خلص الاستطلاع الذي أجرته وكالة بلومبيرغ ومؤسسة بيربل لاستراتيجيات استطلاعات الرأي الانتخابية، إلى أن ثلثي الناخبين المحتملين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، يؤيدون دعوة دونالد ترامب للحظر المؤقت لدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، بينما قال أكثر من الثلث منهم إنهم سيصوتون له في الانتخابات التمهيدية. وقال دوغ هاشير الذي أدار عملية الاستطلاع في واشنطن لصالح مؤسستي بيربل وبلومبيرغ في تحليله للنتائج: نعتقد هذه الأرقام دلالة على ارتفاع عدد الناس الذين يعبرون عن حقيقة التعصب الديني، وغيرهم ممن يخشون من الإرهاب، وأنهم مستعدون لفعل أي شيء، يعتقدون أنه يجعلهم أكثر أماناً. لكن من ناحية أخرى عند النظر إلى طريقة تعاطي عموم الشعب الأمريكي باتجاهاته كافة الحزبية، نجد أن الدنيا مازالت بخير، ويتضح ذلك من نتائج الاستطلاع الذي أقامته مؤسسة إن بي سي وصحيفة وول ستريت جورنال التي أظهرت أن غالبية الأمريكيين تعارض اقتراح ترامب، بشأن منع المسلمين مؤقتاً من دخول الولايات المتحدة. وأن ربع الأمريكيين فقط (25%) يؤيدونها، بينما يعارضها 57% منهم. بل أكثر من ذلك فإن الصحيفة وإن بي سي عندما استطلعت الناخبين المحتملين داخل الحزب الجمهوري نفسه، وجدت أن 39% منهم يعارضون دعوة ترامب تجاه منع المسلمين من الدخول، في حين أيد 38% مقترحه. وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة، التي حظي بها ترامب ومقترحه، بما في ذلك معظم المنافسين له على الرئاسة داخل الحزب وخارجه، إلّا أن استطلاع وول ستريت الذي يعد أحدث استطلاع بعد تصريحاته الأخيرة، وجد أن نظرة الجمهور لم تتغير كثيراً، ورداً على سؤال لتقييم نظرتهم تجاه ترامب عقب التصريح، قال 59% من المستطلعين إنهم ينظرون له بشكل سلبي، في حين عبر 27% منهم عن نظرتهم الإيجابية له، وهو نفس الرقم الذي حصل عليه في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وفي داخل ناخبي الحزب الجمهوري فإن 51% مازالوا ينظرون بإيجابية لطريقة ترامب في تعاطي القضايا الانتخابية، بينما احتفظ 26% من الجمهوريين بنظرتهم السلبية له. وكان كثير من منتقدي ترامب وخصومه السياسيين، يأملون في تآكل كتلة الداعمين له، لكن يبدو بدلاً من ذلك أن اقتراحه الذي قدمه بنفس طريقته الاستفزازية خلال حملته الانتخابية، ورغم أن منتقديه دائماً ما كانوا يصفونه بأنه (فاحش) القول، إلّا أن جمهوره مازال يحبه بحسب صحيفة وول استريت جورنال التي قال لها في هذا الصدد بيتر هارت، وهو خبير في استطلاعات الرأي، ساعد في دراسة نتائج الاستطلاع: لقد كان دونالد ترامب المرشح الأكثر نجاحاً في قيادة الحوار، وتحديد اتجاهاته منذ الحملة الانتخابية لرونالد ريغان في عام 1980، وأضاف النخبة في الحزب تخشاه، والجمهور مذهول منه، وقاعدته من الناخبين يبجلونه ويحترمونه، وإن ترشيح ترامب تحدى منطق السياسة وخطورة الخطاب المدني. رعب من تولي ترامب الرئاسة بالعودة إلى استطلاع بلومبيرغ نجد أن ترامب، رغم تصريحاته المثيرة للجدل مازال يحتفظ بالصدارة حيث عبر 64% عن دعمهم له من ناخبي الحزب الجمهوري، في حين قال 33% منهم إنهم ينظرون له بشكل سلبي، وأتى خلفه المرشح تيد كروز وفي المرتبة الثالثة روبيو. لكن بالنظر إلى جميع الناخبين بكافة اتجاهاتهم السياسية، أظهرت النتائج عدم رضا عام وغالب على ترامب، حيث قال 64% من عموم الناخبين إنهم لا يفضلونه، وينظرون له بشكل سلبي، بينما فضل 33% منهم إظهار دعمهم وتأييدهم له. لكن من جهة ثانية فقد أظهر نفس الاستطلاع أن ثلثي الأمريكيين تقريباً، يشعرون بالقلق والرعب من فكرة وصول ترامب إلى سدة الرئاسة، حيث أعرب 24% عن قلقهم من أن يحول ترامب أقواله إلى أفعال، إذا ما انتخب رئيساً، بينما قال 40% من الناخبين إنهم خائفون ومرعوبون من تولي ترامب الرئاسة، في الوقت الذي قال فيه بالمقابل 23% إنهم قلقون من تولي هيلاري كلينتون للرئاسة، وعبر 34% فقط عن خوفهم ورعبهم من توليها للرئاسة. وهنا تجدر الإشارة إلى الحديث الذي ساقه ضابط المخابرات البريطاني السابق ريتشارد باريت لصحيفة وول ستريت، عندما اعتبر تصريحات ترامب تجاه المسلمين تمثل الوقود الذي يعمل من خلاله تنظيم داعش بتصويره للإسلام على أنه في حالة حرب مع الغرب. ولكن لو ألقينا نظرة أخرى على استطلاع وول ستريت جورنال نجد أن 41% من جملة المستطلعين يعتقدون أن تصريحه بمنع المسلمين من الدخول لأمريكا يعبر عن المعتقدات الشخصية للمرشح ترامب، ولا يشاركه فيها معظم الناخبين الجمهوريين، لكن على النقيض من ذلك فإن ربع المستطلعين يرون أن معظم الناخبين الجمهوريين متفقون معه في أفكاره ووجهة نظره. وهو ما يظهر بوضوح في نتائج المستطلعين داخل الحزب الجمهوري، حيث نجد أن الغالبية تتبنى نهجه، ولكن بدرجات مختلفة من التحفظ حول أسلوبه. حيث اتفق نحو 37% مع عبارة طريقة ترامب ولغته تزعجني، لكنه يثير قضايا مهمة، في حين وافق 40% على القول إن ترامب يقول الحقيقة كما هي، ولديه النهج الصحيح حول العديد من القضايا. ويقول براد جلين الذي يميل للحزب الجمهوري لكنه مازال على الحياد، حول من يستحق دعمه في السباق الرئاسي: أنا أحب صراحته، وأنه يسير في طريق للحصول على المزيد من الناس الذين سيصوتون له بينما يقول ستيفن مادكوس وهو مزارع ماشية في ولاية فرجينيا إنه سيصوت له حتى لو ترشح مستقلًا. الرعب يقود الناخبين ولفهم ديناميكيات الدعم الكبير الذي يحظى به ترامب، علينا النظر في الاستطلاع الذي أقامته نيويورك تايمز ومحطة سي بي إس للأخبار، والذي أظهر رعب وخوف الأمريكيين من احتمال وقوع هجوم إرهابي على الولايات المتحدة، خاصة بعد هجمات باريس وسان برناردينو بولاية كاليفورنيا، ويمكن ملاحظة ذلك في ارتفاع نسبة الجمهور الأمريكي الذي جرى استطلاعه من كافة الاتجاهات السياسية، حيث قال 19% إن الإرهاب يأتي على رأس قائمة القضايا التي تواجه أمريكا، بالرغم من أن آخر استطلاع أجرته المؤسستان قبل شهر واحد، وضع 4% فقط من جملة المستطلعين التهديدات