موسكو - ألمح وزير الدفاع الروسي ورئيس مجلس الأمن القومي النافذ الثلاثاء إلى أنه قد يتعين على موسكو القتال لفترة أطول في أوكرانيا لتحقيق أهداف هجومها الذي دخل شهره الرابع. ولم تنجح جولات مفاوضات بين موسكو وكييف في التوصل لوقف إطلاق النار أو لأي تفاهمات تبشر بقرب نهاية الحرب، ما يرخي بظلال ثقيلة على إمدادات الغذاء والطاقة للعام وينذر بأزمة خطيرة على المستويين (الطاقة والغذاء) بينما تكابد عدة دول افريقية وغربية في مواجهة تداعيات الحرب وسط مخاوف من ارتفاع قياسي في أسعار النفط والغاز والحبوب. وقال الوزير سيرغي شويغو خلال اجتماع عبر الفيديو مع نظرائه في دول كانت منضوية في الاتحاد السوفييتي السابق وبث التلفزيون مقاطع منه "سنواصل العملية العسكرية الخاصة حتى تتحقق جميع الأهداف، بغض النظر عن المساعدات الغربية الضخمة لنظام كييف وضغط العقوبات غير المسبوق"، مؤكدا أن الجهود الروسية لتجنب وقوع ضحايا بين المدنيين "تؤدي بالطبع إلى إبطاء وتيرة الهجوم، لكن هذا الأمر متعمد". ويأتي التصريح بعيد نشر مقابلة نادرة أجرتها صحيفة "أرغومينتي أي فاكتي" الأسبوعية مع رئيس مجلس الأمن القومي نيكولاي باتروشيف، قال فيها إن العمليات العسكرية ستستمر طالما دعت الحاجة إلى ذلك، مضيفا "نحن لا نهتم بالتفاصيل... الأهداف التي حددها الرئيس (فلاديمير بوتين) ستتحقق. لا يمكن أن يكون الأمر خلاف ذلك، الحقيقة إلى جانبنا". ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير/شباط تمكنت كييف بمساعدة من دول الغرب من التصدي لتقدم قوات جارتها في العديد من المناطق ومنها العاصمة كييف، غير أن روسيا تركّز الآن على تأمين وتوسيع مكاسبها في دونباس والساحل الشرقي الأوكراني. ورغم القتال العنيف المستمر منذ ثلاثة أشهر ووقوع خسائر فادحة من الجانبين، لا يتقدم الجيش الروسي إلا بصعوبة بالغة، مما يشير إلى حرب استنزاف طويلة. وتتمثل الأهداف المعلنة للكرملين في "اجتثاث النازية" من أوكرانيا وتأمين المناطق الشرقية التي يتحدث معظم سكانها اللغة الروسية. وتتهم موسكو السلطات الأوكرانية بارتكاب إبادة جماعية مزعومة هناك. ويثير استمرار الحرب واحتمال أن تطول أكثر، قلقا عالميا من تداعياتها خاصة على إمدادات الطاقة والغذاء، حيث يواجه العالم نقصا في إمدادات النفط والغاز ما دفع الأسعار للصعود مجددا بالتزامن مع اضطرابات في إمدادات الغذاء من روسيا وأوكرانيا. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين اليوم الثلاثاء إن روسيا تستخدم الإمدادات الغذائية كسلاح له تداعيات عالمية وتتصرف بنفس الطريقة التي تعمل بها في قطاع الطاقة. وخلال كلمة لها في المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي في دافوس بسويسرا، قالت إن "التعاون العالمي هو الترياق لابتزاز روسيا"، مضيفة "في أوكرانيا التي تحتلها روسيا، يصادر جيش الكرملين مخزونات الحبوب والآلات وفي البحر الأسود، تحاصر السفن الحربية الروسية السفن الأوكرانية المحملة بالقمح وبذور دوار الشمس". وتعهد الاتحاد الأوروبي بفتح "قنوات تضامن" مع أوكرانيا باستخدام طرق لوجيستية بديلة لمساعدة البلاد في تصدير الحبوب. ويجتمع وزراء الزراعة من دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل اليوم الثلاثاء لمناقشة التقدم المحرز في إطلاق هذه القنوات. وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا ومحاولة الغرب عزل موسكو كعقاب، إلى ارتفاع أسعار الحبوب وزيت الطهي والأسمدة والطاقة. وقال الكرملين أمس الاثنين إن الغرب هو المسؤول عن أزمة الغذاء العالمية بفرضه أشد العقوبات في التاريخ الحديث على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا. وفي ظل تنامي المخاوف من حرب طويلة، ارتفعت أسعار النفط اليوم الثلاثاء معوضة خسائر تكبدتها في وقت سابق من الجلسة إذ فاق تأثير تراجع الإمدادات العالمية وزيادة متوقعة في الطلب على الوقود خلال موسم السفر الصيفي في الولايات المتحدة مخاوف متعلقة بركود محتمل وقيود مكافحة كوفيد-19 في الصين. وفي خطوة يقول محللون إنها ستساهم في تراجع أكبر للإمدادات في السوق، يقترب الاتحاد الأوروبي من الاتفاق على حظر واردات النفط الروسية. ومن المرجح الاتفاق على هذا الحظر "في غضون أيام" وفقا لتصريحات وزير الاقتصاد الألماني أمس الاثنين. وبحلول الساعة 12:22 بتوقيت غرينتش، زاد خام برنت 18 سنتا أو 0.2 بالمئة إلى 113.60 دولار للبرميل. وارتفعت أسعار خام غرب تكساس الوسيط 11 سنتا أو 0.1 بالمئة إلى 110.40 دولار للبرميل. وصعد النفط صعودا كبيرا هذا العام، إذ بلغ خام برنت 139 دولارا للبرميل في مارس/آذار الماضي وهو أعلى مستوى له منذ 2008 بعد زيادة مخاوف مرتبطة بالإمدادات في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. وتكثف بكين جهود الحجر الصحي لإنهاء تفشي فيروس كورونا المستمر منذ شهر، في حين من المقرر أن ترفع شنغهاي قيود مكافحة المرض بعد ما يزيد قليلا عن أسبوع.
مشاركة :