أعلنت رئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا أندرسون يوم الاثنين القرار الرسمي ببدء عملية تقديم البلاد طلبا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، بعد يوم واحد من اتخاذ فنلندا خطوة مماثلة للتقدم بطلب للحصول على عضوية التكتل العسكري. وقال محللون إن الخطوة التاريخية لدولتي الشمال الأوروبي، بعد عقود من إتباعهما سياسات الحياد وعدم الانحياز العسكري، من المحتم أن تضيف شكوكا إلى الوضع الأمني في منطقة بحر البلطيق وأوروبا ككل. -- التخلي عن عدم الانحياز العسكري وقالت أندرسون يوم الاثنين خلال مؤتمر صحفي، بعد قرار الحكومة التخلي عن عدم الانحياز العسكري، إنه "من الواضح أن هناك أغلبية واسعة في البرلمان السويدي تؤيد انضمام السويد إلى الناتو". وأفادت "نغادر حقبة وندخل في حقبة أخرى. سنبلغ الناتو بأننا نريد أن نصبح عضوا في الحلف". وأضافت أن الحكومة قررت أيضا مشروع قانون سيمكن السويد من تلقي الدعم العسكري من جميع دول الاتحاد الأوروبي والناتو. وكانت فنلندا قد انتهت يوم الأحد من إعداد تقرير حول انضمامها إلى الناتو. وسيحال التقرير إلى الجلسة العامة للحكومة وسيعرض على البرلمان بعد الموافقة عليه، حسبما ذكرت الحكومة الفنلندية في بيان. وفي معرض إشادته بهذا اليوم باعتباره بداية حقبة جديدة، قال الرئيس ساولي نينيستو أيضا إن الأمن الفنلندي ليس عبارة عن "لعبة صفرية المحصلة" وليس موجها ضد أي شخص. وأشارت أندرسون إلى أن سفير السويد لدى الناتو في بروكسل سيقدم الطلب خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث سيتم تقديم الطلب مع فنلندا. وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ مؤخرا إن السويد قد تشهد وجودا متزايدا لقوات الناتو في بحر البلطيق وحول باقي أنحاء البلاد عند معالجة طلب محتمل لعضوية الحلف. -- انتقادات ضد الانحياز لطالما اتبعت فنلندا، التي تتقاسم حدودا تزيد عن 1300 كم مع روسيا، سياسات الحياد وعدم الانحياز العسكري. وعلى الرغم من أن جارتها السويد تعد حليفا وثيقا للولايات المتحدة مع علاقات عسكرية قوية، بيد أنها وضعت نفسها منذ فترة طويلة على التزام عدم الانحياز العسكري. ومنذ نهاية الحرب الباردة، يحاول الناتو بقيادة الولايات المتحدة جذب السويد وفنلندا إلى التكتل العسكري. وانضم البلدان إلى برنامج الحلف للشراكة من أجل السلام في عام 1994، لكنهما حافظا أيضا على التعاون والحوار مع روسيا في مجالات المناخ والأمن وغيرها من المجالات. وفي خطوة تاريخية غيرت موقفه بشكل جذري، منح الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في السويد يوم الأحد دعما للتقدم بطلب للحصول على عضوية الناتو، وهو قرار واجه انتقادات شديدة في السويد. وكتبت أغنيس هيلستروم، رئيسة الجمعية السويدية للسلام والتحكيم في بيان، إنه "من خلال هذا القرار، تساهم السويد في جعل العالم أكثر عسكرة واستقطابا. إذ إن عضوية الناتو لا تجعل السويد أو العالم أكثر أمنا أو ديمقراطية -- بل العكس هو الصحيح". وقالت رئيسة اتحاد الشباب الاشتراكي الديمقراطي السويدي ليزا نابو في بيان إن الاتحاد يطالب الحكومة "بضمان السويد خالية من الأسلحة النووية ومنطقة خالية من الأسلحة النووية في جميع أنحاء منطقة الشمال الأوروبي وعدم إنشاء قواعد عسكرية أجنبية في السويد أبدا". وجددت نوشي دادغوستار، زعيمة حزب اليسار السويدي، وهو معارض قوي ضد عضوية الناتو، على حسابها على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأحد التأكيد بأن الحزب "ضد عضوية السويد في الناتو"، محذرة من أن العضوية "تخاطر بأن تؤدي إلى تصعيد في منطقتنا المباشرة". وأعرب حزب الخضر، الذي عارض أيضا عضوية السويد في الناتو في البرلمان، عن إصراره على استمرار حرية التحالف العسكري للسويد. وأكدت لجنة السلام الفنلندية في بيان يوم الاثنين أنه لا يمكن بناء سلام دائم في العالم على أساس سياسة أمنية مسلحة وقائمة على التحالفات. وذكرت المنظمة غير الحكومية أن الانحياز العسكري لن يزيد الأمن في أوروبا، لكنه سيؤدي إلى مزيد من تصعيد التوترات العسكرية. وعلاوة على ذلك، فإن تعزيز الناتو بأعضاء جدد سيؤدي أيضا إلى تفاقم انقسام العالم إلى كتل عسكرية، مما يعقد المفاوضات والتعاون الضروريين. -- عدم الاستقرار في المستقبل وقال محللون إن احتمال ضم دولتي الشمال الأوروبي من شأنه أن يصعد المواجهة مع روسيا ويؤدي إلى مزيد من التدهور في الوضع الأمني في منطقة بحر البلطيق وأوروبا ككل. وحذرت روسيا، التي قد تشهد زيادة حدودها البرية مع دول تابعة للناتو بمقدار الضعف، السويد وفنلندا مرارا من الانضمام للتكتل العسكري، مبينة أن مثل هذه الخطوة ستجبرها على "استعادة التوازن العسكري" من خلال تعزيز دفاعاتها في منطقة بحر البلطيق. ووصف نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف يوم الاثنين خطوة دولتي الشمال الأوروبي بأنها "خطأ فادح"، مضيفا أن مثل هذا "الخطأ" سيكون له "عواقب بعيدة المدى". وقال رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي فيكتور بونداريف يوم الأحد إن بلاده ستعزز حدودها مع فنلندا إذا تم نشر أسلحة ضاربة تابعة للناتو في فنلندا.
مشاركة :