ينظر بعض الدول حاليا في إصدار ما يسمى بعملة البنك المركزي الرقمية. وعند البحث في أسباب اتخاذ هذا القرار فبالنسبة لبعض الدول النامية يتمثل الهدف في توسيع نطاق الشمول المالي. فكثيرون في تلك الدول لا يمكنهم الاستفادة من خدمة المدفوعات الرقمية ولا تتوافر لهم المنتجات والخدمات المصرفية الأساسية لكن في دول مثل السويد، حيث يمتلك معظم المواطنين حسابات مصرفية، يختلف الأمر قليلا. فالبنك المركزي السويدي يخطط لطرح الكرونة الإلكترونية أو الكرونة الرقمية في الأساس كأداة داعمة للبنية التحتية للمدفوعات الخاصة. وفي هذا الجانب تشعر الحكومة الصينية بقلق كبير حيال سيطرة شركتي مدفوعات على نظام الدفع ونجاحهما في صد المنافسين الجدد الذين بمقدورهم طرح ابتكارات جديدة في السوق. ويؤمن البنك المركزي الصيني بأهمية اليوان الرقمي كأداة مكملة لنظم الدفع الحالية في الأساس ووسيلة أيضا لزيادة المنافسة. وحول كيفية تأثير العملة الرقمية في قدرة البنك المركزي على إحكام السيطرة على التضخم وضمان التوظيف الكامل فإذا افترضنا أن جميع المواطنين الأمريكيين ستكون لديهم بالفعل حسابات في بنك الاحتياطي الفيدرالي، سيسهل ذلك على الاحتياطي الفيدرالي إجراء عمليات معينة مثل صرف المدفوعات التنشيطية. فمع ظهور الجائحة تضمنت فاتورة التدابير التنشيطية الأولية لمواجهتها تحويل مبالغ نقدية كبيرة إلى الأسر الأمريكية. وكانت بيانات الإيداع المباشر لعديد من الأسر مسجلة بالفعل لدى مصلحة الضرائب الأمريكية ما أتاح حصولها على إيداعات مباشرة في حساباتها، بينما حصلت الأسر التي لم تتوافر عنها معلومات في سجلات المصلحة على بطاقات خصم مسبقة الدفع أو شيكات فقد عديد منها في البريد، وتم الاستيلاء على بعضها أو أصابه التلف. والسؤال المطروح هنا هل يمكن استخدام العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية في مكافحة التهرب الضريبي وغيره من الجرائم؟ إذا لم يكن بإمكانك استخدام النقد لدفع أجر عمال الحدائق أو جليسة الأطفال، سيتم إبلاغ هذه المدفوعات للحكومة على الأرجح. وفي حالة المعاملات عالية القيمة خصوصا، سيؤدي ذلك إلى إحداث فرق كبير في حجم الإيرادات الضريبية. كذلك تحد النقود الرقمية من استخدام النقد في المعاملات غير المشروعة، مثل تهريب المخدرات أو غسل الأموال. وحول المخاطر بالنسبة للبنوك ومقدمي خدمات الدفع من القطاع الخاص إذا كانت الحكومة توفر بالفعل نظام مدفوعات رقمية مقابل تكلفة منخفضة للغاية، قد يصعب كثيرا على جهات تقديم خدمات الدفع الخاصة للاستمرار في تقديم خدماتها. ففي نهاية الأمر، ماذا تملك الشركات الخاصة لمنافسة الحكومة بما يتوافر لها من موارد ضخمة؟ وهناك خطر آخر، وهو أن البنوك التجارية، التي تمثل وسيلة مهمة للغاية في الاقتصادات الحديثة لدورها في توفير الائتمان الذي يدعم النشاط الاقتصادي قد تتعرض لسحب الودائع التي تصب لاحقا في حسابات البنوك المركزية. وفي أوقات الأزمات، قد يشعر المودعون في نهاية الأمر أن ودائعهم ستكون بمأمن أكبر لدى البنك المركزي أو غيره من المؤسسات الحكومية مقارنة بالبنوك التجارية حتى في حالة التأمين على ودائع البنوك التجارية.
مشاركة :