فوز أوكرانيا بمسابقة يوروفيجن سياسي بامتياز

  • 5/17/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

فوز أوكرانيا بمسابقة يوروفيجن سياسي بامتياز الجميع توقعوا مسبقا منح أوكرانيا اللقب في هذه المسابقة “المسيّسة” كما وصفتها الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا معتبرة أن المسابقة أظهرت أن إذلال أوروبا بات الآن توجها سائدا. الدافع سياسي بامتياز كيف تعرف إن كانت الأمور أفضل في تركيا؟ الجواب: عندما تشارك في يوروفيجن مجدداً. نكتة يتداولها الأتراك على صفحات التواصل الاجتماعي، إلا أنها تحمل الكثير من الدلالات. فهناك دائما حديث عن تأثيرات غالبا ما تكون سياسية في اختيار البلد الفائز بالجائزة في مثل هذه المسابقات. سبق لتركيا أن فازت بالمركز الأول، حدث ذلك في العام 2003، عندما فازت نجمة الأغنية التركية سيرتاب إرينر بجائزة يوروفيجن عن أغنيتها الإيقاعية “إيفري وي ذات آي كان” التي مزجت بين موسيقى البوب والموسيقى التقليدية، مصحوبة برقص شرقي. حققت الأغنية تركية بعد هذا الفوز نجاحات أخرى، واحتل ممثلوها، في أكثر من مشاركة، واحداً من المراكز الخمسة الأولى. وترافق الفوز مع شروع تركيا عام 2005 في مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وتنفيذ مجموعة من الإصلاحات ذات طابع ديمقراطي. لكنّ الأمور بدأت تتخذ منحىً مختلفاً اعتباراً منذ العام 2013، عندما اعتمدت الحكومة التركية نهجاً متشدداً في التعامل مع المعارضة، وعندما توترت علاقاتها مع الدول الأوروبية. يوروفيجن ليست الجائزة الوحيدة التي تثير الجدل. هناك دائما اتهامات ترافق توزيع الجوائز، نصيب الأسد منها يذهب إلى جائزة نوبل، خاصة بفرعيها الآداب والسلام عدم المشاركة لم يمنع الأتراك من متابعة النسخة الأخيرة من يوروفيجن، التي اختتمت مساء السبت في مدينة تورينو الإيطالية وفازت فيها أوكرانيا بالمركز الأول. حرص الأتراك على متابعة العروض وهم يتحسّرون على الماضي ويرون في غياب بلدهم استبعادا لتركيا من أوروبا وقرارا سياسيا لا علاقة له بالفن. للمرة الثانية تفعلها أوكرانيا، التي فازت بالجائزة ثلاث مرات، وتمرر رسالة سياسية المفروض أن قوانين مسابقة يوروفيجن لا تسمح بها. فعلتها عام 2016 بعد عامين على ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية، مع الفنانة جمالا وأغنيتها بعنوان “1944” التي تروي ترحيل ستالين للتتار. ما إن أعلن عن فوز الأغنية، حتى تعالت الأصوات المنددة من الكرملين، متهمة كييف باختيار جمالا عمدا من أجل الإساءة إلى روسيا، كما هاجمت موسكو منظمي المسابقة الذين بحسب تعبيرهم “يجب أن يحترموا شروط المسابقة التي لا تسمح بأغان ذات أهداف سياسية واليوم يفعلها مغني فرقة أوركسترا كالوش الذي وجه رسالة سياسية مباشرة عبر المسابقة قائلا “أرجوكم ساعدوا أوكرانيا وماريوبول، ساعدوا أزوفستال”. لا يمكن الاستهانة بهذا الفوز، خاصة إذا علمنا أن المسابقة من أكثر الأحداث الموسيقية متابعة عبر التلفزيون على المستوى العالمي مع أكثر من 200 مليون مشاهد. وهي بذلك فرصة لا تعوض لتمرير