نظمت صحيفة «الرياض» مؤخرًا ندوة «الرياض»، للحديث عن حالات الطلاق والخلع في السعودية ومسبباتها، وآلية الحد منها، ودور نظام الأحوال الشخصية الجديد في صون حقوق الإنسان، واستقرار الأسرة وحماية حقوق أفرادها، وذلك بمشاركة كل من: مدير منصة تراضي في وزارة العدل م. يوسف الغامدي، ومستشار مركز المصالحة في وزارة العدل د. وليد المرزوقي، والمعالج النفسي د. عبدالله الحريري، والاختصاصية الاجتماعية د. فادية عبدالواحد، والمستشار الأسري أ. ثامر الصالح، إضافة لحضور صحيفة «الرياض»: مدير تحرير الشؤون الاقتصادية أ. خالد الربيش، ومدير تحرير الشؤون الثقافية أ. عبدالله الحسني، والزملاء حازم المطيري، وصالحة العتيبي، وعزة الغامدي، وعذراء الحسيني، ومن التصوير راكان الدوسري، ونايف الحربي. وافتتح الندوة مدير التحرير الأستاذ خالد الربيش مرحِبًا بضيوف ندوة «الرياض»، مشيرًا إلى أن الندوة تهتم بطرح الكثير من القضايا خاصة الملحة منها، وتكمن أهميتها كونها تناقش قضية مؤرقة ومهمة جدًا للمجتمع، وهي حالات الطلاق والخلع وأسبابها، وأهمية نظام الأحوال الشخصية الجديد الذي صدر مؤخرًا. مكاتب افتراضية تقدم جميع الأدوات والسبل للقيام بعملية الصلح وممارستها نظام الأحوال الشخصية وفي بداية الندوة أكد ضيوف "الرياض" أن استحداث نظام الأحوال الشخصية الجديد يأتي لتعزيز واستقرار الأحكام القضائية والحد من الاختلاف فيها، ويتناول جوانب مهمة ومنظمة للعلاقة الأسرية، تشمل أحكام الخطبة والزواج والمهر وحقوق الزوجين والنفقات والفرقة بين الزوجين والنسب وحضانة الأولاد وأيضاً الوصية والإرث، وكذلك ما يتعلق بالولاية والوصاية، وذلك لحفظ الحقوق وترسيخ مبادئ العدالة وتحقيق التنمية الشاملة للمجتمع، والحفاظ على استقرار الأسرة، باعتبارها نواة المجتمع، ليكون عنوانها الألفة والرحمة والمودة. نظام الأحوال الشخصية الجديد يعزز الأحكام القضائية ويساهم في استقرارها منصة تراضي في البداية أوضح م. يوسف الغامدي أن دور مركز المصالحة هو الحد من حالات الطلاق وذلك عبر ذراعه التقني منصة «تراضي»، فمنذ إنشاء المنصة من قبل وزارة العدل وهي تستهدف تقديم خدمات الصلح وتمكين الزوجين من الالتقاء الافتراضي والواقعي مع المصلحين أو المصلحات ذوي الاختصاص والكفاءة وتسوية النزاعات وتقريب وجهات النظر بين الزوجين، مشيرًا إلى أن منصة «تراضي» توفر جميع الأدوات والسبل وتطبق مفهوم التحول الرقمي وفق أحدث الممارسات والإجراءات لضمان تسهيل عملية الصلح ومداولته بين الأطراف بجودة عالية. وأضاف الغامدي: "بحمد الله فمنذ تأسيس منصة «تراضي» في شهر فبراير 2020 إلى اليوم استطاع مركز المصالحة عن طريق منصة «تراضي» مداولة الصلح لأكثر من 77 ألف حالة تتعلق بقضايا الطلاق وفسخ النكاح، وصدرت بتلك الحالات وثائق صلح تتضمن مسائل العودة لبيت الزوجية وغيرها، احتوت وشملت تلك الوثائق على الاتفاق بين الزوجين فيما يتعلق باستمرار الحياة الزوجية، أو فيما يتعلق ببنود النفقة والحضانة والزيارة في حال الاتفاق على الفرقة لضمان تماسك الأسرة لما بعد الطلاق". ووجهت الزميلة سارة استفسارًا للدكتور وليد: هل كل حالات الطلاق والخلع تحال لمنصة الصلح أم أن هناك استثناءات معينة؟ أجاب د. وليد المرزوقي: "من المعلوم أنه صدر قرار معالي وزير العدل رقم 7344 في 1441/6/19 والمتضمن إحالة جميع الطلبات المتعلقة بالفرقة سواء كانت طلاقا أو فسخا أو خلعا إلى مركز المصالحة، وحين وصول تلك الطلبات فإن المنصة وعن طريق الإحالة الإلكترونية تحيلها إلى المصلح المختص للتفاوض بين أطراف النزاع والسعي بكل احتراف ومهنية لمحاولة التوفيق بين الزوجين والحيلولة دون إمضاء قرار الفرقة، ومركز المصالحة -ولله الحمد- لديه أكثر من 500 مصلح ومصلحة يسعون جاهدين إلى إعادة المياه لمجاريها والتوفيق بين الزوجين ومعالجة أسباب الشقاق. الأسباب النفسية والاجتماعية للطلاق وعن أسباب الطلاق النفسية والاجتماعية قال د. عبدالله الحريري: إن أغلب المشكلات بين الزوج والزوجة ترجع للشخصية، والمشكلات الزوجية هي نفسها داخل المملكة أو خارجها، وإن وجد اختلاف فلعله يكمن في مرحلة التحول التي تشهدها المملكة اليوم، والتي يمكن تسميتها بمرحلة توكيد الذات، وموضوع توكيد الذات قضية شهيرة في المجتمعات المتحضرة وتعنى بكيفية دفاع الإنسان عن حقوقه وإيمانه بحقوقه الشخصية. ومرحلة التحول صاحبها توكيد الذات عند المرأة، وهذا حسن من ثقتها بنفسها وتعاملها، ولكنها قوبلت أما بشخصية عدوانية او شخصية سلبية. حيث لدينا ما يقرب من 9 ٪ من الناس قد يكون لديهم اضطرابات في الشخصية وهي ليست بمرض نفسي أو عقلي، ولدينا ما يقرب من 15 اضطرابا شخصيا منها: الشخصية النرجسية والشخصية الحدية والشخصية الفصامية، وهذه الشخصيات تتميز بالذكاء والقدرة على الإبداع وهي متقدمة على الآخرين، ولكن لديها مشكلات في المشاعر والسلوك وإدراك الأشياء، وعلاجها يعد من أصعب العلاجات عالميًا بالنسبة للمشكلات الزوجية، لأن المعالج النفسي يعالج شخصيتين فكل شخصية لديها تراكمات من الماضي وأسلوب حياة تربت عليه، ويلتقون فجأة في علاقة تقليدية أو إن صح التعبير علاقة شبه تقليدية، لأننا لا نملك معايير تكشف لنا الخطوط الحمراء في الاختيار الزوجي مثل: الشكوك والغيرة المرضية وفهم حقوق الآخر، ونرى تجاهل حلها على أمل أن تحل بعد الزواج، إلا أن هذه المشكلات عميقة في الشخصية أكثر من كونها مشكلات اجتماعية، فيكون من الصعب علاجها وقد لا يمكن علاجها. مطالبات بإعادة النظر في سرعة إرسال رسائل طلبات الطلاق وكيفية صياغتها استقلالية المرأة ودورها في الطلاق وحول استقلالية المرأة وحصولها على حقوقها مؤخراً وتوكيد الذات الذي حصلت عليه ودوره في ارتفاع معدلات الطلاق والعزوف عن الزواج تحدثت د. فادية عبدالواحد: "أثبتت معظم من الدراسات أن استقلالية المرأة والتي تعيشها في المملكة بعد