تمضي تركيا في محاولاتها بالضغط على السويد وفنلندا للحصول على مكاسب من كلا الدولتين مقابل سماح أنقرة لهما بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، حيث تطلب السلطات التركية من ستوكهولم تسليم عشرات الأشخاص لها بذريعة أنهم ينتمون لحزب "العمال الكردستاني" وحركة "الخدمة" التي يقودها الداعية التركي فتح الله غولن الذي يتّهمه الرئيس رجب طيب أردوغان بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكمه والتي حصلت في منتصف شهر يوليو من العام 2016. وضمّت القائمة التي قدّمتها أنقرة لستوكهولم 33 اسماً معظمهم من الأكراد وآخرين يشتبه بانتمائهم لحركة "الخدمة"، لكن أغلبهم يحملون الجنسية السويدية وإن كانوا من أصولٍ كردية أو تركية، حتى أن القائمة ضمت اسم النائبة السويدية ـ الكردية التي تنحدر من إيران أمینه کاکاباوه والتي لا تربطها أي صلاتٍ بتركيا على الإطلاق. وتعيد مطالبة تركيا للسويد بتسليم النائبة في البرلمان السويدي كاكاباوه إلى الأذهان احتجاز صالح مسلم الرئيس المشارك الأسبق لحزب "الاتحاد الديمقراطي" السوري في التشيك في فبراير من العام 2018 بناءً على طلبٍ من السلطات التركية رغم أن مسلم سوري الجنسية ولا يحمل أيضاً الجنسية التركية، ولذلك أُطلِق سراحه بعد يومين من احتجازه رسيما بعد رفض التشيك تسليمه لأنقرة التي تصف حزبه بالواجهة السورية لحزب "العمال الكردستاني" المحظور لديها والذي يخوض تمرداً مسلّحاً ضدها منذ العام 1984. وذكر مكتب النائبة السويدية من أصلٍ كردي لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت" أن "ستوكهولم لا يمكنها القبول بتسليم كاكاباوه إلى أنقرة، فهي مواطنة سويدية أولاً، وتحظى بحصانة نيابية ثانياً، كما أنها لا تنحدر من تركيا ثالثاً، ولهذا لا يمكن الحديث عن تسليمها للسلطات التركية". وإلى جانب كاكاباوه (52 عاماً)، ضمت قائمة الأسماء التي تطلب أنقرة من ستوكهولم تسليم أصحابها لسلطاتها الأمنية، الناشر التركي المعروف ذو الميول الاشتراكية راغب زاراكولو المقيم في السويد منذ وقتٍ طويل والذي يركّز في عمله على شؤون الأقليات في تركيا. ونقل موقع "أحوال تركية" الإخباري عن زاراكولو قوله إن "السويد تتمسّك بمبادئها ولن تقوم بتسليمه إلى تركيا"، مضيفاً أنه اُتهِم بإضفاء الشرعية بشكلٍ غير مباشر على أنشطة حزب "العمال الكردستاني" بعدما قام بإلقاء محاضراتٍ سياسية وفكرية في جامعاتٍ ومراكز بحثية في مكان إقامته بالسويد. وكشف يافوز بايدار المحلل التركي الشهير ورئيس تحرير موقع "أحوال تركية" الذي أجرى مقابلة مع زاراكولو لـ"العربية.نت" أن "الناشر التركي يحمل الجنسية السويدية ولذلك يستحيل تسليمه إلى السلطات التركية". وأضاف: "حتى لو لم يكن يحظى بالجنسية السويدية، فإن تسليمه لتركيا لا يبدو ممكناً أيضاً بالنظر للقانون السويدي". والناشر التركي المعروف يبلغ من العمر نحو 74 عاماً، وكان من بين أولئك الذين وردت أسماؤهم في القائمة التي قدمتها أنقرة لستوكهولم، والذين اتُهِموا بدعم "العمال الكردستاني" حالهم حال النائبة كاكاباوه وآخرين اتّهِموا من قبل الحكومة التركية بالانضمام لحركة "الخدمة" التي يقودها غولن من منفاه الاختياري في الولايات المتحدة. وتعارض أنقرة رسمياً، انضمام ستوكهولم وهلسنكي لحلف الناتو الذي تأسس في العام 1949 بذريعة أن كلا الدولتين تدعمان حزب "العمال الكردستاني" وحركة "الخدمة" التي يتهم الرئيس التركي السويد وفنلندا بإيواء عناصرها على أراضيهما. ومع ذلك تحاول السويد وفنلندا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي بعدما أثار الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير الماضي مخاوف الدولتين الأوروبيتين خاصة فنلندا التي تربطها حدود تمتد لحوالي 1300 كيلومتر مع روسيا. وقد تقدمت كلا الدولتين بطلباتٍ رسمية للانضمام إلى الناتو يوم 18 مايو الجاري رغم الرفض التركي والتحذيرات الروسية لهما. ورغم أن روسيا لم تجد في محاولات انضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو "تهديداً مباشراً" عليها، إلا أن الرئيس فلاديمير بوتين تعهّد قبل أيام بردٍ روسي على أي انتشارٍ عسكري في شمال أوروبا.
مشاركة :