"من نحن؟ عشاق النھار. نحیا... نحب.. نخاصم الأشباح.. نحیا.. في انتظار !" د. عبدالعزیز المقالح تثبت لنا الأبحاث الطبیة دور ساعة الجسم البيولوجية في عديد من وظائف الأعضاء، وتشیر إلى عواقب آنیة، ومضاعفات طویلة الأمد عند اضطرابھا. فتضطرب ساعتنا البيولوجية عند اختلاف أوقات نومنا عن المعتاد وھذا ما یؤدي إلى قلة التركیز والإرهاق وتشوش الذاكرة على المدى القصیر. إلا أن ھناك عدیدا من الدراسات الحدیثة التي تربط بین اضطراب الساعة البيولوجية وبین حدوث الجلطات القلبیة والدماغية، وكذلك السمنة ومقاومة الأنسولين والسكري. وھكذا نحن في كل عام، تضطرب ساعاتنا البيولوجية مع رمضان، فنجعل اللیل نھارا والنھار مناما. وھذا یجعل اضطراب التركیز والإرهاق باديا في أول أیام رمضان، وبالتالي تتأثر إنتاجیة بعض الموظفین بشكل ما، لیس بسبب الصوم، بل بسبب صدامھم لانتظام الساعة البیولوجیة. ھذا الخلل لا ینتھي بنھایة رمضان، فله أثره في حیویة الاحتفال بالعید، ویستمر ھذا الأثر للأیام والأسابیع التالیة بكل أسف. ندرك جمیعنا أن صوم رمضان ركن دیني ینتھجه ما یزید على ملیار مسلم، ولا تضطرب أعمالھم ولا ساعتھم البیولوجیة في ھذا الشھر، بل یواصلون عملھم كالمعتاد، ودراستھم كما یراد لھا، ویصومون شھرھم وقد تكون ساعات صومھم أطول من المعتاد لدینا. وكذلك فإن الصوم لیس حصرا على رمضان في الأدبیات الإسلامیة، وھناك أشكال مختلفة من الصوم في ثقافات وأدیان شتى، وبكل الأحوال، لم تكن ھناك ثمة حاجة لاضطراب الساعة البیولوجیة مع الصوم! كم یروقني كثیرا تصرف كبار السن لدینا ـ وقلة قلیلة باقیة من الشباب ـ تستمر حیاتھم في رمضان كغیره من الشھور، وكأنھم یعبرون عن استقلالھم ورفضھم لتغییر غیر مبرر، ویثبت لنا العلم ضرره الصحي. أتمنى وأؤمل أن أرى في مقبل الأعوام مراجعة لواقع حیاتنا في رمضان وأن تستمر الحیاة كما ھي في بقیة الشھور، عدا الصوم وما یرتبط به من شعائر دینیة، وھكذا سنحظى بمكاسب عدیدة، وبالتأكید فإنھا لن تؤثر في روحانیة الشھر.
مشاركة :