حزب الله يهدد خصومه بعد الانتكاسة الانتخابية

  • 5/16/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - وجّه حزب الله اللبناني الاثنين تحذيرات لخصومه السياسيين في مجلس النواب الجديد بعد نشر نتائج جزئية للانتخابات التشريعية تظهر أن حلفاء الحزب الموالي لإيران تعرضوا على ما يبدو لانتكاسة. وقال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة التابعة للحزب محمد رعد في كلمة بثتها قناة المنار التلفزيونية (التابعة لحزب الله) "انتبهوا لخطابكم وسلوككم ومستقبل بلدكم"، مضيفا "لا تكونوا وقودا لحرب أهلية". وفي استحضار لمفردات الحرب الأهلية إشارات واضحة من القيادي في الحزب رغم أن الجماعة الشيعية أكدت مرارا أنها لن تنساق إلى مربع الفوضى والاقتتال. وتلك الإشارات كانت على الأرجح بهدف ترهيب الخصوم أكثر منها تهديدات جدية، فرغم الوضع المتوتر في لبنان من المستبعد جدا على الأقل راهنا انجرار الفرقاء للاقتتال. وتابع "نتقبّلكم خصوما في المجلس النيابي ولكن لن نتقبّلكم دروعا للإسرائيلي ومن وراء الإسرائيلي"، في إشارة ضمنيّة إلى غريمه حزب القوات اللبنانية. وبحسب النتائج الأولية للماكينات الانتخابية لمختلف الأحزاب اللبنانية، حقق حزب القوات برئاسة سمير جعجع الذي تربطه علاقات طيبة بالسعودية، مكاسب كبيرة بعد تركيز حملته على انتقاد حزب الله. ويتهم الحزب الشيعي وهو الفصيل اللبناني الوحيد الذي احتفظ بسلاحه بعد الحرب الأهلية (1975-1990)، حزب القوات اللبنانية بفتح النار على أنصاره في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي خلال تظاهرة في بيروت شهدت سقوط سبعة قتلى، وهو ما نفاه الحزب المسيحي. وحزب القوات وهو جزء من الطبقة السياسية التي لم تتغير تقريبا منذ نهاية الحرب الأهلية قبل نحو ثلاثة عقود، يمكن أن يصبح أكبر حزب مسيحي في البرلمان على حساب التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون حليف حزب الله. وينتظر إعلان النتائج النهائية للانتخابات مساء الاثنين أو الثلاثاء لمعرفة ما إذا كان حزب الله الذي احتفظ على ما يبدو بكل مقاعده، يمكنه الاعتماد على حلفائه لتحقيق أغلبية في البرلمان. ووجّهت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية في لبنان صفعة لحزب الله القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، مع خسارة حلفائه عددا من المقاعد في أول استحقاق يعقب سلسلة من الأزمات التي تعصف بالبلاد منذ عامين. وأعلنت وزارة الداخلية عصر الاثنين النتائج النهائية لـ49 مقعدا موزعين على سبع دوائر انتخابية، على أن تُصدر النتائج المتبقية "تباعا". وتعكس النتائج الأولية فوز مرشحين معارضين ومستقلين بعدد من مقاعد البرلمان المقبل الذي تنتظره تحديات عدة. وسيضمّ على الأرجح كتلا متنافسة، لا تحظى أي منها منفردة بأكثرية مطلقة، بعدما كان حزب الله وحلفاؤه يحظون بأكثرية في المجلس المنتهية ولايته. وأظهرت نتائج الماكينات الانتخابية التابعة للوائح المتنافسة احتفاظ حزب الله وحليفته الشيعية حركة أمل، بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، بكامل المقاعد المخصصة للطائفة الشيعية (27 مقعدا). ولم يتمكن حليفه المسيحي التيار الوطني الحر بزعامة عون من الاحتفاظ بأكثرية نيابية مسيحية، بعد خسارته عددا من المقاعد لصالح خصمه حزب القوات اللبنانية. كما فشل نواب سابقون مقربون من حزب الله وداعمته دمشق في الاحتفاظ بمقاعدهم على غرار نائب الحزب القومي السوري الاجتماعي أسعد حردان عن المقعد الأرثوذكسي في إحدى دوائر الجنوب والذي يشغله منذ عام 1992، والنائب الدرزي طلال أرسلان في دائرة عاليه في محافظة جبل لبنان، وفق نتائج أولية. وفي المقابل، ضمن حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع خصم حزب الله اللدود والذي تربطه علاقات جيدة بالمملكة العربية السعودية، فوزه بأكثر من عشرين مقعدا، وفق نتائج أولية لماكينته الانتخابية. وكانت القوات فازت وحدها بـ15 مقعدا في انتخابات 2018، مقابل 21 للتيار الوطني