أظهرت دراسة أكاديمية أن البنوك المركزية في منطقة اليورو اشترت في هدوء أصولا بمئات المليارات من اليورو خلال السنوات العشر الماضية من خلال تسهيل سري يسمح لهم بطباعة النقود لغير أغراض السياسة النقدية. وفي حين يعرف الجميع جيدا برنامج التيسير الكمي الخاص بالبنك المركزي الأوروبي والبالغة قيمته 1.5 تريليون يورو (1.64 تريليون دولار) فإن وجود تلك الخطة المنفصلة الخاصة بشراء السندات وأصول أخرى كشف عنه الباحث دانيال هوفمان للمرة الأولى في دراسة وهي جزء من رسالة الدكتوراه التي يعدها. وبحسب "رويترز"، فقد تضخم إجمالي حجم الأصول التي تملكها البنوك المركزية الوطنية خارج إطار عمليات السياسة النقدية العادية إلى 623 مليار يورو العام الماضي من 214 مليار يورو في 2005 بحسب هوفمان الذي جمع البيانات من الميزانيات العامة للبنوك المركزية الوطنية. وتثير الدراسة تساؤلات بخصوص استخدام البنوك تلك الخطة التي تستهدف أغراضا غير نقدية مثل إدارة صناديق التقاعد التابعة للبنوك المركزية وبخاصة إبان الأزمة المالية العالمية من 2008 إلى 2012 عندما اضطرت الزيادة في عائدات السندات الحكومية عدة دول إلى طلب المساعدة المالية. وزادت المشتريات بشكل كبير في سنوات الأزمة وبخاصة تلك التي قامت بها البنوك المركزية في فرنسا وإيطاليا واليونان وأيرلندا، وقال البنك المركزي الأوروبي على موقعه الإلكتروني إنه من غير الممكن حدوث تكوين للأموال على نحو غير منضبط باستخدام هذا التسهيل المعروف بمسمى اتفاقية صافي الأصول المالية لأن هناك سقفا لما يمكن لكل بنك من البنوك المركزية الوطنية شراؤه لمنع تداخله مع السياسة النقدية. لكن تلك الحدود غير معلنة، وبينما يتعين على البنوك المركزية الوطنية إخطار البنك المركزي الأوروبي بما تقوم بشرائه فإن الكثير من تلك البنوك لا يعلن مثل تلك التفاصيل. وخلص البحث إلى أن حجم الأصول المصنفة تحت بند "أوراق مالية أخرى" في الميزانيات العامة للبنوك المركزية الوطنية، التي جرى شراؤها بأموال مخلقة ذاتيا قفز من 122.6 مليار يورو في 2005 إلى 374.9 مليار يورو في 2014، ويبلغ حجم تلك الأصول حاليا 358.2 مليار يورو، وفقا للبيان المالي المجمع لمنظومة اليورو "يورو- سيستم". وأشار هوفمان إلى أن هذه الزيادة في الحجم غابت عن الرأي العام بشكل كامل تقريبا، فيما ذكر مصدر من منظومة اليورو أن إجمالي حجم الأصول التي تمتلكها البنوك المركزية بمنطقة اليورو لأغراض غير نقدية بلغ 575 مليار يورو في نهاية 2014 مقارنة بإنفاق شهري يبلغ 60 مليار يورو بموجب برنامج شراء الأصول الخاص بالبنك المركزي الأوروبي الذي أطلق في آذار (مارس) ومن المقرر استمراره لمدة 25 شهرا ما يعني أن الحجم الإجمالي قد يصل إلى 1.5 تريليون يورو. وحذر مسئول رفيع المستوى في البنك المركزي الأوروبي من أن سياسة البنك القائمة على إتاحة القروض الرخيصة في أسواق المالية لتحفيز الاقتصاد الأوروبي المتعثر تقترب من أقصى حد لها، لكنها يمكن أن تكون أكثر فاعلية إذا واصلت الدول إصلاحاتها الاقتصادية. وقال يفيس ميرش عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي إنه ما زالت لدينا بعض الذخيرة، لكن التأثير سيكون أكبر إذا استمر تنفيذ الإصلاحات الضرورية، مشيرا إلى أنه لا يستطيع إنكار أن المرء يشعر بوجود ضيق من الإصلاحات في أجزاء من بعض الدول الأعضاء في منطقة اليورو. ويقول بعض المنتقدين إن البرنامج الذي يتضمن ضخ 60 مليار يورو (65 مليار دولار) شهريا في أسواق المال خفف الضغوط على دول اليورو لكي تواصل الإصلاحات الهيكلية المطلوبة. ويؤكد ميرش أن الأغلبية في مجلس محافظي البنك المركزي يعتقدون أن الإجراءات المطبقة ما زالت فاعلة، ودون تدخل البنك المركزي الأوروبي كنا سننزلق إلى الكساد. ويستهدف البنك المركزي الأوروبي الوصول بمعدل التضخم في منطقة اليورو إلى 2 في المائة، في حين أن معدل التضخم الأساسي حاليا يكاد يكون نصف هذا المعدل، رغم كميات السيولة النقدية التي تم ضخها في الاقتصاد لتحفيزه ورفع الأسعار، في الوقت نفسه فإن سعر الفائدة الرئيسية في منطقة اليورو يبلغ 0.05 في المائة.
مشاركة :