقد أن جوهر ما يحدث هو أن الغرب يدفع أوكرانيا للهلاك، عبر تزيين شهوة التوجه الى الغرب، والانضمام اليه، ومن ثم الاصطدام مع روسيا، وبالتالي الدمار. وقد اندفع قادة أوكرانيا في هذا الاتجاه. لذا، فأنني أدعو الى تغيير هذه السياسة، وتبنى سياسة، تتضمن وضع أوكرانيا على الحياد، ودعم اقتصادها، واخراجها تماما من ساحة الصراع بين الغرب وروسيا. ذلك هو الموقف الأفضل لأوكرانيا وشعبها. فبدون التزام “الحياد” بين الجانبين، الغربي والروسي، ستدخل أوكرانيا نفسها في دوامة مدمرة. ان ما نعمله، نحن هنا في الغرب، هو اننا نشجع قادة أوكرانيا على التشدد مع الروس، والإصرار على الانضمام الى حلف ناتو. لقد أوحينا لهم أن الوقت يسير في صالحنا، وأننا سننتصر، في نهاية الامر، على روسيا بوتن. وأننا سنضم أوكرانيا الى ناتو، عاجلا، أو اجلا. فان استمروا في تصديق ذلك، فسيقودون بلادهم للهلاك. ان تأليب أوكرانيا، من قبل الغرب، على روسيا، لن ينتج عنه سوى الصراع والحروب.ان من مصلحة أوكرانيا، ومصلحتنا هنا في الغرب، وأيضا من مصلحة روسيا، ألا تنضم أوكرانيا الى الغرب، بل تقف على موقف الحياد، لتنجو من التهلكة”. **** هذا هو بالفعل ما حصل. لذلك، صدق من قال: ان الموضوعية تقتضي أن نعترف بأن: روسيا معها الحق، سياسيا. فهي تدفع خطر فادح محتمل.أما أوكرانيا، هذه الدولة الكبيرة الجميلة والمتقدمة، فقد سقطت، وياللاسف، ضحية خبث الغرب (أو تامره، أو خداعه)، وحماقة ادارتها. وما زال السؤال الحائر يفرض نفسه: هل عمل الغرب ذلك عن قصد؟! وهل صحيح، أن أمريكا أرادت- بذلك- إيقاف التعاون الوثيق بين روسيا وألمانيا. ذلك التعاون الذي كان متوقعا ومحتملا، عبر انسياب الغاز الروسي الى المانيا وأوروبا؟! ********************************************** تعتبر الولايات المتحدة مهد علم السياسة والعلاقات الدولية في هذا العصر. اذ على يد علماء أمريكيين نشأ هذان العلمان، وتطورا في العصر الحديث. ولا تخلو جامعة أمريكية متوسطة، أو كبيرة من وجود قسم علمي للعلوم السياسية، يتخرج فيه عشرات الأمريكيين، وغيرهم. ثم يعملون في أجهزة الحكومة الامريكية، وما يرتبط بها من مؤسسات. وبعضهم يعملون في القطاع الخاص، خاصة في وظائف العلاقات العامة، والتجارة الدولية. كما تحفل أمريكا بمئات من “مراكز البحث العلمي الاستراتيجي” التي تغطى العالم، تقريبا، بحثا وتمحيصا، ونشرا وتوزيعا. حتى وصفت أمريكا بأنها “موطن علم السياسة” الحديث. وهناك الان عشرات، ان لم نقل مئات، من علماء ومفكري وفلاسفة السياسة الامريكيين المجيدين، والذين بلغت شهرتهم الافاق. ومنهم من نتحدث عن بعض أفكاره، في هذا المقال. ورغم كل هذه الإمكانات العلمية والاستخباراتية، وهذه الثقافة السياسية الواسعة، كثيرا ما نجد السياسة الامريكية، وخاصة الخارجية، تتخبط، يمينا ويسارا، وتسفر عن خيبات أمريكية وعالمية مشهودة.