كسر وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أهم قواعد الدبلوماسية الدولية ومراعاة آفاق العلاقة بين الشعوب عندما قال ردا على سؤال عن وساطة سعودية محتملة بين بلاده والمغرب بأن “لا وساطة مع المغرب سواء أمس أو اليوم أو غدا”. ويرى مراقبون أن لعمامرة تخلى عن اللغة الدبلوماسية خاصة وأنه بدا متوترا في ردوده، بدلا من الإدلاء بتصريحات يلجأ إليها وزراء الخارجية عادة في مواقف مماثلة. ونفى لعمامرة مساء السبت وجود وساطة بين الجزائر والمغرب، مؤكدا أن موضوع قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط لا يحتمل الوساطات. وجاء ذلك في تصريح أدلى به وزير الخارجية لوسائل إعلام محلية على هامش تفقده لسير مسابقة الالتحاق بسلك الخارجية بجامعة باب الزوار، قائلا “إن موضوع قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب لا يحتمل الوساطات لا اليوم ولا غدا، وموقف الجزائر واضح ويستند إلى أسباب قوية حيث جاء ليحمل الطرف الذي أوصل العلاقات إلى هذا المستوى السيء المسؤولية كاملة غير منقوصة”. لعمامرة تخلى عن اللغة الدبلوماسية وبدا متوترا، بدلا من الإدلاء بتصريحات يلجأ إليها وزراء الخارجية في مواقف مماثلة وأضاف لعمامرة “لدينا مصالح مشتركة وتوافقات تجمعنا مع المملكة السعودية على غرار باقي الدول تجعلنا نلتقي بصفة دورية من دون أن يتدخل موضوع من هذا النوع في جدول أعمالنا”. ويرى المراقبون أن رد لعمامرة لا يمس العلاقة مع المغرب فقط، بل أيضا المبادرة السعودية التي تقوم على حسن النوايا، إذ كان جوابه عن استفسار حول وساطة الرياض قاسيا. وفي وقت سابق، كشفت مجلة “مغرب إنتيليجينس” بنسختها الفرنسية أن السعودية اقترحت خارطة طريق تهدف إلى تحقيق المصالحة بين الجزائر والمغرب. وأوضحت المجلة أن “رئيس الدبلوماسية السعودية (في إشارة إلى وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان) التقى في قصر المرادية الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، بحضور لعمامرة، ومدير ديوان رئاسة الجمهورية عبدالعزيز خلاف وسفير الجزائر لدى الرياض محمد علي بوغازي”. وأشارت مجلة مغرب إنتليجنس، وفقا لمصادر، إلى أن “العلاقات المعقدة والعاصفة مع الجار المغربي كانت في قلب هذه المناقشات”، مؤكدة أن “رئيس الدبلوماسية السعودية اقترح رسميا خارطة طريق تهدف إلى المصالحة بين الجزائر والمغرب، من خلال السماح بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين المغاربيين”. وكشفت أن “خارطة الطريق هذه تركز بشكل أساسي على تدابير خفض التصعيد والحوار تحت رعاية الرياض، وتتمثل إجراءات التهدئة التي تصورتها المملكة العربية السعودية واقترحتها في تشجيع قادة البلدين على نبذ جميع أشكال الاستفزاز اللفظي والعدوان الدبلوماسي أو الإعلامي، وأيضا تشكيل لجنة مناقشة ثنائية حول القضايا التي تزعج المغرب والجزائر”. ويأتي ذلك في وقت تمر فيه العلاقات بين الرباط والجزائر بأزمة حادة رغم عرض أطراف وساطتها لإنهاء التصعيد بين الطرفين على غرار الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني. وتشهد العلاقات الجزائرية - المغربية توترا منذ عقود، بسبب قضية الصحراء المغربية على وجه الخصوص، والحدود بين الجارتين مغلقة منذ عام 1994. لعمامرة ينفي وجود وساطة بين الجزائر والمغرب، مؤكدا أن موضوع قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط لا يحتمل الوساطات وقررت الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط في أغسطس الماضي، وفسر لعمامرة ذلك بوجود أسباب عميقة أدت ببلاده إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة، تعود حسب قوله إلى العام 1963. وسبق أن اتهمت الجزائر جماعات إرهابية بالوقوف خلف حرائق الغابات الضخمة التي شهدتها البلاد، وقالت إن “إحدى هذه الجماعات الإرهابية مدعومة من المغرب”. كما أعلنت في الثاني والعشرين من سبتمبر إغلاق مجالها الجوي أمام كل الطائرات العسكرية والمدنية المغربية، وبررت في بيان رسمي قرارها بمواصلة الرباط “استفزازاتها وممارساتها العدائية”، دون توضيح طبيعة هذه “الاستفزازات”. وتدعم الجزائر جبهة بوليساريو الانفصالية التي تسعى لاستقلال الصحراء المغربية التي يراها المغرب جزءا من إقليمه. ونجحت الرباط في تحقيق العديد من المكاسب ميدانيا ودبلوماسيا في قضية الصحراء حيث اعترفت عدة دول بمغربيتها على غرار الولايات المتحدة وأخيرا إسبانيا وغيرهما من الدول، علاوة على دينامية كبيرة تعرفها الأقاليم الجنوبية للمملكة بفتح قنصليات جديدة لدول أفريقية وعربية ما يعكس دعما لسيادة المغرب على صحرائه. ويسيطر المغرب على 80 في المئة من أراضي صحرائه التي يقترح منحها حكما ذاتيا تحت سيادته.
مشاركة :