بدأ الزوار يتوافدون على جزيرة جربة التونسية الثلاثاء، لحضور مراسم الحج إلى كنيس الغريبة اليهودي والاحتفالات الدينية المرافقة له، بعد احتجابها لعامين بسبب وباء كورونا. وبحسب برنامج الاحتفالات المحدد من قبل هيئة الكنيس تنطلق الاحتفالات الرسمية الأربعاء والخميس بحضور مسؤولين في الدولة وكبير الأحبار في تونس والضيوف من الدبلوماسيين الأجانب. وغابت مظاهر الاحتفال والطقوس الاستعراضية في خرجة “المنارة” عن الكنيس الأقدم في أفريقيا لعامين بسبب القيود التي استوجبتها مكافحة تفشي وباء كورونا. بيتر بروغل: حج الغريبة يروي الإرث الديني والتاريخي الكبير لتونس وقال رئيس هيئة الكنيس بيريز الطرابلسي إنه يتوقع حضورا مهما هذا العام يفوق أربعة آلاف زائر أغلبهم من خارج تونس. وأضاف بيريز في تصريحاته أن حجيجا من إسرائيل حصلوا على تأشيرات لدخول تونس. ولا توجد رحلات مباشرة بين تونس وإسرائيل وعادة ما يفد الزائرون من إسرائيل عبر رحلات من بلد ثالث وبتصاريح استثنائية أو جوازات سفر غير إسرائيلية. وتضم جزيرة جربة الواقعة في جنوب تونس المئات من اليهود من بين نحو ألفي يهودي، على أقصى تقدير، لا يزالون يعيشون في تونس بعد هجرة الآلاف إبان اندلاع الحروب العربية – الإسرائيلية في منتصف القرن الماضي. وتفاخر الجزيرة بقيم التسامح والتنوع الثقافي والديني بين سكانها المسلمين واليهود والمقيمين من المسيحيين الأجانب، ويمكن ملاحظة أحد أبرز مظاهر التعايش من خلال المحلات المتجاورة والعلاقات بين التجار المسلمين واليهود المتواجدين بكثرة في سوق الصاغة. وقال سفير ألمانيا في تونس بيتر بروغل، الذي توجه الثلاثاء إلى جزيرة جربة لحضور الاحتفالات، “أستمتع بالذهاب إلى جزيرة جربة لأن الحج الموسمي في الغريبة والاحتفالات المختلفة هناك يستقطبان حجيجا يهودا من العالم أجمع إلى جربة”. وأضاف بروغل في بيان صحافي للسفارة “حج الغريبة يروي الإرث الديني والتاريخي الكبير لتونس، حرية الدين المضمونة في الدستور هي الأساس المهم الذي يمكّن من التعايش السلمي في المجتمع، تونس يمكنها أن تكون فخورة كونها بلدا منفتحا ويقوم على التنوع”. وشددت السلطات الأمنية إجراءاتها منذ نحو أسبوع حيث تنتشر الشرطة في أغلب أرجاء الجزيرة وفي مفترقات الطرق والأماكن الحساسة والمزارات السياحية والأسواق ومحيط كنيس الغريبة ومنطقتي “الحارة الكبيرة” و”الحارة الصغيرة” اللتين تضمان عائلات ومتاجر اليهود. Thumbnail ويرى مراقبون أن هذا الحدث الديني يشكل مناسبة لترويج صورة البلاد التي تضررت في السنوات الأخيرة بفعل بعض العمليات الإرهابية والتجاذبات السياسية. وكان كنيس الغريبة هدفا لإحدى أسوأ الهجمات الإرهابية في تونس في الحادي عشر من أبريل عام 2002، تبناها تنظيم القاعدة، عبر تفجير شاحنة لنقل الغاز أمام مدخله ما تسبب في مقتل 21 شخصا أغلبهم من السياح الأجانب. ويقول المراقبون إن السلطة السياسية في البلاد تحرص على استثمار هذا الحدث، خصوصا وأنه يأتي قبيل انطلاق الموسم السياحي الذي تراهن عليه تونس لإنعاش خزينتها المالية، وتحسين اقتصادها المتدهور جراء أزمة كورونا والتعاطي الارتجالي للحكومات المتعاقبة خلال العشرية الماضية.
مشاركة :