فهناك سياسات وإجراءات أمريكية أدت الى كوارث إنسانية هائلة، وما كان يجب أن تحدث لولا التهور، والكذب، والازدواجية، وتقديم مصالح خاصة معينة، وواضحة. وعلى سبيل المثال، خاضت الحكومة الامريكية، منذ قيام أمريكا عام 1776م، حوالي مئة حرب شعواء خارج حدودها. ولم يكن أغلبها لازما، أو يخدم المصلحة العامة الامريكية الصحيحة. إضافة الى ضعف الوعي السياسي لدى عامة الأمريكيين، وتدنى مستوى ثقافتهم السياسية، كما هو معروف. **** ومن الأمثلة الأخرى، تسخير الحركة الصهيونية الولايات المتحدة لتنفيذ ودعم احتلالها، وارهابها، واجرامها، ضد الشعب العربي الفلسطيني…. واستجابت حكومة أمريكا تمام الاستجابة – وبرحابة صدر – للأسباب المعروفة. وذلك أدى – بالضرورة – إلى: غضب الشعوب العربية والإسلامية من هذه الهجمة الصهيونية المسيطرة على صناعة القرار الأمريكي الخاص بمنطقة الشرق الأوسط. وكذلك استياء كثير من الأمريكيين، بل ومطالبتهم بوقف هذا التأثير (السلبي) للوبي الصهيوني، على سياسات بلادهم تجاه المنطقة والعالم.ومن أبرز “الأمثلة” على ما ذكر، هو البحث (الكتاب) الذي أصدره، عام 2006م، الأستاذان الجامعيان الأمريكيان: ” جون ميرشايمر”، أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو، و”ستيفن والت”، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد،بعنوان: تأثير اللوبي الإسرائيلي على سياسة أمريكا الخارجية.ورغم صدور هذا الكتاب منذ 16عاما، الا أنه ما زال يحظى بالاهتمام، في الوسط السياسي الأمريكي، لان معظم ما ورد فيه ما زال صحيحا. تأكدت صحته أكثر.وأورد هذان الباحثان عدة أمثلة على مواقف أمريكا تجاه دول المنطقة، المتأثرة بضغوط اللوبي الصهيوني، والمنفذة كما يريد هذا اللوبي، وبما يعتقد أنه يخدم اسرائيل، دون سواها… وقد لخصنا، في مقالنا السابق لهذا، أهم استنتاجات هذين الباحثين المرموقين، في كتابهما هذا. **** وقبل اندلاع حرب روسيا على أوكرانيا، وتحديدا في عام 2016م، ألقى “جون ميرشايمر” وحده محاضرة عن الوضع في أوكرانيا، وموقف بلاده والغرب تجاهه، وتجاه روسيا. وفي ذلك الحين، بدأت جذور وبوادر أزمة أوكرانيا، التي تفجرت في فبراير 2022م. حيث نصح بلاده بأن تتخذ موقفا منطقيا تجاه أوكرانيا.ونوجز فيما يلي ما قاله “ميرشايمر” في محاضرته، عام 2016م: ” أعتقد أن جوهر ما يحدث هو أن الغرب يدفع أوكرانيا للهلاك، عبر تزيين شهوة التوجه الى الغرب، والانضمام اليه، ومن ثم الاصطدام مع روسيا، وبالتالي الدمار. وقد اندفع قادة أوكرانيا في هذا الاتجاه. لذا، فأنني أدعو الى تغيير هذه السياسة، وتبنى سياسة، تتضمن وضع أوكرانيا على الحياد، ودعم اقتصادها، واخراجها تماما من ساحة الصراع بين الغرب وروسيا. ذلك هو الموقف الأفضل لأوكرانيا وشعبها. فبدون التزام “الحياد” بين الجانبين، الغربي والروسي، ستدخل أوكرانيا نفسها في دوامة مدمرة. ان ما نعمله، نحن هنا في الغرب، هو اننا نشجع قادة أوكرانيا على التشدد مع الروس، والإصرار على الانضمام الى حلف ناتو. لقد أوحينا لهم أن الوقت يسير في صالحنا، وأننا سننتصر، في نهاية الامر، على روسيا بوتن. وأننا سنضم أوكرانيا الى ناتو، عاجلا، أو اجلا. فان استمروا في تصديق ذلك، فسيقودون بلادهم للهلاك. ان تأليب أوكرانيا، من قبل الغرب، على روسيا، لن ينتج عنه سوى الصراع والحروب.