العديد من التنظيمات التي أعطت المرأة حقها لا علاقة لها بنسب الطلاق، ونسب الطلاق مرتفعة في معظم دول العالم، ففي أميركا سجلت حالات كثيرة للطلاق وكذلك في الدول العربية عامة ودول الخليج خاصة، وكذلك في المملكة العربية فآخر تقرير للأحوال الشخصية بيّن أن كل 10 حالات زواج تقابلها 7 حالات طلاق وبالتالي نكون قد تجاوزنا النصف وفقدنا التوازن في هذه النسب لذا نحن أمام ظاهرة اجتماعية ومشكلة تتطلب من الجميع التدخل لحلها". مرحلة توكيد الذات ساهمت في تحسين ثقة المرأة بنفسها وبالتالي حدوث حالات الطلاق والخلع وقالت د. فادية عبدالواحد: إن النظام الجديد للأحوال الشخصية هو أحد الحلول لمشكلة ارتفاع حالات الطلاق في المملكة العربية السعودية، لكن لا نستطيع القول إن حقوق المرأة الجديدة أو وضعها الحالي هو السبب في ارتفاع حالات الطلاق. فأسباب طلاق عديدة منها: التقليدية وهي قديمة كتدخل الأسرة، وعدم الإنجاب، والعنف الزوجي، وعدم تكافؤ النسب، وهنالك أسباب أخرى للطلاق أستطيع كمختصة اجتماعية تصنيفها إلى أسباب تافهة كوجود حسابات للزوجة في مواقع التواصل الاجتماعي وإهمال الزوج للأسرة والتفاتة للمواقع المخجلة (الإباحية) وارتفاع مستوى الحياة المعيشية. لذا أؤكد أن اكتفاء المرأة ذاتيًا لا يعد السبب في ارتفاع نسب الطلاق فهذا يؤثر على نجاح المرأة وتوجهها، فالطلاق له أسباب تقليدية ومعروفة ومعظم المجتمعات تعاني منها وأسباب حديثة. حقيقة ارتفاع حالات الطلاق وعن حقيقة ارتفاع معدلات الطلاق والخلع في السعودية خلال الآونة الأخيرة أكد أ. ثامر الصالح أن المشكلة تكمن في قراءة الأرقام، فوفقًا لآخر إحصائية أطلقتها الهيئة العامة للإحصاء للعام 2020 وكذلك وفقًا لتقرير صادر من وزارة العدل، ظهر أن نسبة الطلاق في السعودية 30 ٪ فقط وهي نسبة معقولة، ومسجلة بشكل رسمي، إذاً المشكلة لدى وسائل الإعلام وقراءتها للنسب الموجودة. ومن خلال تتبعي لأرقام الطلاق من العام 2005م إلى ما قبل 2020م فإنها تتراوح ما بين 20-25 ٪، أما ما بعد 2020م وحتى عامنا هذا لم تتجاوز النسب 30 ٪ وقد تكون هذه الأرقام غير دقيقة، لأنه قد يسجل الطلاق ولا تسجل العودة، لذا علينا أخذ الأرقام من مصادرها، فلا نضخمها ولا نجتزئها ونقرأها قراءة دقيقة. مهارة الاختيار وقال الصالح: هنالك أيضًا أمر لا بد من التركيز عليه وهو امتلاك المهارة في الاختيار، فالمقاييس والمعايير قديمًا مختلفة عما هي الآن سواء كان الزواج تقليديًا أو كان عن طريق اختيار الطرفين لبعضهما. فلا بد من توعية الشباب والفتيات لهذه المهارة فلا تكون مشحونة عند الاختيار باللذة والشعور الأول أو الاندفاعية الجنسية، لأنها لا تساعد الشخص في الاختيار الحقيقي والاستمرار في علاقة طويلة. وعن الأسباب المؤدية للطلاق تحدث الصالح قائلًا: "إننا ننظر لهذا الأمر نظرة جزئية من دون النظر إلى الصورة الإجمالية ويمكن إرجاع الأسباب لجودة الزواج أو سوئه وعدم