يحظى موقف تركيا من انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" بأهميةٍ كبيرة باعتبار أن انضمام أي دولةٍ لهذا الحلف العسكري الذي يتخذ من بروكسل مقرّاً له، يتطلب موافقة كل الدول الأعضاء والبالغ عددها 30 دولة، فكيف سيؤثر الموقف التركي الحالي على انضمام ستوكهولم وهلسنكي إلى الناتو؟ وعلى الرغم من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن رسمياً رفض بلاده انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو وتعهّد بعدم تكرار خطأ أنقرة السابق عندما وافقت قبل عقود على عضوية اليونان في حلف شمال الأطلسي، إلا أن المتحدّث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن قال لاحقاً إن تركيا لن تغلق الباب أمام عضوية ستوكهولم وأنها ستثير هذه المسألة من منطلق "الأمن القومي" لأنقرة. ومع أن الرئيس التركي اتّهم ستوكهولم وهلسنكي بدعم حزب "العمال الكردستاني" الذي يخوض تمرّداً مسلّحاً ضد أنقرة منذ العام 1984، وجماعة فتح الله غولن الذي يتّهمه أردوغان بالوقوف خلف المحاولة الإنقلابية الفاشلة على حكمه والتي حصلت في منتصف شهر يوليو من العام 2016، إلا أن خبراء في الشؤون التركية نفوا أن يكون سبب الرفض التركي لانضمام كلتا الدولتين إلى الناتو متعلّقاً بالعمال الكردستاني وغولن. وقال بلال سامبور، الأكاديمي والأستاذ الجامعي، إن "تركيا تريد استخدام ملف انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو كبطاقة لتحقيق بعض المكاسب"، مضيفاً أن "أنقرة ترغب في أن تجعل انضمام كلتا الدولتين إلى الناتو مسألة أخذ وعطاء". وتابع لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت": "باعتقادي أن انضمام ستوكهولم وهلسنكي للناتو لا يشكل خطراً على تركيا، لكن أنقرة تريد أن تستفيد قدر الإمكان من هذا الملف، وبالتالي هي ترى في ذلك فرصة عظيمة للمساومة مع حلف شمال الأطلسي". كما أشار إلى أن "تركيا تسأل الناتو عن المقابل الذي ستحصل عليه إثر موافقتها على انضمام ستوكهولم وهلسنكي لحلف شمال الأطلسي، خاصة وأنها ندمت لاحقاً على موافقتها على انضمام أثينا للناتو بعد استبعادها في العام 1980". وبحسب الأكاديمي والأستاذ الجامعي، فإن أنقرة ترغب بإدراجها مجدداً في برنامج مقاتلات F-35، ورفع القيود الأميركية عن صناعاتها الدفاعية، مقابل موافقتها على انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو. وكانت فنلندا قد طلبت رسمياً يوم أمس الأحد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وذلك بعد عقود من عدم الانحياز العسكري. لكن تركيا أعلنت قبل ذلك إنها ترفض عضوية فنلندا والسويد التي تستعد للانضمام للتحالف العسكري الذي تأسس في العام 1949. والأسبوع الماضي قال الأمين العام للناتو ينس ستولتبرغ إنه يتوقع قبول عضوية كلتا الدولتين الاسكندنافيتين في الناتو. وعلاوة على تركيا، تعارض روسيا انضمام فنلندا التي تشترك معها بحدود تمتد لنحو 1300 كيلومتر، إلى حلف شمال الأطلسي. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد اعتبر أول أمس السبت خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفنلندي سولي نينيستو أنه " من الخطأ إنهاء الحياد العسكري لهلسنكي، حيث لا يوجد ما يهدد أمنها".
مشاركة :