موسكو/ستوكهولم - أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاثنين أن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) لن يشكل "تهديدا" في ذاته، لكن موسكو سترد على عمليات التوسع والانتشار العسكري. وجاءت تهديدات بوتين مع اتجاه فنلندا والسويد للتخلي عن عقود من عدم الانحياز العسكري للانضمام إلى الناتو في ظل المخاوف من عدوان روسي بعدما غزت موسكو أوكرانيا في 24 فبراير/شباط. وقال الرئيس الروسي خلال قمة نقلها التلفزيون لـ'منظمة معاهدة الأمن الجماعي' إن توسيع الناتو ليشمل فنلندا والسويد "لا يشكّل تهديدا مباشرا لنا، لكن توسيع البنى التحتية العسكرية في أراضي هذه الدول سيدفعنا بالتأكيد إلى الرد". و'منظمة معاهدة الأمن الجماعي' التي تقودها موسكو هي تحالف عسكري يضم ست دول كانت في الاتحاد السوفييتي هي روسيا وبيلاروس وأرمينيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان. وقال بوتين "هذه مشكلة تم اختلاقها بشكل زائف تماما، لأنها تصب في مصلحة السياسة الخارجية للولايات المتحدة"، مضيفا أن الناتو بات "أداة للسياسة الخارجية لبلد واحد"، معتبرا أن "كل ذلك يفاقم البيئة الأمنية الدولية الصعبة أساسا". وأعلنت فنلندا نيتها الانضمام إلى الناتو الأحد بينما أعلنت السويد الاثنين رسميا أنها ستتقدم بطلب للانضمام إلى الحلف، ما يمهّد لتقديم البلدين طلبا مشتركا للانضمام. وكان من بين الحجج التي استخدمتها روسيا لتبرير حربها على أوكرانيا زحف الناتو باتّجاه حدودها الغربية، لكن الآن، ستنضم فنلندا التي تتشارك مع روسيا حدودا يبلغ طولها 1300 كلم، إلى الحلف. وفي تصريحات أدلى بها أثناء القمة التي تستضيفها موسكو الاثنين، كان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو المقرّب من بوتين الوحيد ضمن التكتل (باستثناء الرئيس الروسي) الذي تطرق إلى مسألة توسع الناتو وأعرب عن دعمه لتحرك الكرملين العسكري في أوكرانيا. وقال لوكاشنكو الذي سمح في فبراير/شباط للقوات الروسية بدخول أوكرانيا من الأراضي البيلاروسية "يعزز الناتو قوّته بشكل عدائي، إذ جذب إليه فنلندا والسويد المحايدتين". واتّهم واشنطن بأنها "ترغب في إطالة نزاع أوكرانيا قدر الإمكان". وقال "ما لم تتحرّك دولنا سريعا.. قد لا يكون هناك مستقبل". وفي وقت سابق الاثنين، رأى الكرملين أن انضواء فنلندا والسويد في الناتو لن يعزز أمن أوروبا، بينما وصف نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف الخطوة بأنها "خطأ جسيم يحمل تداعيات واسعة النطاق". وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحافيين "لسنا مقتنعين بأن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي سيعزز بطريقة ما أو يحسن الهيكليات الأمنية في قارتنا"، مضيفا "هذه قضية خطيرة وهي قضية تثير قلقنا وسنتابع بعناية شديدة ما ستكون عليه نتائج انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو من الناحية العملية في ما يتعلق بأمننا الذي يجب ضمانه بطريقة غير مشروطة على الإطلاق". لكنه أشار أيضا إلى أنه بالمقارنة مع أوكرانيا، ليس بين روسيا وفنلندا أو السويد أي نزاع على الأراضي. وفي وقت سابق الاثنين أعلنت رئيسة الوزراء السويدية ماغدالينا أندرسن أن بلادها ستطلب الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي متحدثة عن "حقبة" جديدة لهذا البلد الاسكندينافي. وقالت خلال مؤتمر صحافي إن "الحكومة قررت إبلاغ حلف شمال الأطلسي برغبة السويد في أن تصبح عضوا في الحلف"، مضيفة "نخرج من حقبة لندخل حقبة جديدة" معلنة أن السفير السويدي لدى حلف الأطلسي سيقدم "بعد قليل" ترشيح ستوكهولم. وسبق أن أعلنت السويد وفنلندا رغبتهما في تقديم ترشيحيهما في الوقت نفسه. وقالت رئيسة الحكومة السويدية الاشتراكية-الديمقراطية "نتوقع ألا يستغرق الانضمام أكثر من سنة" مع المصادقة اللازمة من قبل الأعضاء الـ30 في الحلف. وكان هذا الإعلان متوقعا بعد التغير التاريخي في موقف الحزب الحاكم الأحد لتأييد الانضمام وضمان غالبية واسعة في البرلمان. وتشكل هذه الانعطافة بالنسبة لهلسنكي وستوكهولم وهما دولتان لم تنضما أبدا إلى الحلف حتى في ذروة الحرب الباردة، نتيجة مباشرة للغزو الروسي لأوكرانيا. ويبحث البرلمان الفنلندي والسويدى ترشح الدولتين الاسكندنافيتين للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي الاثنين، مع ضمان أغلبية كبيرة في كلا المجلسين. وبدأ البرلمان الفنلندي جلسة ماراثونية صباح الاثنين لدرس الترشح الذي قدمته السلطة التنفيذية رسميا الأحد قبل التصويت الذي سيجرى صباح الثلاثاء. ووفقا لآخر تقارير وسائل الإعلام الفنلندية، فإن 85 بالمئة على الأقل من 200 نائب سيصوتون لصالح الانضمام إلى الناتو.
مشاركة :