تعاقد مانشستر سيتي مع هالاند... خطوة صائبة أم مجازفة؟

  • 5/18/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ذات مرة، ومنذ سنوات عديدة، كان هناك محاربان اسمهما ألف وروي، كانا يقاتلان مع قبيلتين متنافستين. اتهم ألف روي بالتظاهر بالإصابة بعد أن أصيب بتمزق في أربطة الركبة، وعلى مدى السنوات الأربع التالية، وكلما التقيا في ساحة المعركة، كان القتال بينهما يصبح شرساً للغاية. لكن بعد ذلك انضم ألف إلى مجموعة محلية منافسة للمجموعة التي يقاتل فيها روي. وخلال المواجهة بين المجموعتين، ضرب روي ألف على ركبته بقوة، وقرر ألف الانتقام بشدة لما حدث له. كان لألف ابن صغير عمره أقل من عام، وقام بتربيته ليكون محارباً عظيماً. وكان ابنه يمتلك قوة بدنية غير عادية، فقد كان طويلاً وقوياً وسريعاً، وماهراً للغاية. وكان الملوك والملكات من جميع أنحاء العالم يريدون أن ينضم ابن ألف إلى جيوشهم. لكن ابن ألف كان أمامه هدف واحد فقط يسعى لتحقيقه وهو الانضمام إلى المجموعة المنافسة للمجموعة التي يقاتل بها روي. كانت مجموعة روي تعاني بالفعل بعد تقاعد قائدها العظيم. وكانت مجموعة ألف القديمة، وبمساعدة ثروة عائلة كبيرة من الخارج، هي المسيطرة على الساحة بالفعل. والآن أصبح لديها المحارب الشاب الجبار الذي يعتقد الكثيرون أنه قد يصبح أعظم محارب في العالم. لقد استغرق الأمر 21 عاماً، لكن ألف كان مستعداً لتحقيق الانتصار. تشبه هذه القصة إلى حد كبير ما حدث مع إرلينغ هالاند، الذي وضع نصب عينيه الانضمام إلى مانشستر سيتي لمواصلة مسيرة والده مع «السيتيزنز». يبدو الأمر وكأن هالاند قد جاء إلى الحياة في برج في منتصف الليل أثناء عاصفة شديدة، فهل يمكن أن يكون هذا هو السحر الأسود الذي سيجعل مانشستر سيتي، أخيراً، يفوز بلقب دوري أبطال أوروبا؟ يتميز هالاند بأنه رائع في جميع النواحي، وأرقامه مذهلة للغاية، فقد سجل 78 هدفاً في 70 مباراة لعبها كأساسي بالدوري خلال المواسم الأربعة الماضية، كما سجل 23 هدفاً في 19 مباراة بدوري أبطال أوروبا. وهناك أوقات يجعل فيها المباريات تبدو سهلة للغاية، حيث يستلم الكرة ويركض بها ويضعها في الشباك من دون أي صعوبة. وعلاوة على ذلك، فإنه طويل القامة ويمتلك قوة بدنية هائلة، وهو الأمر الذي يساعده على التفوق على المنافسين، لكن ليست هذه هي ميزته الوحيدة. يشير المديرون الفنيون الذين تولوا تدريبه وهو صغير إلى أن نموه جاء متأخراً نسبياً، وبالتالي فقبل أن يتمكن من استخدام قوته البدنية فقد تعلم أولاً كيفية استخدام ذكائه وتحركاته. وعندما كان هالاند صغيراً لم يكن مثله الأعلى لاعباً ضخم البنية من أصحاب القوة البدنية الهائلة، لكنه كان معجباً للغاية بلاعبين من أمثال روبن فان بيرسي وجيمي فاردي وميشو. وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن هالاند يأتي ضمن أفضل ثلاثة في المائة من اللاعبين في البطولات الخمس الكبرى في أوروبا من حيث الأهداف والتمريرات الحاسمة. ويسجل هالاند عدداً قليلاً نسبياً من الأهداف بالرأس بالنسبة للاعب بهذا الحجم، حيث لم يسجل سوى سبعة أهداف بالرأس من بين أهدافه الـ86 مع بوروسيا دورتموند في جميع المسابقات. وخلال هذا الموسم، فاز هالاند بنسبة 57.6 في المائة من الصراعات الهوائية، وهي زيادة ملحوظة للغاية بالمقارنة بالموسمين السابقين. قد لا يبدو هذا رائعاً، لكنه مرتفع بالنسبة للاعب يلعب في مركز المهاجم الصريح (معظم الصراعات الهوائية يفوز بها المدافعون). وعلاوة على ذلك، فإن هالاند ينجح بتحركاته الذكية في إبعاد المدافع طويل القامة الذي يراقبه عن مناطق الخطورة الهجومية، وهو الأمر الذي يخلق مساحات لزملائه في الفريق - لدى مانشستر سيتي بالفعل فارق هدف يصل إلى +17 من الكرات الثابتة هذا الموسم، والذي سيكون رقماً قياسياً في الدوري الإنجليزي الممتاز، إذا استمر بهذا المعدل حتى نهاية الموسم. يبدو الأمر للوهلة الأولى وكأن هالاند هو المهاجم المثالي الذي يحتاج إليه مانشستر سيتي ليكون فريقاً أكثر تدميراً مما هو عليه بالفعل - حتى لو بدت هذه القوة البدنية الهائلة غير مناسبة للأنماط الدقيقة والآليات المعقدة التي يعتمد عليها الفريق تحت قيادة المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا. لكن قد تكون هذه هي نقطة قوته الرئيسية، أي أنه يقدم شيئاً لا يمكن لأحد أن يتوقعه، ولديه القدرة على تغيير نتيجة اللقاء كما كان يفعل ليونيل ميسي مع برشلونة، وإن كان بشكل مختلف بكل تأكيد. من الغريب للغاية أن النادي الأكثر تسجيلاً للأهداف في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم يبدو غير فعال بشكل خاص أمام المرمى. لقد كان مانشستر سيتي هو الأفضل في كل مباراة من مباريات الدوري هذا الموسم من حيث إحصائية الأهداف المتوقعة، لكنه خسر ثلاث مباريات وفقد 19 نقطة. والأهم من ذلك أن مانشستر سيتي سيطر على مقاليد الأمور تماماً أمام ريال مدريد في مباراة الذهاب بدوري أبطال أوروبا، لكن المباراة انتهت بالفوز بأربعة أهداف مقابل ثلاثة فقط، ثم لم يستطع النادي سوى إحراز هدف وحيد من تسع تسديدات على المرمى في مباراة العودة على ملعب «سانتياغو برنابيو» في الوقت الذي سجل فيه ريال مدريد هدفين من أول تسديدتين له على المرمى. يأخذنا كل هذا مرة أخرى إلى صفقة انضمام هالاند إلى مانشستر سيتي؛ نظراً لأنه لاعب قادر على إحراز الأهداف من أنصاف الفرص. إنه ليس أحد «تلاميذ المدارس الصغار المطيعين» الذين سخر المهاجم السويدي العملاق زلاتان إبراهيموفيتش منهم في فريق برشلونة تحت قيادة غوارديولا، والدليل على ذلك أن هالاند قد ذكر أكثر من مرة بأن إبراهيموفيتش يعد مصدر إلهام بالنسبة له، كما وقّع للعمل مع نفس وكيل أعماله. لقد تعاقد برشلونة مع إبراهيموفيتش في عام 2009 حتى يكون لديه خيار هجومي قوي من الناحية البدنية، وحتى لا يعتمد بشكل كامل على اللاعبين الموهوبين الصاعدين من أكاديمية الناشئين بالنادي. لكن اتضح أن طريقة لعب إبراهيموفيتش لا تناسب الطريقة التي يلعب بها الفريق، حيث رفض المهاجم السويدي القوي أن يضحي بنفسه من أجل التكيف مع الطريقة التي يلعب بها الفريق ودخل في خلافات مع الجميع. ويعد هالاند أيضاً خياراً مختلفاً. لقد سبق وأن عمل غوارديولا بنجاح مع المهاجمين - ديفيد فيا، وروبرت ليفاندوفسكي، وسيرجيو أغويرو – لكن كل هؤلاء المهاجمين كانوا يشعرون بالراحة عندما يتحركون على الأطراف ويتراجعون للعمق. لكن هالاند لاعب مختلف، حيث يفضل اللعب على المرمى بشكل مباشر وتقليدي. وعلى الرغم من أنه يسجل بانتظام من أمام المرمى، وبالشكل نفسه الذي تأتي منه معظم أهداف مانشستر سيتي، فإن فرص تسجيله للأهداف من خلال الانطلاق من الخلف للأمام من عمق الملعب ستكون نادرة للغاية؛ نظراً لأن مانشستر سيتي يمارس الضغط العالي على الفرق المنافسة، وبالتالي تكون مساحات الانطلاق محدودة. لكن ربما لا يهم ذلك؛ نظراً لأن هالاند سيزيد من قوة وشراسة مانشستر سيتي في المباريات التي سيلعبها أمام الفرق الأقوى، وهي الفرق التي تضغط أيضاً على مانشستر سيتي وتهاجمه، وبالتالي تكون المساحات أكبر داخل الملعب. لكن معدل التمريرات الناجحة لهالاند هذا الموسم يصل إلى 71.3 في المائة، وهو معدل منخفض للغاية، بالنظر إلى أن معدل التمريرات الناجحة لكل لاعبي خط هجوم مانشستر سيتي في الوقت الحالي - غابرييل جيسوس، وفيل فودين، ورحيم سترلينغ، وجاك غريليش، وبرناردو سيلفا – لا يقل في المتوسط عن 85 في المائة. وحتى لو كان السبب وراء هذا المعدل المنخفض لهالاند يعود إلى الطريقة التي كان يلعب بها بوروسيا دورتموند، فمن المؤكد أن المهاجم النرويجي الشاب في حاجة إلى التحسن في هذا الأمر. وعلاوة على ذلك، فإن هالاند أصغر من إبراهيموفيتش بست سنوات عندما انتقل المهاجم السويدي إلى برشلونة، وبالتالي فهناك إمكانية أكبر لإعادة تشكيل هالاند وتغيير طريقة لعبه بما يتناسب مع الفريق. كما أنه أكثر تحفظاً وأقل تمرداً من إبراهيموفيتش، وبالتالي فمن غير المرجح أن يحدث معه ما حدث مع إبراهيموفيتش تحت قيادة غوارديولا. لكن هذا لا يعني أن التعاقد مع هالاند ليس مجازفة. في النهاية، يحتاج مانشستر سيتي إلى أن يكون أكثر فاعلية من خلال التعاقد مع مهاجم قادر على استغلال الفرص الهائلة التي يصنعها الفريق في كل مباراة، لكن من المهم للغاية خلق حالة من التوازن، خاصة بالنسبة للفريق الذي يعتمد بشكل كبير على الاستحواذ المستمر على الكرة.

مشاركة :