أكد سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى مملكة البحرين كاي ثامو بوكمان على عمق العلاقات التي تربط بلاده بمملكة البحرين والتي وصفها بالعلاقات المتميزة القائمة على التعاون والتنسيق والاحترام المتبادل، والصداقة المتينة التي تجمع البلدين منذ عقود طويلة. وقال السفير الألماني في مقابلة خص بها «الأيام» بمناسبة مرور 50 عامًا «إن بلاده تعتبر أهم وأكبر الشركاء الاقتصاديين للبحرين في الاتحاد الأوروبي، لافتًا الى أن هذه الأهمية تبرز في القطاعين الصناعي والتكنولوجي في ظل وجود نحو 50 شركة ألمانية لها تمثيل او منشأة صناعية في المملكة». وأشار السفير الألماني الى مساهمة شركات المانية في تطوير العديد من مشاريع البنى التحتية، ومنها تشييد مركز البحرين للمؤتمرات والمعارض الجديد - الصخير، وكذلك تطوير محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي. لافتًا الى الاهتمام الألماني بتعزيز التعاون مع الجانب البحريني في مجال الطاقة النظيفة مستقبلاً. وكشف السفير الألماني بوكمان عن ارتفاع في حجم التبادل التجاري بين البلدين رغم التداعيات التي فرضتها جائحة كوفيد-19، حيث وصلت قيمة التبادل التجاري بين البلدين الى نحو 624 مليون يورو في العام 2020 مقارنة بنحو 500 مليون يورو كانت قد سجلت في العام 2019. فيما شهد التبادل التجاري ارتفاع بنسبة 38 % في العام 2021 مقارنة بـ2020 لاسيما عبر الزيادة الكبيرة في الصادرات الألمانية الى المملكة. وأقليميًا، أكد السفير الألماني على أن هناك تطلعًا دائمًا نحو تطوير العلاقات بين مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية وبين الاتحاد الأوروبي، إذ تعتبر دول الخليج أهم شريك اقتصادي للأوروبيين في المنطقة، حيث احتل الاتحاد الأوروبي المركز الأول في العام 2020 بين أكبر أسواق واردات دول الخليج ورابع أكبر وجهة لصادراتها.. وفيما يلي نص المقابلة: ] مع الاحتفاء بمرور 50 عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين مملكة البحرين وجمهورية ألمانيا.. كيف تقيّمون العلاقات؟ - يمكنني أن أصف العلاقات بين البحرين وألمانيا بالعلاقات المتميزة، والقائمة على التعاون والتنسيق والتفاهم والاحترام المتبادل والصداقة المتينة التي تجمع بين بلدينا منذ أكثر من 100 عام مضت، حيث كان هناك تمثيل لبعض الشركات الألمانية في البحرين، ولكن النقلة النوعية في العلاقات بدأ منذ 50 عامًا، حين تم الاتفاق على التبادل الدبلوماسي بين المملكة والمانيا وبالتحديد في 17 من مايو العام 1972، حيث توطدت العلاقات وتم تبادل الزيارات على المستوى الرفيع، وكان للبحرين نصيب دائم من زيارات المستشارين الى المنطقة، وأهمها زيارة المستشارة انغيلا ميركل الى البحرين في العام 2010، والتي سبقها زيارة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الى برلين في العام 2008. كذلك من الملفت أن وزير الخارجية البحريني عبداللطيف بن راشد الزياني قد زار برلين 3 مرات منذ توليه مهام عمله، وكان آخرها في شهر مارس الماضي، حيث عقد لقاءً جيدًا جدًا مع وزيرة الخارجية الألمانية انالينا بيربوك مع وزير الخارجية عبد اللطيف بن راشد الزياني في برلين، وذلك على هامش موتمر برلين الثامن للطاقة، وبالطبع نتطلع الى بناء تعاون وثيق مع المملكة لاسيما في موضوع الطاقة. في الشق السياسي، فهناك مباحثات تقام سنويًا بين الخارجية الألمانية والبحرينية يتم تبادل الآراء والتباحث في المواضيع التي