أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية الخميس مقتل مهندس وإصابة آخر جراء «حادث» وقع الأربعاء في وحدة أبحاث تابعة لها في منطقة بارشين جنوب شرق طهران، والتي تضم مجمعا عسكريا يشتبه بأنه سبق أن شهد اختبارات تفجير على صلة بالملف النووي. وأتى الحادث الذي وقع الأربعاء، بعد أيام من مقتل العقيد في الحرس الثوري صياد خدائي بالرصاص قرب منزله في طهران. وتقف اسرائيل، العدو الاقليمي اللدود للجمهورية الإسلامية، خلف اغتياله، وفق ما كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية. وكانت طهران اتهمت عناصر مرتبطين بـ»الاستكبار العالمي»، في إشارة الى الولايات المتحدة وحلفائها وأبرزهم اسرائيل، بـ»اغتيال» الضابط. كما سبق للجمهورية الإسلامية أن حمّلت إسرائيل مباشرة مسؤولية عمليات اغتيال طالت علماءها النوويين أو تخريب طال منشآتها. وصباح الخميس، أكدت وزارة الدفاع الإيرانية في بيان على موقعها الالكتروني «وقوع حادث مساء الأربعاء في إحدى الوحدات البحثية التابعة لوزارة الدفاع في منطقة بارشين». وأدى ذلك الى «استشهاد المهندس إحسان قد بيغي وإصابة أحد زملائه»، مشيرة الى فتح «تحقيق في أسباب هذا الحادث»، من دون تفاصيل إضافية. وأتى بيان الوزارة بعد ساعات من نقل وكالة «إرنا» الرسمية عن «مصدر مطّلع»، أن «حادثا صناعيا» وقع في بارشين وأدى لمقتل شخص وإصابة آخر. ولم تقدّم الوكالة تفاصيل بشأن أسبابه أو المكان الدقيق لوقوعه. وكانت منطقة بارشين شهدت في حزيران/يونيو 2020، انفجار «خزان غاز صناعي» قرب المجمع العسكري، وفق ما أعلنت في حينه وزارة الدفاع، من دون أن يؤدي ذلك الى وقوع ضحايا. وأوضحت في حينه أن الانفجار لم يقع في موقع عسكري، بل في «مساحة عامة». ويشتبه بأنّ موقع بارشين شهد اختبارات على انفجارات تقليدية يمكن تطبيقها في المجال النووي، وهو ما سبق للجمهورية الإسلامية أن نفته. وكانت طهران ترفض قبل ذلك السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بزيارة الموقع، مؤكدة أنهم قاموا بعمليات تفتيش سابقة فيه خلال العام 2005 من دون اثبات حصول نشاط يثير الشبهات. الا أن الموقع خضع لتدقيق من الوكالة عام 2015، بعيد انجاز الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى. وقام المدير السابق للوكالة في حينه، الراحل يوكيا أمانو، بزيارة المكان. وأتاح اتفاق 2015 رفع عقوبات كانت مفروضة على إيران في مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. لكن مفاعيله باتت في حكم اللاغية مذ انسحبت الولايات المتحدة أحاديا منه في 2018 معيدة فرض عقوبات قاسية على طهران، ما دفع الأخيرة للتراجع عن معظم التزاماتها. وبدأت إيران والقوى الكبرى، بمشاركة أميركية غير مباشرة، مباحثات في فيينا بدءا من نيسان/أبريل 2021 بهدف تفعيل الاتفاق. وبعد تحقيق تقدّم في المفاوضات، علّقت المباحثات رسميا منذ آذار/مارس مع تبقّي نقاط تباين بين طهران وواشنطن. - الثأر لصياد خدائي - وتعد إسرائيل أبرز المعارضين للاتفاق النووي، وتتهم إيران بالعمل على تطوير سلاح ذرّي، وهو ما نفته الجمهورية الإسلامية مرارا. وأكد مسؤولون إسرائيليون أنهم سيواصلون العمل ضد برنامج إيران النووي، بما قد يشمل عمليات عسكرية، حتى في حال إحياء اتفاق 2015. كذلك نفذت اسرائيل ضربات جوية متكررة في سوريا حيث تقول إن طهران، الداعمة للرئيس بشار الأسد، تعمل على تعزيز وجودها العسكري والميداني. وأبلغت الدولة العبرية واشنطن بمسؤوليتها عن اغتيال صياد خدائي، وذلك بحسب ما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول استخباري الأربعاء. وقال المصدر الذي طلب عدم كشف اسمه، إنّ تل أبيب أبلغت واشنطن أنّ الاغتيال هدفه تحذير لإيران لوقف عمليات وحدة سرّية ضمن «فيلق القدس» الموكل العمليات الخارجية في الحرس. وقتل صياد خدائي الأحد جراء إطلاق مسلّحَين النار عليه وهو في سيارته قرب منزله بشرق طهران. وأفاد التلفزيون الرسمي أن الضابط كان من كوادر فيلق القدس و»معروف» في سوريا حيث تؤكد إيران وجود «مستشارين عسكريين» لدعم الجيش السوري في النزاع المستمر منذ 2011. وأكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي حتمية الثأر لصياد خدائي الذي شارك الآلاف في تشييعه الثلاثاء في طهران. وجدّد قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي الخميس التأكيد أن الاغتيال «سيتمّ الرد عليه (...) على أعدائنا أن ينتظروا»، من دون تسميتهم. وأضاف في تصريحات متلفزة «لن تغيّر أعمال التبجح هذه شيئا (...) في حال أعلنوا (المسؤولية) أم لم يعلنوها، سننفذ خططنا وسنقوم بعملنا». وفي الأمم المتحدة، دعا سفير إيران مجيد تخت روانشي المجتمع الدولي الى إدانة الاغتيال، وذلك في رسالة إلى الأمين العام أنطونيو غوتيريش جاء فيها «تماشيا مع مسؤولياتها في مكافحة الإرهاب بصدق وبطريقة غير تمييزية، يُنتظر من الأمم المتحدة أن تدين هذا العمل الشائن». وكانت عملية الاغتيال هذه أبرز استهداف لشخصية إيرانية على أراضي الجمهورية الإسلامية منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020، حين قتل العالم النووي محسن فخري زاده بإطلاق نار استهدف موكبه قرب العاصمة. وقُدم فخري زاده بعد وفاته على أنه نائب وزير الدفاع ورئيس إدارة منظمة الأبحاث والإبداع في الوزارة، وشارك خصوصاً في «الدفاع الذري» للبلاد.
مشاركة :