توقف الدراما التاريخية بعد مسلسل عمر.

  • 5/24/2022
  • 15:06
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

منذ ان بدأ الارسال التلفزيوني الرسمي خلال فترة الستينات الميلادية من القرن السابق العشرين في عدد من الدول العربية، كانت الدراما التاريخية العربية الاسلامية مهملة بشكل كبير، حيث اعتمدت مختلف محطات التلفزيون العربية على الدراما المعاصرة،من مسلسلات وسهرات درامية ، وبث عدداً من الافلام العربية، والمسرحيات، التي كان يتم تسجيلها تلفزيونياً وبثها على الشاشة بعد انتهاء عرضها على المسرح، اتضح منذ ذلك الوقت بان المشكلة الكبرى للدراما تكمن في قلة الكتاب و المتخصصين في كتابة السيناريو للاعمال التلفزيونية خاصة التاريخية، مع ضعف الامكانات الفنية والتقنية مقارنة بالسينما.   حيث ظلت الدراما التلفزيونية حبيسة للاستديوهات ولايتم التصوير خارجها الا بنسبة قليلة جداً عما يتم تصويره داخل الاستديوهات التلفزيونية، حتى اصبحت الدراما التلفزيونية شبية بالاذاعية، لإعتمادها على الحوار بالدرجة الاولى، وعلى تعبيرات الممثلين والممثلات وتعليمات المخرجين ومساعديهم والمخرجين المنفذين للعمل، ورغم ان السينما العربية شهدت ظهور عدداً من الافلام التاريخية الاسلامية، الا انها كانت بمستوى متدني مع الاخطاء التاريخية، وعدم اجادة اللغة العربية من حيث قواعدها ومخارج الالفاظ والحروف، مع ضعف الامكانات التقنية، ونستثني منها الفيلم العالمي الرسالة الذي تم تقديمه بنسختين عربية وانجليزية.   ورغم نجاح هذا الفيلم وهو للمنتج والمخرج العالمي مصطفى العقاد رحمه الله، الا ان الاخطاء التاريخية ظلت مستمرة مع مخارج الحروف الخاطئة لبعض الممثلين والممثلات، وكان لكلاً من شركة التلفزيون اللبنانية وتلفزيون لبنان والمشرق بداية انتاج الدراما التاريخية التلفزيونية، شجعهم على ذلك انطلاق التلفزيون الرسمي في المملكة العربية السعودية عام1965م في الرياض وجدة وكان تلفزيون جدة يشاهد في مكة المكرمة والطائف، رغم عدم وجود الارسال الفضائي في ذلك الوقت، وبعد جدة والرياض انطلق تلفزيون المدينة المنورة في بداية عام1968م ثم القصيم في آواخر هذا العام،ثم الدمام التي كانت محطتها احدث محطة بالمملكة وكان ارسالها يصل الى جميع الدول المطلة على الخليج العربي حيث تم افتتاحها في عام1970م.   بدأ الانتاج الدرامي التاريخي في لبنان في عام1966م بمسلسل( سر الغريب) الذي كان عبارة عن قصة غير موجودة في التاريخ لكن البيئة لها تاريخية، وكانت من بنات افكار المؤلفة اللبنانية الراحلة جلبهار ممتاز التي كتبت الكثير من الاعمال الدرامية في لبنان وذلك باللغة العربية الفصحى، شاركها الكاتب مروان العبد والدكتورة نجاة الخطيب، ثم تم تقديم مسلسل كان ياماكان عبارة عن قصص حدثت في التاريخ، بعد ذلك استدعى وزير الاعلام انذاك الاستاذ جميل الحجيلان الممثل والمنتج اللبناني الراحل رشيد علامة، ووقع معه عقداً بالرياض وكانت معه المؤلفة جلبهار ممتاز،وذلك بانتاج خمسة مسلسلات تاريخية وهي: رجال القضاء وعمر بن عبدالعزيز واليد الجريحة، والملثم والوصية في عام1968م، ولقد استفادت الكاتبة جلبهار ممتاز برواتين من روايات تاريخ الاسلام التي كتبها جرجي زيدان في مسلسلي اليد الجريحة والملثم.   كما قدم رشيد علامة في مسلسل الوصية الممثل السوري المعروف طلحة حمدي والممثلة السورية سلوى سعيد رحمهما الله للجماهير العربية، حيث كانت الكثير من التلفزيونات العربية مع التلفزيون السعودي تبث هذه الاعمال،وظل الانتاج التلفزيوني التاريخي في لبنان مستمراً حيث تم تقديم العديد من المسلسلات منها: فارس بني عياد وسر الكتاب والمنتقم وبديع الزمان الهمذاني وابوبكر الرازي وابن سيناء ومواقف للذكرى واسير المحراب وغيرها، بالاضافة الى السهرات الدارمية التاريخية غن الشعراء والشخصيات المختلفة، والبرنامج التاريخي الدرامي بين الحقيقة والخيال، وبرنامج محاكمات ادبية.   