أكد وزير الخارجية العراقية إبراهيم الجعفري، أمس، أن مجلس الأمن الدولي أدرج شكوى العراق بخصوص التوغل التركي على جدول أعماله. وقال الجعفري، في مؤتمر صحافي في البرلمان بعد حضوره جلسة استماع علنية حول توغل القوات التركية الأراضي العراقية، إنه «ليست لدينا معايير مزدوجة، فعندما لا نقبل بمعسكر للأتراك في العراق فإننا لا نقبل كذلك لبقية الدول، فلا نريد فتح باب لوجود قوات مسلحة وفتح معسكرات في العراق، وهذا باب غير جائز، وموقفنا واحد من كل الدول التي تنوي فتح معسكرات في العراق». وأضاف الجعفري: «نحن كعراقيين في أمس الحاجة في هذا الظرف للحفاظ على رص الصف الوطني وإشاعة ثقافة الثقة والمحبة، وإذا كان ثمة من تواطأ في هذا الأمر فإننا نوجه له رسالة بأنه لا ينبغي أن نختلف على سيادة العراق، فالانتهاك لا مبرر له مهما كان من أي طرف كان». وقال الجعفري: «حتى الآن نأخذ دور المتضرر والمنتهكة سيادته، ومن جانب آخر دور المتمسك بالعلاقة والمتمسك بإنهاء انتهاك السيادة، لذا لا نحتاج وسيطا»، مستدركا أن أي طرف «يستطيع أن يعين العراق على تحرير أرضه من أي قوات تدخل عنوة ومن دون إذن وتبقى في العراق نرحب بوساطته، سواء أميركا أو أي دولة أخرى». وأشار الجعفري إلى أن «العراق متمسك بسيادته وسياسة حسن الجوار مع تركيا وغيرها، ولكن ليس على حساب سيادته». ونفى الجعفري وجود «أي اتفاقية أو مذكرة تفاهم بهذا الشأن أبدا، إلا أن هناك محضرا عام 1983 في زمن طارق عزيز، وهذا لا يرقى إلى مستوى مذكرة تفاهم ولا إلى اتفاقية، وحتى ذلك فإن قرار مجلس النواب في 2009 ألغى كل الالتزامات بهذا الصدد»، مبينا أن «العراق لن يتوقف عن الدفاع عن سيادته المنتهكة، وسيبذل كل السبل القانونية من دون استثناء». وأوضح أن اتصالاته مع نظيره التركي أسفرت عن تأكيد الجانب التركي «عدم إرسال قوات جديدة، وأبلغناه بأن هذا ليس الحل، فنحن لا نناقش إرسال قوات جديدة، وإنما نناقش القوات الموجودة فعلا ونريد سحبها بشكل طارئ». ومضى الجعفري إلى أنه «في الوقت الذي وعدنا فيه الوفد التركي الزائر بالانسحاب، فقد فوجئنا بموقف الرئيس التركي الذي لا يزال يقول إننا لن ننسحب». وحول دوافع تركيا من الوجود في أرض العراق قال الجعفري نقلا عن المسؤولين الأتراك «إنهم يشعرون بأن وجود القوات المسلحة التركية هو لدعم أمن العراق، لأن تحدي (داعش) ارتفعت وتيرته في تلك المناطق، وأبلغناهم بأننا نعتبر هذا خطا أحمر خصوصا أنه ليس بعلم ولا بتنسيق الدولة العراقية، ونحن غير مستعدين لتقبل أي قوة توجد على الأرض العراقية». وبرر الجعفري عدم لجوء العراق إلى قطع علاقاته الاقتصادية مع تركيا بأنه «لا يزال هناك مجال لبذل الجهود المكثفة بحجم الصداقة العراقية والالتزامات العراقية العربية والعلاقات العربية الإسلامية والعلاقات الدولية، فلم نستنفد بعد كل السبل، ولذلك لا تزال أمامنا خيارات ما قبل الوصول إلى المنافع الاقتصادية». من جهتها، انتقدت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عدم حضور وزير الدفاع خالد العبيدي. وقال رئيس كتلة التحالف المدني الديمقراطي في البرلمان العراقي وعضو لجنة العلاقات الخارجية مثال الآلوسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدم حضور وزير الدفاع خالد العبيدي وهو المعني بشكل مباشر بالأزمة مع تركيا إنما يطرح العديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام، وذلك لجهة تورط الوزير بالأمر لا سيما أن قوله إنه يحتاج إلى موافقة رئيس الوزراء حيدر العبادي وعدم قدرته على العثور عليه عبر الهاتف أمر يرتقي إلى مستوى الكارثة»، متسائلا: «كيف يمكن لوزير دفاع بلده في حالة حرب ولا يتمكن من الحصول على القائد العام للقوات المسلحة الذي هو رئيس الوزراء، بينما ينبغي أن تكون كل خطوط الاتصالات مفتوحة بينهما على مدار الساعة؟». وأكد الآلوسي أنه «على الرغم من كل ما يقال من تبريرات حول التوغل التركي في الأراضي العراقية فإنه احتلال بكل معنى الكلمة، ولا يمكننا قبول وصف آخر»، مبينا أن «الأداء السياسي العراقي ومن خلال وزارة الخارجية وعلى الرغم من كل ملاحظاتنا عليه يعد أداء جيدا، لا سيما على صعيد استخدام الطرق الدبلوماسية كسبيل لحل الأزمة في الوقت الراهن». وأوضح الآلوسي أن «ما حصل بين العراق وتركيا والحديث عن اتفاقيات أو مواثيق إنما يؤكد الحاجة الماسة لأن تعيد كل دول المنطقة سياساتها حيال بعضها وتبني أولويات لأمنها القومي لكي تكون كل هذه الدول قادرة على مواجهة تحدي الإرهاب طالما تقول إنه هو العدو المشترك للجميع». وبشأن الآليات التي يمكن اتباعها لإيجاد حل لهذه الأزمة، قال الآلوسي إن «المشكلة باتت تتعلق بفشل منظومة العمل العربي المشترك، وهو ما بات يجعل الأمن العربي كله مهددا، في وقت لم تتمكن فيه الجامعة العربية من الارتقاء إلى مستوى التحديات التي باتت تواجهها بعض دولها وأقطارها من تمدد الجيران الكبار تحت هذه الذريعة أو تلك، وهو ما يعني شهادة وفاة للعمل العربي المشترك الذي تتبناه الجامعة العربية».
مشاركة :