إكماله وانتهائه بالطلاق أو الخلع أو الفسخ إلى خمسة أمور وهي: الوعي: وأهميته في ضبط الانفعال لكن القليل منا من يطبقه. الجانب النفسي: وقد أشار الدكتور وليد إلى سمات الشخصية وهناك الأمراض العصابية وغيرها المؤثرة فعلاً على جودة الزواج. الجانب الجسدي: وهذا قد يتغافل عنه، ومن ذلك نقص الفيتامينات والأمراض المزمنة والعجز الجنسي وغيرها. الظروف: كظروف العمل من دوام ومكان العمل والحالة المادية والسكن مع الوالدين والفصل من العمل والبطالة وغيرها. العلاقات: كالعلاقات الاجتماعية مع الأهل والأصدقاء وكذلك العلاقات في السوشيال ميديا. فهذه الجوانب الخمسة لو تم ضبطها وإلقاء الضوء عليها وتوعية الأزواج بأهميتها، سنجد توازنًا وتعاطي آمنًا للعلاقة بين الزوجين. وعلقت د. فادية قائلة: إذا كانت الشخصية انفعالية فإن أتفه مشكلة بينهما قد تصل بهما إلى الطلاق، ومع ذلك نجد أن الزوجة هي أكثر من تحافظ على سقف الحياة الزوجية من الانهيار، ففي جلسات الصلح مثلاً أجد أن الزوجة تقدم تنازلات كثيرة في سبيل الحفاظ على أسرتها، وحتى لو كانت المشكلة في شخصيتها فإنها تحاول أن تحجبها وتسيطر عليها أكثر من الزوج. الزوجة هي أكثر أطراف الزواج تنازلاً وهدوءاً وحفاظاً على الأسرة العزوف عن الزواج وعن حقيقة وجود عزوف عن الزواج لدى الشباب من الجنسين أجاب أ. ثامر الصالح: الأرقام تبين خلاف ذلك فالأعوام 1435-1436-1437-1438هـ عقود الزواج فيها تتراوح من 157 ألف عقد إلى 160 ألف عقد تقريبًا فهل يعد هذا عزوفا؟ طبعًا لا.. فالزواج والانجذاب وتكوين علاقة طويلة ومستقرة وأسرة خاصة أمر فطري في الجنسين، لكن يمكن أن نقول إن هنالك هاجس العزوف عن الزواج، وتعود أسبابه إلى: قلة الدخل وهو عامل مؤثر، والبطالة، وعدم تحمل المسؤولية، إضافة لارتفاع سقف الطموحات والتوقعات، فأحدهم تجده يريد حورية من حوريات الجنة وهو لا يدرك سمات الأنثى، وقد لا يرى نفسه مؤهلًا للزواج، أو يسير خلف طموحه العلمي والعملي، إضافة لعدم الوعي بأهمية الزواج مبكرًا والخوف من فكرة الارتباط بزوجة وأولاد، والاستقلال عن الأهل، وفكرة الاستقلالية التي تنتشر في العالم وأن لا أحد بحاجة لأحد، كذلك المبالغة في نسب الطلاق التي تنشرها وسائل الإعلام، بالإضافة إلى الأمراض النفسية والجسدية وتعاطي المخدرات، والنشأة في أسرة مضطربة، وانخفاض الاحتياج الجنسي. فمن حيث الأمراض النفسية مثلًا، فقد قامت جامعة الملك سعود قبل فترة بمسح وطني من خلال كرسي الصحة النفسية الذي ترعاه سابك وأعلنت عنه في مؤتمر صحفي في مستشفى الجامعة، وأظهر أن 33 ٪ من السعوديين لديهم اضطراب نفسي أو مروا بتجربة الاضطراب النفسي، فهناك أسباب مسكوت عنها كالمشكلات النفسية والجسدية والجنسية يجب التركيز عليها وعلاجها. المصالحة واستقرار الأسر وطرحت الزميلة سارة سؤالًا حول دور المصالحة في الحفاظ على استقرار الأسرة وتوثيق أواصرها؟ أجاب د. وليد: في الواقع يمكننا الحديث عن المصالحة في جزأين، وقبل الكلام عنهما لا بد لنا من تصور أن المصالحة خطوة علاجية وليست وقائية، ومع ذلك حاولت وزارة العدل عبر مركز المصالحة في أن تجعل المصالحة ثقافة مجتمعية من خلال رفع وعي المجتمع بأهمية الصلح والحوار والتفاهم عبر عدة أدوات، منها: استعمال المصلح والمصلحة لأحدث الممارسات والأدوات في إقناع الزوجين الراغبين في الفرقة بالتفاهم للعدول عن تلك الرغبة. وفي الواقع إن الذي يدفع كثيراً من الأزواج إلى الطلاق أمور خاضعة لسرعة القرار بسبب موقف معين، مما يورث انفعالهم ومن ثم محاولة الانفصال، ولكن عندما يردهما المصلح للتفكير والتأمل في مآل الفرقة خلال المدة التي يبقى فيها الطلب لدى المصلح يحصل -ولله الحمد- نوع من التراجع وعدم الاستعجال في اتخاذ هذا القرار المصيري، لا سيما إذا كان لديهما أولاد. والصلح في مفهوم المركز يتجاوز الصلح في العودة إلى بيت الزوجية -والذي هو أساس الصلح والأصل فيه- إلى الصلح على استمرار الأسرة، لأن الأسرة لا تنتهي بالطلاق ولا ينبغي أن تنتهي بالطلاق، فهي كيان مكون من أولاد وصلات اجتماعية وعلاقات عائلية، فمن الإجحاف أن نعتبر انتهاء دور الأسرة بالطلاق، فالجزء الأول هو ما يتعلق بالصلح في الفرقة ذاتها ومعالجتها. وأما الجزء الآخر للصلح فيُعنى بالقضايا اللاحقة للزواج كقضايا الحضانة والنفقة والزيارة، وهذا ما يمكن أن يعرف بالطلاق الناجح، وهو عالج مع التشريعات الجديدة ما كان يمارسه ضعاف النفوس من الضغط على المرأة اجتماعيًا وماليًا عن طريق تعليقها. وقد حرصت وزارة العدل من خلال تشريعاتها على حفظ حق الطرفين ومن ذلك قضايا الحضانة والنفقة والزيارة فجعلت وثائق الصلح سندات تنفيذية. والسند التنفيذي هو الذي يخول حامله الانتقال من مرحلة النزاع الموضوعي إلى مرحلة التنفيذ، ويجب على الطرفين الزوجة والزوج الالتزام بمضمون هذا السند، فإن لم يلتزما أو أحدهما بذلك فلصاحب الحق التقدم بطلب التنفيذ الجبري، وذلك في أوقات الزيارة وأماكن الحضانة وإلزام الآباء بالنفقة على أولادهم، مشيرًا إلى أن المادة 9 من نظام التنفيذ نصت على أن محاضر الصلح سندات تنفيذية إذا تم اعتمادها من الأطراف بعد اعتمادها من (إدارة اعتماد وثائق الصلح في المركز). مصالحة افتراضية وتداخل أ. خالد الربيش سائلاً: بالنسبة لمركز المصالحة، هل يوجد في كل منطقة ومدينة أم أنه في الرياض فقط؟ أجاب م. يوسف: "توجد مقرات المصالحة في جميع أنحاء المملكة سواء من خلال مقرات مستقلة أو مشتركة مع المحاكم، بالإضافة إلى أن المنصة أنشأت مكاتب افتراضية للمصلحين تقدم لهم جميع الأدوات والسبل للقيام بعملية الصلح وممارستها افتراضيا من دون الحاجة إلى الزيارة الفعلية لأحد مقرات المصالحة". هاجس العزوف عن الزواج خلفه مشكلات نفسية وجسدية وجنسية مسكوت عنها كما تداخل أ. ثامر قائلاً "هناك بعض الحالات يقول فيها أصحابها إنني رفعت طلباً مستعجلًا، ثم