حقوق الإنسان.. وازدواجية المعايير

  • 12/13/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ما هي حقوق الإنسان؟ قد يبدو هذا السؤال ساذجا لدرجة قد تبرز معها علامات التعجب لدى بعض القراء، فلا أحد لا يعرف هذه الحقوق التي ضمنتها الأديان السماوية، والمواثيق الدولية، لكن مشروعية هذا السؤال تكتسب من التجاهل الذي تحظى به حقوق الإنسان من قبل بعض الحكومات والجمعيات والأفراد الذين شغلوا الناس -وما زالوا- بالحديث عن حقوق الإنسان، ولكنه الحديث النظري الذي لا يصمد كثيرا عند مقارنته بواقع الحال، فكثيرة هي الدول التي استعبدت شعوب الدول الفقيرة، ونهبت ثرواتها الطبيعة، في الوقت الذي تدعي فيه أنها تدافع عن حقوق، ثم استبدلت الاستعمار بالاستدمار وتحت شعار العولمة حاولت طمس حضارة الشعوب وثقافاتها، وفرضت حضارة وثقافة القطب الواحد المسيطر على العالم، لتصل بقية الشعوب إلى التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية، التي تسربت إلى كل مفاصل الحياة في مجتمعات الدول النامية، ووجدت من يعينها على لعب هذا الدور السيء. دول أخرى تحاول فرض سيطرتها الإقليمية على غيرها، ضاربة عرض الحائط بكل ما يقال عن حقوق الإنسان، حين لم تكتف بانتهاك حقوق مواطنيها، بل مدت أذرعتها العدوانية إلى الخارج، لتسعى في الأرض فسادا، وتسهم في تخريب الديار، وتشتت مواطني تلك الدول، وتستغل ثرواتها الطبيعية، وتدمر منجزاتها الوطنية، وتعتدي على الدول المجاورة، بعد أن وجدت ضالتها، في استغلال عملاء ولاؤهم للأجنبي أهم من ولائهم لأوطانهم، لتنفيذ مشاريعها العدوانية، وإثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، إن لم نقل أفراد المجتمع الواحد، على أساس طائفي بغيض، ولأهداف عدوانية مكشوفة، وبوسائل إرهابية معروفة. ما يجري على مستوى الدول، يجري أيضا على مستوى المنظمات والأفراد، حيث تظهر ازدواجية النظرة لهذ الموضوع، فهناك من يتشدقون بحقوق الإنسان، لكنهم في الوقت نفسة يدافعون عن مثيري الفتنة، ويستنكرون أن تطالهم يد العدالة، رغم ما ارتكبوه من انتهاك حقوق الإنسان مجتمعهم، من خلال الولاء المعلن للأجنبي الذي لا يريد خيرا لهم ولا لمجتمعهم ولا لوطنهم، فكيف يمكن الدفاع عن المجرم، رغم انتهاكه لحقوق مواطنيه، وهل هناك ما هو أكبر جرما من انتهاك حق الحياة بالإرهاب والتدمير وإعلان العصيان على الدولة؟ أليس هذا هو أكبر انتهاك لحقوق المواطنين والوطن؟ وهل يجوز أن نؤيد حقوق إنسان ظالم على حساب حقوق إنسان مظلوم. ثمة إشكالية في فهم تلك الجمعيات وهؤلاء الناس لحقوق الإنسان، عندما يدافعون عن الإرهابيين، ويطالبون بإطلاق سراحهم من السجون، رغم جرائمهم الثابتة والمرتكبة ضد اخوانهم في الدين والوطن، والأشد جرما إساءتهم لهيبة الدولة التي هم أحد مكوناتها كمواطنين، بحجة المطالبة بالإصلاح، وهم بعيدون عن الإصلاح بعد الثرى عن الثريا، فلم يكن الإرهاب في يوم من الأيام وسيلة للإصلاح، بل هو وسيلة للإفساد والفتنة والفوضى العارمة، ولا أعرف كيف يبرر المواطن لنفسه الولاء للأجنبي إن لم يكن خائنا لوطنه، ومتآمرا على شعبه، ومتحالفا مع أعداء الوطن والدين!! وهل ننسى ما يخلفه ذلك من نشوء التطرف والتكفير والخلايا المضادة التي تستنفر كل قواها التدميرية، لتتضاعف بذلك الخسائر الفادحة التي يتحملها الوطن والأمة، وبين انتهاك حقوق الوطن من دعاة الفتنة الطائفية، وبين تشويه الدين من دعاة التطرف والغلو والتكفير، يدفع الوطن الثمن غاليا من أرواح المواطنين، ومن منجزات التنمية، ويضيع بسبب هذه الرياح الفاسدة أمن المواطن واستقراره وازدهار الوطن وتقدمه، فليت من شغلوا الدنيا بالحديث عن حقوق الإنسان، يتخلون عن هذه الازدواجية في النظر إلى هذه الحقوق، فيطالبون بها للجميع، لتبقى بلادنا بمنأى عن شر كل من يريد بها شرا.

مشاركة :