اعتدال: المتطرفون سطو على النصوص التراثية وزوّروها

  • 5/17/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

طالب المركز العالمي لمكافحة التطرف «اعتدال»، حماية النصوص الثقافية من عمليات التزوير والتشوية والتدليس من المتطرفين فكرياً. وشدد على حماية نصوص التراث من سطو المتطرفين وتلاعبهم الانتهازي، بإخضاعها للكثير من التدقيق الأكاديمي الذي يعطي صورة واضحة على دلالاتها الحقيقية، ووضعها من جهة أخرى في سياقها الخاص بحيث يصعب استعمالها في غير مواضعها، أو إسقاطها بشكل غير مشروع على موضوعات لا تمت لها بصلة. وأشار المركز إلى أن ضبط التاريخ المعجمي للتراث، وتدقيق تلويناته الدلالية، كفيل بمنع الاستعمال غير الشرعي لكلمات تستعمل في غير موضعها، فتزييف الفكر، تبرر ما لا يبرر في الأصل، إلا من خلال تشويه الحقائق ومن ثم إرباك وتضليل المدارك المعرفية للفئات المجتمعية خصوصًا صغار السن منهم، حيث يسهل استقطابهم وتجنيدهم بمزاعم قائمة على أسانيد باطلة ونصوص مجتزأة ومشوهة. وأكد المركز العالمي لمكافحة التطرف، أن التنظيمات المتطرفة مع إجرامها الإرهابي تعمل على سرقة التراث وتزويره والتحايل عليه وبه، فهي تستبق جرائمها المادية بأخرى رمزية أكثر خطرًا على مرجعيات الأمم، وتدميرًا لوضوح رؤاها المعرفية، وتصوراتها الاجتماعية؛ حيث من المفترض أن يكون كل مجتمع على وعي كامل بمساره الفكري الخاص؛ لأن هذه المعرفة التي تتشكل في الغالب عبر التداولات الفكرية داخل مشهدها الثقافي، هي ما يمنح المواطنين تلك المرجعيات المشتركة التي تسمح لهم بأن يتواصلوا على نحو أكثر سهولة، وينخرطوا في مشاريع مجتمعية وطنية، حيث يمنحهم ذلك بصمة مميزة في خطابهم وفهمهم وذوقهم. ولفت «اعتدال» إلى أنه لا يخلو مجتمع في الواقع من هذه المرجعيات الفكرية الوطنية، لكن الخطر يبتدئ حينما تفقد هذه الأخيرة وضوحها من خلال عمليات التشويه الإيديولوجي من قِبل الجماعات والتنظيمات المتطرفة، وفي ذلك نقاط عدة؛ أولها تضخيم الحس الانتهازي لديهم، الذي يسمح لهم بأن يتربصوا بأي نقطة رمادية داخل النصوص، كي يحولوها إلى بؤرة على أساسها يبنون مواقفهم المتطرفة، وهم كثيرًا ما يتعمدون إخفاء التفاصيل التي تفسر حقيقة بعض إحالاتهم المرجعية، وذلك في سبيل جعلها تخدم أجنداتهم الخاصة وتحقيق مآربهم عبر إستراتيجيات خادعة قائمة على التشويه والتزوير والتدليس. وبين المركز العالمي لمكافحة التطرف، أن أصحاب الفكر المتطرف يتعمّدون الخلط بين النصوص، دون أي اعتبار لاختلاف الأسانيد الفكرية التي تتأسس عليها أطروحات المفكرين، فقراءة النصوص المؤسسة للتطرف المعاصر تعتمد على الطابع التلفيقي والتضليلي، وغياب المنهج المنضبط في بناء القول لديهم، وهذا يجعل أي سجال فكري مع المتطرفين يدور في الفراغ، ويسقط في الغالب في نزعة انطباعية تتمظهر في مشاعر الكراهية ولغة التكفير التي يلجؤون إليها لمداراة الزيف المعرفي الذي تعاني منه نصوصهم. وأشار «اعتدال» أن الفكر المتطرف يتبع أسلوب التيه الزماني والمكاني في نصوصه، وهو ما يفسر استعماله نصوصًا من التراث خارج سياقها، حيث إن خطاباته منغمسة بشكل متعمد في تماهي زماني ومكاني خيالي مع لحظات معينة من التاريخ، فيتخيل أصحاب هكذا فكر أنفسهم كما لو أنهم ما يزالون مستمرين في نفس المعارك التي لم يعد لها وجود في الواقع، وهو ما يفسر قراءاتهم التاريخية المنقوصة والمقتطعة في آن واحد، الأمر الذي يجعلهم يتعاملون مع مواقف تفصلنا عنها قرون طويلة، كما لو أنها مواقف راهنة، وبالتالي فهم يستعملون تلك النصوص والخطب التاريخية باعتبارها تصورات صالحة لكل زمان ومكان، دون أن يعوا أن المقولات رهينة بسياقها، وأن القفز على الفواصل المكانية والزمانية يتسبب في فقدان الحس الواقعي، وفي تزوير الذاكرة التاريخية للنصوص. مركز «اعتدال» يحاور ويستقبل كل ثقافات العالم

مشاركة :