الحر مع حلفائه. وقال مسؤول الإعلام الخارجي في الحزب مارك سعد "تظهر النتائج أن اللبنانيين اختاروا كسر الحلقة التي أرساها حزب الله والتيار الوطني الحر وتغيير الطريقة التي تدار بها الأمور". وأضاف "يمكننا القول إنّ اللبنانيين عاقبوا الأحزاب الحاكمة وانحازوا لنا للتعبير عن رغبتهم في بداية جديدة في الحكم". ومن شأن توسّع كتلة القوات أن يخلط الأوراق عشية استحقاقات عدة، أولها انتخاب رئيس للبرلمان الجديد ثم تكليف رئيس للحكومة وصولا إلى الانتخابات الرئاسية بعد أشهر، بالنظر إلى خصومتها الشديدة مع حزب الله وحلفائه. وكتب الباحث والأستاذ الجامعي زياد ماجد "مهام المجلس النيابي الجديد فيها انتخاب رئيس جمهورية، وفيها موافقة على خطط إنقاذ اقتصادي واتفاقات مع مؤسسات دولية وهذه كلّها ستجري وسط انقسامات عميقة ومستوى تمثيلي منخفض". والانتخابات هي الأولى بعد انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850 وبعد احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد السلطة وانفجار مروّع في 4 أغسطس/اب 2020 في مرفأ بيروت أودى بأكثر من مئتي شخص ودمّر أحياء من العاصمة. وتحدثت ماكينات أحزاب ومجموعات معارضة عن خروق في عدد من الدوائر، أبرزها في دائرة الجنوب الثالثة التي عادة ما تكون كلّها من نصيب لائحة مشتركة بين حزب الله وحلفائه وتمكن فيها المرشح المستقلّ الياس جرادة وهو طبيب عيون معروف في منطقته، من الفوز. وتمكّن ثلاثة مرشحين على الأقل من لائحة المعارضة في دائرة جبل لبنان الرابعة وثلاثة مرشحين في دائرتي بيروت الأولى والثانية من الفوز بمقاعد نيابية وفق نتائج غير رسمية. وأظهرت النتائج الرسمية فوز سبعة مرشحين مستقلين في أربع دوائر. ويمكن للفائزين المعارضين والمستقلين أن يشكلوا كتلة برلمانية موحدة، تكرّس نهجا مختلفا في العمل البرلماني، في بلد يقوم نظامه السياسي على محاصصة طائفية وتغليب منطق الصفقات. وقال الناشط السياسي المعارض جيلبير ضومط على صفحته على فيسبوك "نتيجة هذه الانتخابات بداية لترجمة ثورة 17 تشرين الأول (أكتوبر).. فلنترجم نشوة الفرح لوضع الأسس الجديدة لبناء الدولة وتحقيق تغيير جذري بأدائها وتظهير نموذج حديث لمعنى المسؤولية السياسية". وجرت الانتخابات وسط انهيار اقتصادي بات معه أكثر من ثمانين بالمئة من السكان تحت خط الفقر وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من تسعين بالمئة من قيمتها أمام الدولار ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين بالمئة. ولا يزال فرز الأصوات مستمرا الاثنين في غالبية الدوائر. واتهم ثلاثة مرشحين معارضين، رجحت نتائج أولية فوزهم، أحزابا نافذة بالتدخل في عملية احتساب الأصوات خصوصا المغتربين، لضمان نجاح محازبيهم، في وقت يعلّق فيه مرشحو المعارضة آمالهم على أصوات المغتربين. إلا أن وزير الداخلية بسام المولوي نفى خلال إعلان النتائج الرسمية حصول أي تجاوزات خلال الانتخابات أو "تلاعب" أثناء احتساب الأصوات. وقال "نسبة الشوائب التي اعترت الانتخابات قليلة جدا". وتعدّ نسبة الاقتراع التي بلغت 41 في بالمئة ثالث أدنى نسبة مسجّلة في لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990). ويقول الباحث والأستاذ الجامعي كريم بيطار "أعتقد أن الامتناع عن التصويت مرتبط جزئيا بالإحباط من الطبقة السياسية والشعور بأنه لن يحصل أي تغيير كبير في الوضع الاقتصادي". ويرتبط كذلك بامتناع مناصري رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري عن الإقبال على صناديق الاقتراع، وفق بيطار، بعدما أعلن قبل أشهر عزوفه وتياره السياسي الأكثر تمثيلا على الساحة السنيّة، عن خوض الاستحقاق. وبدا منذ البداية أنه سيكون صعبا أن تترجم النقمة الشعبية في صناديق الاقتراع بسبب تضافر عوامل عدة أبرزها قانون انتخابي معقد مفصل على قياس الأحزاب التقليدية وتشتت المعارضة وعدم اتحادها في لوائح مشتركة، عدا عن عمل الأحزاب التقليدية بكل ما أوتيت من وسائل على استنفار قواعدها الشعبية.

مشاركة :