من المناظر الشهيرة التي تجذب أنظار السياح، مجموعة جنود الحرس الملكي المصطفين أمام قصر باكنغهام، أو السائرين في دورية بمتنزه سانت جيمس بارك، مرتدين سترات قرمزية وقبعات طويلة من الفراء الأسود اللون. ويتم النظر إلى أولئك الجنود الذين تتمثل مهمتهم في حراسة العاهل البريطاني، على أنهم أحد المعالم التراثية للمجتمع البريطاني، مثلهم في ذلك مثل الصناديق الحمراء القديمة للهاتف التي كانت مثبتة في الشوارع، أو ساعة بيج بن الشهيرة بلندن. غير أنه مثلما ذهبت صناديق الهاتف الحمراء بالتدريج في غيابات التاريخ، فإن الدور جاء أيضا على جزء من زي الحرس ليتلاشى من المشهد، على الأقل إذا سألت أصحاب الحملة الذين يطالبون بأن تصنع قبعات الحرس من الفراء الاصطناعي. ويبلغ ارتفاع القبعة التي يرتديها كل جندي، والمصنوعة من جلد الدب الأسود، 46 سنتيمترا ويبلغ وزنها سبعة كيلوغرامات، وفقا لبيانات منظمة “ووترلو 200” المتخصصة في دراسات الحروب البريطانية والتاريخ العسكري لبريطانيا، ويسمح فقط لمجموعة قليلة من المجموعات العسكرية المختارة بارتدائها. ويستخدم فراء أنثى الدببة السوداء الكندية في صناعة القبعة، وتوضح منظمة “ووترلو 200” أن “جنود سلاح المشاة كانوا يرتدون أغطية رأس مصنوعة من جلود الدببة، كرمز لعلو المكانة، ولجعلهم يبدون في المعارك أكثر طولا وأكثر إثارة للرعب في قلوب الأعداء”. بينما توضح منظمة “مدافعون عن المعاملة الأخلاقية للحيوانات” الأهلية، أن صناعة غطاء رأس واحد تتطلب إتاحة جلد دب واحد على الأقل، وتقول المنظمة “إن استمرار الجنود في حرس الملكة في التجول وعلى رؤوسهم فراء الدببة، التي تم قتلها بالرصاص في كندا، هو أمر يدعو إلى الخزي”. وينضم إلى قائمة المنتقدين الممثل والناشط البريطاني سيمون بيج، والمعروف للكثيرين بدوره في فيلم “المهمة المستحيلة”، والذي أصبح يعمل حاليا في إطار حملة تدعو إلى حظر استخدام فراء الدببة، فيقول “هذه القبعات لا تخدم أي غرض عسكري، وتكلف كل واحدة منها حياة دب على الأقل”. ويضيف بيج أنه “يمكن بسهولة استبدال جلد الدببة ذي الطابع الاحتفالي، بالفراء الاصطناعي مع الاحتفاظ بالمظهر التقليدي للقبعات، وهو تصرف سيؤدي إلى إنهاء القسوة على الحيوانات، وحان الوقت لكي تكف وزارة الدفاع عن الأعذار التافهة وتنفيذ هذا التحول، وهذا ما يريده الجمهور البريطاني وما تحتاجه الدببة”. ويمكن رؤية بيج حاملا ملصقا عليه قبعة سوداء، ومكتوبا عليه عبارة “تبنوا القبعات المقلدة من أجل الدببة”. PreviousNext ويأتي فراء الدببة بشكل تقليدي من كندا، غير أنه من المتعذر التحقق مما إذا كان يتم قتل الدببة من أجل الحصول على غطاء الرأس التقليدي. وصرح متحدث باسم الجيش البريطاني بأنه “لا يتم اصطياد الدببة على الإطلاق بناء على طلب من وزارة الدفاع لاستخدامها”، وقال إن الجلود المستخدمة هي “منتجات ثانوية لعمليات إعدام مرخصة من قبل السلطات الكندية”، بهدف الحد من أعداد الدببة التي تعيش في البرية، وأوضح قائلا “وبالتالي فإن خفض عدد القبعات المصنوعة من فراء الدببة التي ننتجها، لن يؤدي إلى خفض عدد الدببة المقتولة”. ويرى كريج بريسكوت الخبير في شؤون العائلة الملكية أنه ليس من المرجح أن يدخل الجيش تغييرات على زي الحرس الملكي، ما دامت جلود الدببة الكندية متاحة. وأشار مع ذلك إلى أن “العائلة الملكية أكدت أهمية الحفاظ على البيئة والحياة البرية، بشكل عام وبدرجة أكبر خلال الأعوام الأخيرة، الأمر الذي يعكس الاهتمام الجماهيري المتنامي بهذه القضية”. وقال إنه “على أسس بيئية، قد يصبح استخدام جلود الدببة أمرا يحتاج إلى إعادة نظر”. وأوضح أنه يجب أن تتوافق وتتكيف حتى المسائل التراثية التي تدعو إلى الاستمرارية، مع التطورات التي يأتي بها الزمن، خاصة مع تزايد الاحتجاجات، ليس من جانب نشطاء منظمة “مدافعون عن المعاملة الأخلاقية للحيوانات” فحسب، وإنما أيضا في الالتماس الذي يدعو إلى تبني الفراء المقلد بدلا من استخدام جلود الدببة. ويأمل منظمو الالتماس أن يجتذبوا ما يكفي من الموقعين عليه، لكي يصبح موضع اهتمام البرلمان. وبرغم أن الالتماس يقول إنه “تم إنتاج بديل اصطناعي لا يمكن تمييزه عن الطبيعي، وهو نسيج مقاوم للماء، ويحاكي فراء الدب الحقيقي في الشكل والأداء”، فلا يبدو أن الجيش راض عن هذا البديل، حيث تبين أن عدة بدائل ممكنة ليست مناسبة. وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم الجيش إن “ضمان أن تظل قبعات الحرس عملية وجميلة هو أمر حيوي، ولا توجد حاليا بدائل اصطناعية تلبي المتطلبات الأساسية لهذه القبعات ذات الطابع الاحتفالي”.
مشاركة :