الرسائل، ليس فقط بالنسبة إلى أوكرانيا، بل أيضا للدول الأوروبية. وهذا ما يفسر مسارعة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى استثمار الحدث معلقا على فيسبوك “شجاعتنا تثير إعجاب العالم. موسيقانا تغزو أوروبا”. ولكن هناك من يشكك في أن هذا الفوز مستحق، فالجميع كانوا يتوقعون مسبقا منح أوكرانيا لقب الفائز في هذه المسابقة “المسيّسة”، كما وصفتها الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، معتبرة أن المسابقة الغنائية أظهرت أن إذلال أوروبا بات الآن توجها سائدا. زاخاروفا عبر برنامج “مساء الأحد مع فلاديمير سولوفيوف” على قناة “روسيا 1” التلفزيونية، قالت ساخرة: هذا (التسييس) واضح جدا وغير لائق بالفعل، لدرجة أنه بدا لي أن هيئة الإذاعة الأوروبية والمنظمين لن يسمحوا بأن يتم إذلالهم بهذه الطريقة، لكن اتضح أن إذلال أوروبا بات الآن توجها سائدا”. الجدل يسبق موسم الإعلان عن جوائز نوبل كل عام، توجّه خلاله اتهامات إلى لجنة التحكيم بأن اختيارها للفائز تحدده دوافع سياسية وأشارت إلى أن مشهد الهتافات حول مصنع “أزوفستال” في ماريوبول، جعل أوروبا “تصفق وقوفا”. يوروفيجن ليست الجائزة الوحيدة التي تثير الجدل. هناك دائما اتهامات ترافق توزيع الجوائز، نصيب الأسد منها يذهب إلى جائزة نوبل، خاصة بفرعيها الآداب والسلام. الجدل يسبق موسم الإعلان عن جوائز نوبل كل عام، توجّه خلاله اتهامات إلى لجنة التحكيم بأن اختيارها للفائز تحدده دوافع سياسية. في عام 1976 منحت جائزة نوبل للسلام لكل من ياسر عرفات وهنري كيسنجر، ولا يزال فوزهما موضع خلاف حتى يومنا هذا، الأمر نفسه حدث عندما منحت لجنة توزيع الجوائز الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما الجائزة في العام 2009. ويبقى منح الجائزة لليمنية توكل كرمان، الأقرب للذاكرة والأكثر إثارة للجدل؛ فبينما رأت فيها اللجنة المانحة للجائزة “ناشطة حقوقية والواجهة الأشهر للانتفاضة اليمنية والتي تعد جزءًا من ثورات الربيع العربي”، رأى آخرون أنها هي من أغرق اليمن في مستنقع الفوضى، ثم باعت بلدها من أجل تكوين إمبراطورية إعلامية خاصة بها في إسطنبول. ومؤخرا أثارت تغريدة لها هاجمت فيها الرئيس التونسي قيس سعيّد غضب التونسيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وطالبوها بالكفّ عن التدخل في شؤونهم، قائلين لها إن من خان اليمن السعيد وساهم في دمار بلده لا يحق له أن يعطي دروسا في الوطنية. وكرمان، التي تقيم في تركيا منذ سنوات، قيادية في حزب التجمع اليمني للإصلاح، وهو أحد أبرز الأحزاب الدينية التي تناوئ حرية التعبير والديمقراطية. هل ارتكبت لجان التحكيم هفوة بمنحها الجائزة في أكثر من مناسبة لعمل لا يستحق الفوز؟ عندما فازت جمالا الأوكرانية بجائزة يوروفيجن عام 2016، بعد عامين من ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية، لم يقابل الفوز بالتشكيك والاتهامات، ولكن أن يتكرر الفوز بعد ست سنوات والحرب قائمة في أوكرانيا، لا بد من توقّع الكثير من الجدل. علي قاسم كاتب سوري مقيم في تونس

مشاركة :