ان من مصلحة أوكرانيا، ومصلحتنا هنا في الغرب، وأيضا من مصلحة روسيا، ألا تنضم أوكرانيا الى الغرب، بل تقف على موقف الحياد، لتنجو من التهلكة”. **** هذا هو بالفعل ما حصل. لذلك، صدق من قال: ان الموضوعية تقتضي أن نعترف بأن: روسيا معها الحق، سياسيا. فهي تدفع خطر فادح محتمل.أما أوكرانيا، هذه الدولة الكبيرة الجميلة والمتقدمة، فقد سقطت، وياللاسف، ضحية خبث الغرب (أو تامره، أو خداعه)، وحماقة ادارتها. وما زال السؤال الحائر يفرض نفسه: هل عمل الغرب ذلك عن قصد؟! وهل صحيح، أن أمريكا أرادت- بذلك- إيقاف التعاون الوثيق بين روسيا وألمانيا. ذلك التعاون الذي كان متوقعا ومحتملا، عبر انسياب الغاز الروسي الى المانيا وأوروبا؟! ********************************************** تعتبر الولايات المتحدة مهد علم السياسة والعلاقات الدولية في هذا العصر. اذ على يد علماء أمريكيين نشأ هذان العلمان، وتطورا في العصر الحديث. ولا تخلو جامعة أمريكية متوسطة، أو كبيرة من وجود قسم علمي للعلوم السياسية، يتخرج فيه عشرات الأمريكيين، وغيرهم. ثم يعملون في أجهزة الحكومة الامريكية، وما يرتبط بها من مؤسسات. وبعضهم يعملون في القطاع الخاص، خاصة في وظائف العلاقات العامة، والتجارة الدولية. كما تحفل أمريكا بمئات من “مراكز البحث العلمي الاستراتيجي” التي تغطى العالم، تقريبا، بحثا وتمحيصا، ونشرا وتوزيعا. حتى وصفت أمريكا بأنها “موطن علم السياسة” الحديث. وهناك الان عشرات، ان لم نقل مئات، من علماء ومفكري وفلاسفة السياسة الامريكيين المجيدين، والذين بلغت شهرتهم الافاق. ومنهم من نتحدث عن بعض أفكاره، في هذا المقال. ورغم كل هذه الإمكانات العلمية والاستخباراتية، وهذه الثقافة السياسية الواسعة، كثيرا ما نجد السياسة الامريكية، وخاصة الخارجية، تتخبط، يمينا ويسارا، وتسفر عن خيبات أمريكية وعالمية مشهودة.فهناك سياسات وإجراءات أمريكية أدت الى كوارث إنسانية هائلة، وما كان يجب أن تحدث لولا التهور، والكذب، والازدواجية، وتقديم مصالح خاصة معينة، وواضحة. وعلى سبيل المثال، خاضت الحكومة الامريكية، منذ قيام أمريكا عام 1776م، حوالي مئة حرب شعواء خارج حدودها. ولم يكن أغلبها لازما، أو يخدم المصلحة العامة الامريكية الصحيحة. إضافة الى ضعف الوعي السياسي لدى عامة الأمريكيين، وتدنى مستوى ثقافتهم السياسية، كما هو معروف. **** ومن الأمثلة الأخرى، تسخير الحركة الصهيونية الولايات المتحدة لتنفيذ ودعم احتلالها، وارهابها، واجرامها، ضد الشعب العربي الفلسطيني…. واستجابت حكومة أمريكا تمام الاستجابة – وبرحابة صدر – للأسباب المعروفة. وذلك أدى – بالضرورة – إلى: غضب الشعوب العربية والإسلامية من هذه الهجمة الصهيونية المسيطرة على صناعة القرار الأمريكي الخاص بمنطقة الشرق الأوسط. وكذلك استياء كثير من الأمريكيين، بل ومطالبتهم بوقف هذا التأثير (السلبي) للوبي الصهيوني، على سياسات بلادهم تجاه المنطقة والعالم. ومن أبرز “الأمثلة” على ما ذكر، هو البحث (الكتاب) الذي أصدره، عام 2006م، الأستاذان الجامعيان الأمريكيان: ” جون ميرشايمر”، أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو، و”ستيفن والت”، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد،بعنوان: تأثير اللوبي الإسرائيلي على سياسة أمريكا الخارجية. ورغم صدور هذا الكتاب منذ 16عاما، الا أنه ما زال يحظى بالاهتمام، في الوسط السياسي الأمريكي، لان معظم ما ورد فيه ما زال صحيحا. تأكدت صحته أكثر.وأورد هذان الباحثان عدة أمثلة على مواقف أمريكا تجاه دول المنطقة، المتأثرة بضغوط اللوبي الصهيوني، والمنفذة كما يريد هذا اللوبي، وبما يعتقد أنه يخدم اسرائيل، دون سواها… وقد لخصنا، في مقالنا السابق لهذا، أهم استنتاجات هذين الباحثين المرموقين، في كتابهما هذا. **** وقبل اندلاع حرب روسيا على أوكرانيا، وتحديدا في عام 2016م، ألقى “جون ميرشايمر” وحده محاضرة عن الوضع في أوكرانيا، وموقف بلاده والغرب تجاهه، وتجاه روسيا. وفي ذلك الحين، بدأت جذور وبوادر أزمة أوكرانيا، التي تفجرت في فبراير 2022م. حيث نصح بلاده بأن تتخذ موقفا منطقيا تجاه أوكرانيا. ونوجز فيما يلي ما قاله “ميرشايمر” في محاضرته، عام 2016م: ” أعتقد أن جوهر ما يحدث هو أن الغرب يدفع أوكرانيا للهلاك، عبر تزيين شهوة التوجه الى الغرب، والانضمام اليه، ومن ثم الاصطدام مع روسيا، وبالتالي الدمار. وقد اندفع قادة أوكرانيا في هذا الاتجاه. لذا، فأنني أدعو الى تغيير هذه السياسة، وتبنى سياسة، تتضمن وضع أوكرانيا على الحياد، ودعم اقتصادها، واخراجها تماما من ساحة الصراع بين الغرب وروسيا. ذلك هو الموقف الأفضل لأوكرانيا وشعبها. فبدون التزام “الحياد” بين الجانبين، الغربي والروسي، ستدخل أوكرانيا نفسها في دوامة مدمرة. ان ما نعمله، نحن هنا في الغرب، هو اننا نشجع قادة أوكرانيا على التشدد مع الروس، والإصرار على الانضمام الى حلف ناتو. لقد أوحينا لهم أن الوقت يسير في صالحنا، وأننا سننتصر، في نهاية الامر، على روسيا بوتن. وأننا سنضم أوكرانيا الى ناتو، عاجلا، أو اجلا. فان استمروا في تصديق ذلك، فسيقودون بلادهم للهلاك. ان تأليب أوكرانيا، من قبل الغرب، على روسيا، لن ينتج عنه سوى الصراع والحروب.ان من مصلحة أوكرانيا، ومصلحتنا هنا في الغرب، وأيضا من مصلحة روسيا، ألا تنضم أوكرانيا الى الغرب، بل تقف على موقف الحياد، لتنجو من التهلكة”. **** هذا هو بالفعل ما حصل. لذلك، صدق من قال: ان الموضوعية تقتضي أن نعترف بأن: روسيا معها الحق، سياسيا. فهي تدفع خطر فادح محتمل.أما أوكرانيا، هذه الدولة الكبيرة الجميلة والمتقدمة، فقد سقطت، وياللاسف، ضحية خبث الغرب (أو تامره، أو خداعه)، وحماقة ادارتها. وما زال السؤال الحائر يفرض نفسه: هل عمل الغرب ذلك عن قصد؟! وهل صحيح، أن أمريكا أرادت- بذلك- إيقاف التعاون الوثيق بين روسيا وألمانيا. ذلك التعاون الذي كان متوقعا ومحتملا، عبر انسياب الغاز الروسي الى المانيا وأوروبا؟! **********************************************
مشاركة :