تعطي أحدث الأرقام التي أعلنت عنها أنقرة الاثنين حول نمو عدد السياح الأجانب منذ بداية 2022 مؤشرا على أنها لا تعكس بالضرورة تعافي القطاع رغم أن السلطات تعتبر هذا الموسم حاسما لعودة عجلة أعمال الفنادق والمنتجعات إلى سالف نشاطها. وأظهرت بيانات لوزارة الثقافة والسياحة أن البلاد استقبلت خلال الثلث الأول من العام الجاري نحو 8.88 مليون زائر، أي بزيادة تقدر بنحو 172.5 في المئة على أساس سنوي. وأرجعت الوزارة هذا النمو إلى تدفق السياح من دول غرب أوروبا بعدما بددت الحرب الروسية – الأوكرانية آمال أنقرة في قدوم زوار من هذين البلدين، كما كانت تطمح إلى إنعاش قطاع ظل لمدة عامين خلال الجائحة يحاول النهوض من ركوده دون جدوى. كان كافال أوغلو: نلحظ زيادة في الزوار وخاصة من ألمانيا وبريطانيا ووفقا للمعطيات الرسمية تصدر الألمان قائمة الأجانب الأكثر زيارة للبلاد في أول أربعة أشهر من هذا العام، حيث زادت نسبتهم بنحو 339.8 في المئة، بمقارنة سنوية. وجاء السياح البلغاريون في المرتبة الثانية، تلاهم الإيرانيون ثم الروس. وبحسب أرقام الوزارة أيضا، زاد عدد الوافدين الأجانب خلال أبريل الماضي بنسبة 225.59 في المئة بمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي. وتبدو الحكومة التركية والقائمون على السياحة في معركة شاقة لرفع معنويات العاملين في القطاع بعدما تكبدوا خسائر كبيرة في فترة قيود الإغلاق العالمي. وتشير التقارير التي تصدرها الجهات المشرفة على القطاع إلى أن ثمة توقعات تؤكد أن عائدات السياحة قد تصل إلى نحو 34.5 مليار دولار بحلول نهاية العام الجاري، أي إلى مستويات ما قبل الجائحة. وبلغ عدد السياح الذين زاروا البلاد في 2019 نحو 52 مليون سائح، مما أدى إلى توليد حوالي 35 مليار دولار من العملة الصعبة. وتعتمد تركيا على عائدات السياحة في تلبية احتياجاتها من العملات الأجنبية، في وقت تعرضت فيه لتضخم وصل إلى 70 في المئة وهبوط مستمر في قيمة العملة المحلية أمام الدولار جراء السياسات الاقتصادية المتبعة. لكن البعض من المهتمين بالشأن الاقتصادي التركي يعتقدون أن تحقيق طموحات أنقرة يبدو صعبا، خاصة بالنظر إلى أن البلد يعتمد على السوقين الروسية والأوكرانية بشكل كبير. ووفق وزارة السياحة يشكل الزوار من هذين البلدين وحدهما أكثر من ربع السياح الذين قدموا إلى تركيا في 2021. وقد جعلوا من إسطنبول والشواطئ التركية على المتوسط جنوبا أو على بحر إيجة غربا وجهتهم المفضلة. وجاء السياح الروس في الصدارة بنحو 4.5 مليون سائح متقدمين على الألمان، ثم الأوكرانيون في المركز الثالث بنحو مليونين من 30 مليون سائح زاروا البلاد العام الماضي لتنمو إيرادات القطاع 103 في المئة بمقارنة سنوية وتبلغ أكثر من 24 مليار دولار. وكانت روسيا أكبر مصدر للسياح إلى تركيا خلال 2020، بمعدل 13 مليون شخص، على الرغم من قيود فايروس كورونا. ◙ تركيا تعتمد على عائدات السياحة في تلبية احتياجاتها من العملات الأجنبية ◙ تركيا تعتمد على عائدات السياحة في تلبية احتياجاتها من العملات الأجنبية وأدى انتشار السياح من أوروبا وخاصة ألمانيا وبريطانيا، وهما سوقان غابتا عن السياحة التركية خلال الجائحة، إلى تشجيع صناعة قلقة من التأثير المحتمل للحرب في أوكرانيا. ومن المتوقع أن تؤثر الأزمة في شرق أوروبا على الوافدين من أهم المصادر السياحية لتركيا، تماما كما أثرت الأزمة الصحية على القطاع الحيوي منذ عام 2020. ومع اندلاع الحرب اختفى خلال أيام الأوكرانيون وبدأ الروس إلغاء حجوزاتهم، فقد عصفت رياح الأزمة بقطاع السياحة في تركيا الذي كان يمثل 10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي قبل الجائحة، وكان ينشد التعافي في ظل توقعات كبيرة لموسم 2022 واعد. ويظل مسؤولو صناعة السياحة التركية متفائلين بشأن وصول القادمين من روسيا إلى أنطاليا، إحدى الوجهات الأكثر شعبية في البحر المتوسط، وتشجعهم الحجوزات والقادمون من أوروبا. ونقلت وكالة الأناضول عن كان كافال أوغلو نائب رئيس جمعية الفنادق السياحية في البحر المتوسط قوله إن “هناك زيادة كبيرة للغاية من أوروبا، وخاصة من ألمانيا وبريطانيا”. 34.5 مليار دولار حجم عوائد القطاع السياحي التي تتوقعها تركيا خلال هذا العام ووفقا لبيانات تم جمعها من مديرية الثقافة والسياحة بأنطاليا، فقد وصل أكثر من 1.11 مليون سائح أجنبي إلى المدينة بين يناير ونهاية أبريل الماضيين، ويمثل ذلك زيادة بنسبة 162 في المئة على أساس سنوي. وأضاف كافال أوغلو “أعتقد أننا سنستضيف هذا العام أكثر من مليون سائح بريطاني في أنطاليا وأكثر من 3.5 مليون في تركيا”. وتحاول أنقرة الترويج لفكرة أنه مع انتعاش السياحة البحرية بات عدد زوار مدينة أفس الأثرية بولاية أزمير غرب البلاد يقترب من حوالي 10 آلاف شخص يوميا، بعد تقلص عددهم بشكل كبير أثناء الوباء. وحتى مع هذا التفاؤل والرهان على السياح الأجانب فقد لا تكون السياحة الداخلية قادرة على إنقاذ الموسم الحالي كما تأمل الحكومة لأن العديد من الأتراك فقدوا وظائفهم، واضطروا إلى الاستفادة من مدخراتهم أو ببساطة لا يريدون إنفاق الأموال.
مشاركة :