سيناريو متشائم ينتظر مستقبل «النفط الصخري» تفشل سياسة خفض الإنفاق

  • 12/12/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أبدى المهندس برت ويكرينك؛ مدير أنظمة التشغيل في عملاق الغاز في هولندا “كيوا”، تشاؤمه إزاء مستقبل إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، في ظل استمرار حالة تراجع الأسعار إلى مستويات أقل من الحرجة، مشيرا إلى أن الإنتاج في ولاية ألاسكا الأمريكية توقف بالكامل، وأن سياسات خفض الإنفاق وتسريح العمالة لم تنجح في إعادة الحياة إلى هذا النوع من الإنتاج عالي التكلفة. وقال ويكرينك في حوار لـ “الاقتصادية” من فيينا، إن اجتماع “أوبك” الأخير الذي شهد صعوبة التوافق على سقف جديد للإنتاج، كان متوقعا بسبب اختلاف مواقف دول رئيسة في المنظمة ترى استقرار السوق بمنظور مختلف، لكن الأمر لا يعني ضعف “أوبك”، ولكن المنظمات الكبرى تواجه أيضا تحديات أكبر. وأشار إلى أهمية التفاوض والحوار المستمر بين المنتجين داخل وخارج “أوبك” واعتماد حلول وسط تحقق التوافق بين كل الأطراف، وتسهم في مواجهة الأزمات بشكل جماعي وفعال، وبالتالي سينعكس إيجابيا على سوق النفط الخام. وأوضح أن هناك أكثر من سيناريو بشأن مستقبل أسعار النفط، حيث يتوقع البعض عودة الأسعار المرتفعة بتأثير من نمو واسع للطلب، بينما يتوقع البعض الآخر بقاء الأسعار منخفضة مع حدوث ارتفاعات تقودها إلى مستويات متوسطة، وذلك نتيجة حالة وفرة المعروض وتنوع موارد الطاقة التي سيمتد تأثيرها على السوق لفترة ليست قصيرة، إلا أنه لم يستبعد عودة الأسعار إلى مستوياتها السابقة خلال الفترة المقبلة. وأشار ويكرينك إلى أن سوق الهند من الأسواق الواعدة التي ستشهد في السنوات المقبلة نموا واسعا في استثمارات الطاقة خاصة الغاز والنفط، مع ارتفاع مستويات الطلب إلى معدلات جيدة تعيد بعض التوازن النسبي للسوق، خاصة إذا تزامن ذلك مع تحسن المؤشرات الاقتصادية في الصين ونجاح خطط التحفيز الاقتصادي، وإلى نص الحوار: ما توقعاتك لأسعار النفط الخام في ظل الظروف الراهنة للسوق؟ هذا سؤال صعب، وتوقع أسعار النفط بات مهمة شديدة الصعوبة، في ظل الوضع المتردي لمستوى أسعار النفط الخام في المرحلة الراهنة، والواقع أن هناك عديدا من السيناريوهات المحتملة وفق المهتمين بتحليل ودراسة سوق النفط، وأبرز تلك السيناريوهات أن النفط سيستعيد الأسعار المرتفعة مرة أخرى، على المدى الطويل والمتوسط وسيعوض فترات الانخفاضات الحادة، وسيكون ذلك مدفوعا بنمو واسع في مستويات الطلب على الطاقة بشكل عام وعلى النفط الخام بشكل خاص، باعتباره المصدر الأهم والرئيس لمزيج الطاقة في أغلب دول العالم، أما السيناريو الآخر والمحتمل أيضا بنسبة كبيرة فهو أن تبقى أسعار النفط الخام منخفضة بشكل دائم مع إمكانية التحسن إلى مستويات متوسطة، وبحسب التقديرات، راجع إلى وفرة موارد الطاقة بشكل متعدد ومتنوع وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة يقلل فرص العودة إلى المستويات المرتفعة السابقة بحسب تقديرات البعض. من وجهة نظرك، كيف تستعيد السوق التوازن بين العرض والطلب؟ توازن سوق الطاقة بشكل عام يحتاج إلى الاعتماد على موارد ومصادر متعددة للطاقة وليس مصدرا واحدا، وبالنسبة للنفط الخام – في رأيي الشخصي – لا أتوقع نموا في الطلب على النفط الخام، خاصة في أوروبا، ويرجع ذلك إلى تسارع التحول نحو موارد الطاقة الجديدة، والمتجددة التي يتزايد الاعتماد عليها على نحو واسع في الاتحاد الأوروبي بصفة خاصة، وهناك عامل آخر له تأثير كبير في الطلب على النفط، وهو زيادة برامج كفاءة استهلاك الطاقة التي تقلل نمو الطلب على النفط وأعتقد أن المراهنة على نمو الطلب خاصة في أوروبا غير سليمة، وأن الأفضل للمنتجين خفض الإنتاج خاصة من مصادر الإنتاج مرتفعة التكلفة في أمريكا وكندا التي تشمل كل موارد النفط الضيق. ما رأيك في استراتيجية "أوبك" وكبار منتجي النفط في الإبقاء على مستوى الإنتاج مرتفعا وأحيانا شديد الارتفاع؟ هو أمر متوقع أن تستمر "أوبك" والمنتجون من خارجها بالإبقاء على سياسات الإنتاج وفق معدلات مرتفعة، وذلك في إطار تقلص الأسواق والمنافسة الشديدة على الحصص السوقية وتعويض جزئي لانهيار الأسعار بزيادة الصادرات، وأعتقد أن هذه الحالة في السوق ستستمر حتى تصل الأسعار إلى المستوى الذي لا يحتمله بعض المنتجين خاصة ذوي التكلفة المرتفعة، بينما م. برت ويكرينك أصحــــاب التــكلفـــة المنخفضــة فسيكونون أقـدر علـــى التواؤم والاستمرار في السوق ويفوزون بحصص أكبر في السوق ويتحملون العبء الأشد في تأمين الإمدادات والاحتياجات من الطاقة التقليدية. ما تقييمك لدور "أوبك" في سوق النفط الخام في العالم، وهل هي قادرة على قيادة تحقيق الاستقرار والنمو؟ "أوبك" منظمة قوية وذات خبرة في السوق، وأدركت مبكرا أن ملامح السوق تتغير، وأن حالة وفرة الموارد وتنوع المنتجين، وكون أن أغلب المعروض يجيء من خارجها يعني أنها لا تتحكم في السوق وحدها، وأن دورها تغير، ولم يعد القائد والمتحكم وإنما أصبح الشريك المهم في السوق الذي يسعى إلى العمل الجماعي والتعاون الواسع مع كل الأطراف. ما تأثير قضايا البيئة على سوق الطاقة في العالم، خاصة في ضوء قمة التغير المناخي الأخيرة؟ قضايا البيئة تفرض نفسها بقوة على الساحة العالمية، لأنها الهاجس الذي يقلق البشرية، وإنتاج الطاقة هو جزء مهم من معادلة حماية البيئة في العالم وهناك اهتمام واسع في أوروبا بزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وحتى في الولايات المتحدة، التي ركزت في السنوات الأخيرة على الإسراع في زيادة إنتاج النفط والغاز الصخريين، أصبحت تركز الآن بشكل واسع على المعايير البيئية وكفاءة الإنتاج، وهناك خطوات واسعة في التحول للطاقة النظيفة وهي عنصر ومن العناصر المتسببة في انهيار أسعار الطاقة التقليدية، ذات الانبعاثات الكثيفة من الكربون وهي مطالبة الآن بالتوسع في التكنولوجيا المتطورة التي تخفض تلك الانبعاثات، وإلا سينهار الطلب عليها بشكل كبير في السنوات القليلة المقبلة. ما مستقبل إنتاج النفط والغاز الصخريين خاصة في الولايات المتحدة في ضوء مستويات الأسعار الحالية؟ أنا شديد التشاؤم بشأن النفط الصخري في الولايات المتحدة، وتقريبا كل عمليات الإنتاج في ولاية ألاسكا الأمريكية قد توقفت تماما بعد انهيار الأسعار، وخلال العام المقبل سيواجه هذا النوع من الإنتاج مزيدا من التوقف والتراجع لأنه إنتاج عالي التكلفة، ومهما لجأت الشركات إلى خفض النفقات وتسريح العمالة لن تستطيع التواؤم مع مستوى أسعار مثل 30 دولارا للبرميل. وماذا عن التحديات التي تواجه الاستثمارات النفطية في ظل الظروف الراهنة؟ هي واحدة من أكثر الفترات صعوبة على الاستثمارات النفطية لأن الأسعار وصلت إلى النقاط الحرجة وتعدتها، وربما تكون الأزمة أقل أثرا فيما يتعلق بالغاز لأن تكلفة إنتاج الغاز تقل إلى النصف تقريبا، كما أنه يحظى بقبول أوسع لدى المستهلكين لنظافته وقلة أخطاره على البيئة، ولكن عموما يمكن القول إن الأزمة من الواضح أنها ممتدة لبعض الوقت وهو ما يتطلب من الاستثمارات أفكارا وحلولا مبتكرة لمواجهة الموقف. في تقديرك ما النصائح التي توجهها للمنتجين والشركات لتجاوز تداعيات الأزمة الراهنة؟ من الضروري في الظروف الراهنة التوقف عن الاستثمارات طويلة الأجل ومرتفعة التكلفة وزيادة الكفاءة الإنتاجية، حتى تتحسن ظروف السوق وهي سياسات لجأت إليها بالفعل أغلب الشركات الدولية المنتجة للنفط. ما مستقبل أسواق الصين والهند كمحور للطلب العالمي على الطاقة؟ بالنسبة لنا في قطاع الغاز نعتبر الهند سوقا ضخمة ومهمة ويتنامى فيها الطلب على الغاز بمعدلات شديدة الارتفاع وقادرة على امتصاص أي زيادة في إنتاج الغاز الطبيعي، وأعتقد أن الاستثمارات المميزة والمهمة ستكون في السوق الهندية التي تتمتع بمؤشرات نمو جيدة وعالية، وأيضا الهند مهمة لمنظومة الطلب على النفط الخام ويمكن أن تحقق الكثير لهذه السوق إذا تسارعت بها معدلات النمو التي يراهن البعض على أنها قد تصل إلى 11 في المائة، وهي معدلات شديدة الارتفاع. أما بالنسبة للصين فهي ثاني أكبر مستهلك على مستوى العالم، وتلعب مؤشراتها الاقتصادية دورا مهما في التأثير على الطلب على النفط الخام، ويمكن أن تحقق الكثير إذا تجاوزت بعض التباطؤ الاقتصادي، ونجحت فيها خطط تحفيز الاقتصاد وحققت نموا كبيرا في الواردات والنشاط الصناعي. كيف تقيم الاجتماع الأخير لوزراء "أوبك"؟ الاجتماع كان من الاجتماعات الصعبة والطويلة في تاريخ "أوبك"، بحسب ما تابعنا في وسائل الإعلام، وواجه تحديات كبيرة، وفي تقديري أن أهمها مدى إمكانية تحقيق التوافق أو الحلول الوسط بين المنتجين المختلفين في مواقفهم وفي رؤيتهم وتقييمهم لأوضاع السوق، والمنظمات الكبيرة دائما ما تواجه تحديات جسيمة، وربما يكون الاجتماع المقبل في ظروف أفضل للسوق، ومن ثم يمكن الوصول إلى التوافق وتوحيد المواقف، ولا شك أن تقارب الرؤى بين المنتجين يسهل جهود التعاون، ويقلل من أعباء وتداعيات الأزمات الاقتصادية، وعلى الجميع أن يدرس السوق جيدا في الشهور المقبلة، وأن يغلب المصلحة العامة ومستقبل الصناعة على تحقيق أي مكاسب سريعة ومؤقتة.

مشاركة :