تهم البلدين. لذلك هناك تعاون واسع بين ألمانيا والبحرين في كافة المجالات، لاسيما من خلال عضوية البلدين في عدة منظمات وهيئات دولية، ومن بينها مجلس حقوق الانسان. كذلك لدينا تعاون في المجالات التجارية والاقتصادية والثقافية. ] في مقابلة سابقة مع سفير الاتحاد الأوروبي المعين لدى البحرين باتريك سيمونية، أعلن عن إطلاق استراتيجية للعلاقات الأوروبية - الخليجية في مايو الجاري.. بتقديركم هل هناك تطلع للنهوض بالعلاقات الأوروبية الخليجية كشريك تجاري؟ وما هي أبرز ملامح الاستراتيجية؟ وبتقديركم كيف سوف تنعكس هذه الاستراتيجية بشكل إيجابي على العلاقات بين البلدين بشكل خاص؟ - بالطبع، هناك تطلع دائم في تطوير العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومملكة البحرين في كل الاتجاهات وخاصة في الشق الاقتصادي، نحن نؤمن بقيمة المنظمات الإقليمية لما لها من دور مهمٍ في تعزيز التعاون، مثل مجلس التعاون الأوروبي، اليوم دول الخليج هي أهم شريك اقتصادي في المنطقة، إذ يحتل الاتحاد الأوروبي المركز الثاني كأكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث جاء الاتحاد الأوروبي في المركز الأول في 2020 بين أكبر أسواق واردات دول الخليج، ورابع أكبر وجهة لصادراتها. وهذه الجدية في رفع العلاقات الى مستوى أعلى تجلت في الاجتماع الأخير للمجلس الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي في بروكسل في 22 من فبراير الماضي، حيث تم إقرار برنامج التعاون المشترك للفترة 2022-2027. كذلك الاجتماعات والزيارات الدورية بين الاتحاد ومملكة البحرين مثل الزيارة الأخيرة لوفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع دول شبه الجزيرة العربية تحت قيادة النائب الألماني زفين سيمون، وكذلك زيارة رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي النائب الألماني ديفيد مكاليستر. ونحن سعداء بمشاركتنا السنوية في القمة الإقليمية «حوار المنامة»، حيث تشكل هذه القمة فرصة مهمة لزيارات من المسؤولين ألمان رفيعي المستوى، وتبادل المباحثات والآراء مع نظرائهم البحرينيين. ] سأنتقل إلى الشق الاقتصادي. وفق آخر إحصائية متوفرة لدينا، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 203 ملايين دينار بواقع * 401.52 مليون دولار واردات المنامة من برلين.. و50 مليون دينار صادرات بحرينية الى ألمانيا.. ماذا عن حجم التبادل التجاري للعام الماضي؟ وهل أثرت جائحة كوفيد-19 سلبًا على التبادل التجاري بسبب التداعيات التي فرضتها الجائحة على القطاعات المختلفة في العالم؟ - كما تعلمون، ألمانيا من أهم وأكبر الشركاء الاقتصاديين للبحرين في الاتحاد الأوروبي. وتبرز هذه الأهمية الإيجابية بالنسبة لألمانيا في البحرين الى حد كبير في قطاعي الصناعة والتكنولوجيا اللذين يتمتعان بقدرة تنافسية عالية في الجانب الألماني، فيما تستفيد الشركات الصغيرة والمتوسطة - على وجه الخصوص - من مناخ الاستثمار الجيد في البحرين. اليوم في البحرين يوجد نحو 50 شركة ألمانية لها تمثيل او منشأة صناعية في المملكة، وتلعب دورًا في بعض المشاريع في البحرين. أما حجم التبادل التجاري، ففي المجمل هناك زيادة دائمة وتطور سريع، وقد أسعدنا الصعود في حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام 2020 الذي يشكل عام الجائحة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري نحو 624 مليون يورو في العام 2020، بواقع 500 مليون يورو