جاءت رسالة للطرف الثاني فتضايق وحقد علي، لذا ما أود قوله إنه قبل البدء بالإجراءات علينا إجراء المصالحة مع ذات الطالب بداية، فقد يبصر الحق من دون اللجوء إلى القيام بالإجراءات وإعلام الطرف الآخر برسالة فتكبر القضية في الاندفاع نتيجة الضغوط التي قد تؤدي إلى زيادة الخلاف وتعقيده، فلا بد من تخفيف الاحتقان، فلعل جزءاً كبيراً من المشكلة يحل بتوضيح الأمور والإجراءات قبل البدء بها". وعلق م. يوسف: "منصة تراضي تراعي في صياغة الرسالة التي ترد إلى الطرفين أن تكون مناسبة ولا تثير أحد الطرفين على الآخر، والواقع يثبت أن وصول الرسالة جزء من الحل لأن أحد الطرفين يريد الصلح لا مفاقمة المشكلة". وتساءل الزميل أ. حازم المطيري عن أهم المشكلات التي تصل لمنصة «تراضي»؟ فأجاب م. يوسف: "لا شك أن جميع الطلبات الواردة هي بذات الأهمية ونتعامل معها وفق أحدث معايير الجودة". لا ارتفاع في حالات الطلاق وما ينشر ليس إلا مبالغات لا صحة لها هاجس العزوف عن الزواج وعن أسباب حدوث هاجس العزوف عن الزواج، قال د. عبدالله: "هناك أشياء علمية معروفة مثل رهاب الالتزام، وهو مشكلة نفسية مسجلة عالميًا، وكثير من الناس يعاني منها لكنه لا يكتشفها إلا بعد الفحص، ويصبح لديه خوف من الالتزام على شقين: الشق الأول، وهو الخوف من إيذاء الطرف الآخر، فيمتنع عن الارتباط والالتزام. والشق الآخر، هو ظن الشخص أنه يعيش ضمن منطقة الراحة التي تخصه ولا يريد أن يتعرض للمشكلات التي يراها لدى المتزوجين، ومع مرور الوقت يتحول لديه إلى فوبيا". متلازمة الاستراحات وتابع د. عبدالله: "من جانب آخر ومن خلال خبرتي هناك حالة أسميها متلازمة الاستراحات، وهي أحد الأماكن التي تتميز بها السعودية في خلق بنية معرفية سلبية تجاه المرأة والزواج، وأحاديث سلبية عن الزواج، وكذلك حلول للمشكلات الزوجية، ويتم كل ذلك في إطار سلبي، ومع الوقت يكون العقل البشري جزءًا من هذه النظرة السلبية. وهناك من يعاني من مشكلات معرفية إدراكية لما قبل الزواج وأسبابه، فيختزنها عقل الشاب أو الفتاة، وعند حدوث أي نقاش بين الزوجين تجد السلبية التلقائية التي قد أتته من المجتمع المحيط به أو بها. فالمشكلة الأساسية في الحقيقة ليست الطلاق، بل الطلاق نتيجة، فنسبة عدم التوافق الزوجي عالية، فالبعض متكيفون وليسوا متوافقين وهو تكيف اجتماعي، ونحن كمعالجين نفسيين نجد حجم المشكلة كبيرًا، حيث ترى الزوجة أو الزوج بعد عشر سنوات مثلاً ينفجر ويريد الطلاق، وهو ما نسميه الطلاق العاطفي. لذا يجب التحول من مرحلة الرصد والإحصاءات إلى مرحلة التوعية في المهارات الاجتماعية والزوجية من خلال إقامة برامج وطنية للتوعية بقيمة الأسرة ومعنى العلاقات الزوجية والاجتماعية بعد ذلك سنرى النتيجة. «السوشل ميديا» بريئة من اتهامات هدم الأسر والعلاقات الزوجية المهارات الزوجية والاجتماعية وقال د. عبدالله: "إن أغلب الحالات التي أراها سواء كان الزواج