وكان التلفزيون السعودي هو اكبر سوق لهذه المسلسلات رغم ان تلفزيون الرياض قام بانتاج عدداً من السهرات التلفزيونية التاريخية ومسلسلين تاريخيين هما: الفارس الحمداني عن دولة تدمر قبل الاسلام ومسلسل المهند عن عهد الخليفة العباسي المعتصم بالله، مستفيداً من رواية جرجي زيدان(عروس فرغانة) وقدم تلفزيون جدة سهرة تاريخية بعنوان عتقاء ابي بكر الصديق رضى الله عنه، ورغم اندلاع الحرب الاهلية في لبنان منتصف السبعينات الا ان الانتاج التاريخي ظل مستمراً في عدة مسلسلات منها: المتنبي ورسول الخليفة والبخلاء ورجال القضاء (الجزء الثاني)والامانة وغيرها، علماً بان بعض المسلسلات كان يتم تصويرها في العاصمة اليونانية اثينا التي تم تصوير عدداً آخر من المسلسلات العربية بها المصرية والسورية والاردنية حتى السعودية بمسلسلي الخمار الوردي وخطوات الشيطان،من انتاج وبطولة الدكتور طلال شقدار رحمه الله وشاركة عدد من الفنانين السعوديين مثل الفنان ناجي طنطاوي والفنان فؤاد بخش رحمه الله وغيرهما وعدد من الفنانين والفنانات من مصر، بعد كل هذه التجارب في لبنان كان هناك غيرها في مصر والاردن وسوريا، لم تحقق في مصر اي نجاح للدارما التاريخية ماعدا القليل منها خاصة فيما يتعلق بقصص الانبياء والقصص القرانية.   وفي الاردن كانت الدراما البدوية هي المسيطرة رغم انتاج مسلسل مقامات الحريري من اعداد اللبنانية جلبهار ممتاز وبطولة رشيد علامة وناديا حمدي رحمها الله وعبدالمجيد مجذوب وممثلين وممثلات من لبنان والاردن، كذلك عمل سهرات تاريخية شارك بها من السعودية بكر الشدي رحمه الله ومحمد الطويان وسعد خضر الذي انتج مسلسل تاريخي عن جزيرة صقلية في سوريا شاركه الفنانين السوريين، كما شارك سعد خضر في مسلسلات تاريخية في لبنان ومصر ، فيما لم تنجح الاعمال التاريخية من انتاج التلفزيون السوري الرسمي، ونجحت مع انتاج الشركات خاصة الخليجية، وقد اخذ الكتاب والمخرجين والممثلين والممثلات من سوريا نصيب الاسد في انتاج مسلسلات تاريخية من راس مال خليجي ومنتج منفذ سوري اواردني.   وقد حققت هذه المسلسلات نجاحاً كبيراً حيث كانت مكلفة مالياً وتم تصويرها في عدد من البلاد العربية وغير العربية مثل اوزبكستان، مثل: الحجاج وفارس بني مروان وصقر قريش وملوك الطوائف والمغرب والاندلس وربيع قرطبة وابناء الرشيد الامين والمامون والقعقاع بن عمرو التميمي وغيرها، هذه المسلسلات من بطولة ممثلين وممثلات من سوريا، شاركهم فنانين وفنانات من لبنان والاردن وفلسطين وغيرها، وشارك الفنان السعودي راشد الشمراني في مسلسل فارس بني مروان، حتى وصلنا الى مسلسل عمر عن امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، كانت هناك العديد من الملاحظات على هذا المسلسل منها: ظهور شخصيات الخلفاء الراشدين الاربعة وكبار الصحابة رضوان الله عليهم، والاخطاء التاريخية التي كانت كثيرة مقارنة بالمسلسلات السابقة، وبعدها توقف الانتاج الدرامي التاريخي ،ولم يتم انتاج الجديد، ولعل جائحة كورونا ساهمت في ذلك ورغم هجران الكتاب في ايامنا هذه ومنها الكتب التاريخية،اصبحت الحاجة ملحة لانتاج مثل هذه المسلسلات،لان الدراما التاريخية اصبحت، مفتوحة لابناء الجيل الحالي وكل مايقدم بها يتم اعتباره هو الصحيح.   رغم تعدد الراويات وترك كتاب الاعمال والسيناريو وكذلك المخرجين لخيالهم العنان، في تقديم شخصيات غير موجودة في التاريخ ،وروايات بعيدة عن ماكتبه المؤرخون وكتاب الروايات التاريخية.

مشاركة :