أوضح العلماء أن حفريات اكتشفت عام 1909 في سانتا باربرا بكاليفورنيا - ظلت مصنفة على سبيل الخطأ لعدة عقود على أنها تخص مجموعة منقرضة من حيوان الفقمة أو فيل البحر، تتعلق ببقايا حوت العنبر المرهوب الجانب الذي كان يسبح في المحيط الهادي منذ 15 مليون سنة في العصر الحديث الأوسط (الميوسين). وسموا هذه الحفريات «البيسيتوس»، على أنها تخص الحوت الأبيض، في إشارة إلى الحوت الذي ورد في رواية «موبي ديك»، من تأليف الروائي الأميركي هيرمان ملفيل الصادرة عام 1851، التي تدور أحداثها حول صراع تراجيدي بين حوت وإنسان، تتخذ من هذا الصراع الضاري وسيلة لتأمل الوضع البشري وعلاقته بالوجود. وإسماعيل هو الشخصية المحورية في الرواية، وهو بحار متجول يخرج في رحلة على متن مركب صيد الحيتان التي يمتلكها القبطان أهاب. سرعان ما يكتشف إسماعيل أن أهاب يريد صيد حوت بعينه يدعى «موبي ديك»، وهو حوت أبيض شرس، وذلك لأن الحوت كان في السابق قد دمر مركب أهاب وقضم ساقه. وهكذا يسعى أهاب للانتقام. وقال الباحث أليكس بويرسما، من متحف التاريخ الطبيعي في واشنطن التابع لمؤسسة سيمثونيان، «لأن الحفرية ذات لون أبيض شاحب، وتتعلق بحوت العنبر العتيق، فيبدو من الملائم تكريم حوت ملفيل السيئ السمعة». كان طول هذا الحوت نحو ستة أمتار، وكان يزن ستة أطنان على ما يبدو، وهو من الأقارب الأباعد، لحوت العنبر الحديث لكنه أصغر حجما ويصل طول الحوت الحديث إلى 18 مترا. وكانت أسنانه المخروطية الضخمة وفكه الهائل أكثر متانة في البنيان عن حوت اليوم ما يجعل حوت «البيسيتوس» أكثر شراسة. وقال بويرسما «يشير وجود أسنان ضخمة علوية وسفلية إلى أن (البيسيتوس) كان يبدو من آكلات اللحوم المتوحشة، ما يعني أنه يتغذى على الثدييات البحرية الأخرى مثل الحيوانات الصغيرة من الحيتان والفقمة». وأضاف نيكولاس بينسون مدير حفريات الثدييات البحرية بالمتحف: «كنت أود أن أكون فقمة في المحيط في العصر الحديث الأوسط (الميوسين)». ولا يشيع هذا النمط من التغذية بين الحيتان الحديثة، ولا يقتصر سوى على الحوت القاتل، فيما تتغذى حيتان العنبر الحديثة على الحبار. وقال بويرسما في الدراسة التي وردت بدورية «بلوس وان»: «كان من الواضح لنا من الوهلة الأولى أنها تختلف عن الحفريات الأخرى لحوت العنبر التي رأيناها، ما يعني أنها ربما تحمل مفتاح لغز حكايات مهمة عن نشوء وارتقاء حوت العنبر». وعاش أقدم حوت عنبر معروف منذ 25 مليون عام. وتشتهر حيتان العنبر بشكل الرأس المتضخم الفريد الذي يحوي أعضاء يعتقد أنها تلعب دورا في إحداث الصوت المستخدم في اجتذاب الفرائس. ويشير شكل جمجمة حوت «البيسيتوس» إلى أن عضو الصوت ذلك كان أصغر حجما ما يجعل شكل الرأس أصغر حجما. كان ريمنجتون كيلوج، عالم الأحياء القديمة بمؤسسة «سيمثونيان»، قد أفاض في وصف الحفريات الضخمة للرأس والفك والأسنان عام 1925، لكن لم يجر إعادة فحص الحفريات فيما بعد. وكان كيلوج يعرف أنه حوت العنبر، لكنه أخطأ في تسميته العلمية، إذ أطلق عليه اسم «أونتوسيتوس»، التي تشمل مجموعة من حيوانات الفقمة وفيل البحر.
مشاركة :