تقليديًا أم غير تقليدي يكون سبب المشكلات عائد فيها إلى نقص في المهارات الزوجية والاجتماعية، أما المشكلات الأخرى والعميقة منها والتي لا تعالج بطريقة صحيحة كالمشكلات الجنسية فكثير منها لها علاقة بالتحرش والميول الجنسية والعنف الأسري، فهذه الأمور عميقة جدًا في العلاقات". وعن السوشل ميديا والكلام عن تأثيرها أكد د. عبدالله أن غالب ما فيه غير صحيح، حيث إن أكبر تأثير لتلك المواقع هو على الأطفال، فالذي يربيهم اليوم هو السوشل ميديا والمدرسة، أما الناضج ومن لديه قدرة تمييزية وهو بالغ من الناحية القانونية لا يمكن منعه من تلك المواقع بدافع تأثيرها السلبي، بل على العكس قد يكون للسوشل ميديا دور إيجابي في رفع نسبة الوعي لدى الناس بأهمية العلاقة الزوجية حيث يمكننا استخدامها كمنصة للتوعية. فيما عارضت ذلك د. فادية قائلة: "في الواقع ومن خلال مواجهة المشكلات الاجتماعية بشكل يومي بحكم عملي، وتحديدًا خلال السنتين الماضيتين صعدت السوشل ميديا بالمشكلات الأسرية إلى مستوى غير متوقع، فهي للأسف تحاكي الرغبات، ونحن هنا لا نتكلم عن السوشل ميديا البريئة التي تتحدث عن تجارب شخصية أو إعلانات، نتحدث عن بعض الصفحات والتي يمكن تسميتها بالقذرة، فهي من خلقت الاضطراب والمشكلات داخل الاسرة، ولا يمكن تبرئتها، والرجل يتصفح تلك المواقع غير البريئة أكثر من المرأة، ولعل تأثيرها على المتقدمين في الزواج أكبر من المتزوجين حديثاً، لذا أود التنويه إلى أن السوشل ميديا قد دخلت إلى حياتنا بطريقة سيئة أثرت كثيراً على الأسرة. تعمل وزارة العدل عبر مركز المصالحة على رفع وعي المجتمع بأهمية الصلح والحوار والتفاهم عبر عدة أدوات أبرز التوصيات وفي نهاية الندوة أوصى د. وليد بضرورة اضطلاع المؤسسات الإعلامية في نشر الوعي، وثقافة الحوار، وحث الناس على اللجوء للصلح، الذي له الأثر الكبير في الحد من ظاهرة الطلاق. وأوصت فادية بأهمية القيام بأمور استباقية للحفاظ على الأسرة السعودية، فلا ننتظر حدوث مشكلة لنقوم بعلاجها بعد ذلك، بل العمل على معالجة مسبباتها بإقامة برامج وطنية توعوية للحفاظ على مقومات المجتمع السعودي خاصة أن الأجيال الجديدة لديها ضعف في قيمة الأسرة، فالفرد منهم ينظر إلى استقلاليته وتحقيق ذاته أنه أهم من كيان الأسرة. واختتم د. وليد قائلًا: "إن دور المؤسسات الإعلامية في نشر الوعي وثقافة الحوار، ودور المؤسسات الحكومية، التي تقوم بالحد من ظاهرة الطلاق، له أثر كبير في محاصرة هذه الظاهرة، لذا فأنا أهيب بالمؤسسات الصحفية أن تطرح هذا الموضوع وتبرز دور المؤسسات التي تضطلع بدور كبير في سبيل الحد من هذه الظاهرة". ضيوف الندوة د. وليد المرزوقي د. عبدالله الحريري م. يوسف الغامدي أ. ثامر الصالح د. فادية العبدالواحد المشاركون في الندوة خالد الربيش عبدالله الحسني حازم المطيري سارة القحطاني عذراء الحسيني صالحة العتيبي عزة الغامدي أثير الهزاع حنان الدخيل
مشاركة :