الإرهابية أعلى قائمة القضايا التي تواجه أمريكا. واللافت للنظر أن 44% من جملة المستطلعين من أطياف الشعب الأمريكي كافة، يرون أن هناك هجوماً إرهابياً سيحدث في البلاد في غضون الأشهر القليلة المقبلة، وهي أكبر نسبة توقع لهجوم إرهابي على أمريكا بعد أحداث سبتمبر/أيلول، بل إن 7 من كل 10 أمريكيين يرون أن تنظيم داعش يمثل أكبر تهديد للولايات المتحدة في الوقت الراهن. وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن ترامب استفاد كثيراً من هذا القلق، لذا باشر في اللعب على هذا الوتر، داخل الحزب الجمهوري وخارجه، وهو ما يظهر في النسب التي حصل عليها، حول مَنْ هو الأقدر على مواجهة الإرهاب حيث أعرب 7 من كل 10 جرى استطلاعهم في الحزب الجمهوري، أن ترامب مجهز نفسه جيداً للرد على التهديدات الإرهابية، في حين قال 4 من كل 10 منهم أنهم (واثقون جداً جداً) من أنه لديه القدرة على التعامل مع الإرهاب، وقالت الصحيفة إن السيناتور تيد كروز هو الثاني من حيث الاقتراب من هذه الأرقام. ثلثا الأمريكيين ينظرون بإيجابية للمسلمين ويظل السؤال الذي يطرح نفسه هل استطاع الإرهابيون من أمثال داعش، والقاعدة في السابق، تشويه صورة الإسلام والمسلمين لهذه الدرجة في الولايات المتحدة، لنرى ماذا يقول أحدث استطلاع قامت به إن بي سي وصحيفة وول ستريت جورنال والذي أجري بعد تصريحات ترامب الأخيرة، حيث وجد الاستطلاع أن ما يقارب ال 60% من الأمريكيين بكافة تياراتهم السياسية، لديهم وجهة نظر إيجابية تجاه المسلمين، وهي نسبة مرتفعة جداً بحسب القائمين على الاستطلاع مقارنة باستطلاع آخر أجروه بعد أحداث سبتمبر 2001. وبالنظر إلى نظرة الجمهوريين بشكل خاص للمسلمين، وجد الاستطلاع أن نصف الجمهوريين الذين سيصوتون في الانتخابات التمهيدية للحزب، لديهم نظرة سالبة للغاية تجاه المسلمين، لكن بالمقابل نلحظ ارتفاعاً واضحاً في النظرة الإيجابية تجاه المسلمين، والتي وصلت إلى 79% من الناخبين المحتملين داخل الحزب الديمقراطي في حين ينظر لهم 11% فقط بشكل سالب. صدم العالم كثيراً جراء تصريحات مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب الأوفر حظاً، إلى الآن، داخل الحزب، والتي دعا من خلالها لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، وهي الدعوة التي لاقت استهجاناً كبيراً في جميع أرجاء المعمورة، لما تشكله من عنصرية، وتأجيج للمشاعر السلبية تجاه الأديان بشكل عام، وتجاه الإسلام بشكل خاص، نسبة لأن الدعوة خرجت من الولايات المتحدة التي تحسب على أنها رائدة في مجال الحريات الدينية والديمقراطية. ومع هذا فإن هذه التصريحات فتحت تساؤلاً كبيراً داخل المجتمع الأمريكي، خاصة أنه المعني الأول بهذه التصريحات التي أتت في سياق حملة انتخابات الرئاسة، ولمعرفة ردة الفعل هذه دعونا نلقي نظرة في استطلاعات الرأي، التي أجرتها المحطات التلفزيونية؛ والصحف؛ ومراكز البحوث، سعياً منها للتحقق من نظرة الناخبين المحتملين حول هذه القضية الشائكة.
مشاركة :