كصادرات ألمانية الى المملكة، في مقابل 124 مليون يورو صادرات بحرينية الى ألمانيا. وكان هناك كذلك زيادة الصادرات الألمانية الى البحرين. حيث ارتفعت في العام 2021 بنسبة تزيد عن 38% مما كانت عليه في العام 2020، وهذا بالطبع يدعو للتفاؤل حيال التطور الذي يشهده حجم التبادل التجاري بين البلدين، وكذلك يعكس قدرة الشركات في الجانبين على الاستفادة من كل الفرص المتاحة لتعزيز التبادل التجاري وتسويق البضائع. أما أهم البضائع، فتتركز في قطاع السيارات وقطع غيار المركبات. كذلك هناك حضور كبير للتكنولوجيا الألمانية في بعض المصانع في البحرين، هذا بالإضافة الى بعض الشركات التي تعمل في مجال الطاقة والكهرباء والقطاع الصحي. ] تشهد المملكة العديد من المشاريع الحيوية سواء في البنى التحتية او غيرها من المجالات الحيوية.. هل من فرص لتعزيز التعاون مع ألمانيا لاسيما أن هناك اهتمامًا ألمانيًا بالاستكشافات النفطية في البحرين؟ - بلا شك، إن البحرين تمثل شريك مهم لألمانيا من خلال المناخ الاستثماري الجيد الذي تتميز به المملكة، وكذلك القطاع المصرفي والمالي في البحرين، لذا نسعى دائمًا الى تنويع فرص التعاون بين بلدينا. واليوم هناك شركات ألمانية تساهم في العديد من مشاريع البنى التحتية في المملكة، منها إنشاء مركز البحرين الدولي للمعارض والمؤتمرات الجديد الذي يتم بناؤه في منطقة الصخير، وكذلك في مشروع توسعة محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي. لذا نجد إن السنوات الأخيرة شهدت مشاركة شركات ألمانية في مشاريع مختلفة ترتبط بالنبى التحتية، وأنا متفائل في تعزيز هذه المشاركة في المستقبل لاسيما بالنظر الى الفرص الواعدة التي تشكل تحديًا مشتركًا. ومنها موضوع الطاقة وتغير المناخ، حيث نرى فرصًا مهمة لزيادة العمل المشترك، والتعاون ونقل الخبرات مع إمكانية الوصول الى حلول وأفكار مشتركة، كما إن لدى ألمانيا القدرة للعب دورٍ مهمٍ أيضا في مجال الطاقة المتجددة لاسيما إن هذه المنطقة تتمتع بحرارة الشمس وكذلك الرياح، لذا نتطلع لتكوين شراكة في هذا المجال. كذلك نقدر الجهود الجبارة التي تبذلها مملكة البحرين في مواجهة التغير المناخي، وذلك من خلال المبادرات والخطوات الممتازة التي تستهدف مواجهة هذا التحدي، وحماية البيئة عبر سياسة المملكة في مكافحة تهديدات تغير المناخ في السياسات الوطنية لجميع القطاعات، والتزامها في مؤتمر الدول الأطراف السادس والعشرين في جلاسجو الذي عقد أواخر العام الماضي، حيث تستهدف المملكة الوصول الى الحياد الصفري في العام 2060 وتخفيض الانبعاثات الكربونية بنسبة 30% بحلول عام 2035، كذلك لا ننسى حملة التشجير الوطنية ودعم المملكة للمبادرات الدولية في مجال تغير المناخ. ] تعتبر ألمانيا مقصدًا لتلقي العلاج للكثير من سكان هذا الجزء من الشرق الأوسط.. ماذا عن تعزيز السياحة العلاجية؟ - بالطبع، نحن نشكر البحرينيين لثقتهم بتلقي العلاج في ألمانيا، حيث إن ألمانيا من الدول الرائدة في مجال السياحة العلاجية، ونحن ننظر للبحرين بكل اهتمام بالنسبة لهذا المجال، حيث ينتقل الكثير من الأشخاص سنويًا الى ألمانيا لغرض العلاج، ولكننا لا نسعى فقط الى تقوية السياحة العلاجية، بل الى زيادة التعاون من خلال نقل بعض الخبرات الألمانية الى البحرينيين والبحرينيات عن طريق إكمال دراستهم في ألمانيا أو تنظيم زيارات لأطباء ألمان الى المملكة، وهذا ما حدث في الماضي، ونريد أن نعزز هذا الجانب. ] سأنتقل إلى التبادل الثقافي.. ماذا عن الحضور الثقافي الألماني في البحرين اليوم؟ هل من خطط لتعزيز هذا التعاون؟ - بتقديري، هناك حضور ثقافي ألماني متميز في البحرين، ونحن في السفارة نولي اهتمامًا كبيرًا للمجالات الثقافية، حيث نسعى الى تعريف البحرين بتنوع وثراء الثقافة الألمانية، فهناك دورات تعليم اللغة الألمانية التي تنظمها السفارة بالتعاون مع معهد «جوته» الألماني والتي تلقى قبولاً في المجتمع البحريني، حيث بدأ يستفيد المئات من البحرينيين من هذه الدورات ومن بينهم الدبلوماسيون العاملون في وزارة الخارجية، وكذلك تعلم اللغة الألمانية لكافة المستويات، وقد بدأنا نرى بعض المراكز التعليمية التي تقوم الآن بتعليم اللغة الألمانية في البحرين. ونعمل أيضًا بكل جهد في تنظيم العديد من الفعاليات، فعلى سبيل المثال تنظم السفارة بعض الحفلات الموسيقية المختلفة حيث كان آخرها حفل البيانو بالتعاون مع هيئة البحرين للثقافة والآثار كجزءٍ من مهرجان ربيع الثقافة الأخير الذي حقق نجاحًا مذهلاً، وهناك ايضًا مهرجان الفيلم الألماني من كل عام، وينظم البرلمان الألماني منحة سنوية للمشاركة في برنامج العمل البرلماني من كل عام. وهناك الكثير من المعلومات المهمة تجدونها على موقع السفارة الرسمية. ] هل يمكن أن نرى مدرسة ألمانية في البحرين مستقبلاً؟ - اليوم هناك تعاون مع بعض المدارس في البحرين لتدريس اللغة الألمانية، وفيما لو أطلقت مبادرة لتأسيس مدرسة ألمانية في البحرين، فسوف تلقى هذه المبادرة كل الدعم من قبل السفارة الألمانية. ] هذا العام سوف يقوم الاتحاد الأوروبي بإطلاق «العام الأوروبي للشباب».. هل من فعاليات من الجانب الألماني للاحتفاء بهذا العام؟ - هذا العام مهم بالنسبة للشباب لأنه عامهم، وألمانيا تركز بشكلٍ خاصٍ على الشباب، وتدرك بأنه من المهم إشراك الشباب وأولوياتهم وتنظيم الأنشطة التي تركز عليهم. هناك الكثير من الطلاب والطالبات من المملكة يدرسون في ألمانيا، وندعو وندعم بشدة أن تتزايد أعدادهم في المستقبل القريب، علمًا أن الدراسة في ألمانيا تعتبر مجانية للجميع. السفارة بالتعاون مع معهد جوته تقدم برنامج «باش» الذي يدعم المدارس التي تضم برنامج اللغة الألمانية الى مناهجها المدرسية، وهي فرصة مهمة للمراكز التعليمية في البحرين للبدء مبكرًا في تعليم اللغة الألمانية لتنويع الفرص المستقبلية للطلاب والطالبات. ] سأختتم معك بسؤال متجدد حول تسهيلات السفر الذي يعتبر عاملاً مؤثرًا في تعزيز العلاقات في مختلف المجالات.. هل هناك إعادة نظر بموضوع التأشيرات «الشنغن» أو التحول للإعفاء الإلكتروني - كما أطلقت بريطانيا مؤخرًا؟ - يمكن للمفوضية الأوروبية أن تقترح إعفاء مواطني الدول من خارج الاتحاد الأوروبي من شرط الحصول على تأشيرة مسبقة، على سبيل المثال لهدف الزيارة او السياحة. والذي يجب أن يوافق عليه البرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي. حتى الآن، ينطبق هذا الاستثناء في منطقة الخليج فقط على الإمارات العربية المتحدة. بالطبع، نأمل أن تتمكن دول أخرى في المنطقة مثل مملكة البحرين من الاستفادة من هذا الخيار في المستقبل. وكونوا على ثقة إن ألمانيا ستقوم بدورٍ بناءٍ في مناقشة المقترحات ذات الصلة من المفوضية الأوروبية. إذ يسعدنا جدًا الاهتمام الكبير من مواطني مملكة البحرين بالسفر إلى ألمانيا، ونحن بدورنا نعمل بجدٍ لتلبية جميع طلبات السفر وفقًا للوائح المتعلقة بجائحة كوفيد-19 المتبعة للسفر الى ألمانيا.
مشاركة :