تدرس تركيا سن تشريعات جديدة وفرض ضرائب على تداولات منصات العملات المشفرة في البلاد، في تحرك يرى خبراء أنه بدافع الضغوط التي تشكو منها التوازنات المالية أكثر من كونه تنظيما لهذا القطاع الذي لا يخضع عادة لسلطة تنظم نشاطه. وكشف مصدران مسؤولان لوكالة بلومبرغ الخميس أن الحكومة تعكف حاليا على صياغة تشريع جديد تستهدف عبره إحكام سيطرة الدولة بصورة أكبر على سوق العملات الافتراضية. وذكر المصدران، اللذان طلبا عدم الكشف عن هويتيهما لأن الخطط غير معلنة، أن الحكومة تخطط أيضا لفرض ضريبة على البعض من المعاملات التي تتضمن أصولا رقمية. وأكدا أن الإجراءات كانت على جدول أعمال الاجتماع الذي عُقد في مكتب الرئيس رجب طيب أردوغان الثلاثاء الماضي وحضره فؤاد أقطاي نائب الرئيس، إلى جانب وزير الخزانة والمالية نورالدين نبطي، ووزير التجارة محمد موش. جمعية المعلوماتية: متوسط التداولات اليومية بين 500 ألف ومليون عملية ويرجح محللون أن تكون لمثل هذه الخطوة علاقة بالدعم الحكومي غير المعلن للمنصات التركية المحلية حتى تستطيع مجاراة وتيرة المنصات الأجنبية العاملة في البلاد. ومن المتوقع أن تقدم الحكومة مشاريع قوانين حول الأمر للمناقشة أثناء انعقاد مجلس وزاري في الفترة القليلة المقبلة قبل إحالتها إلى البرلمان للمصادقة عليها، والتي من شأنها اعتماد قواعد جديدة لنشاط منصات بورصات العملات الرقمية في السوق المحلية. والوضع القانوني للعملات المشفرة موضوع نقاش في الأوساط الاقتصادية والتشريعية التركية منذ أشهر، لاسيما ما يتعلق بامتلاكها قيمة نقدية مقبولة كوسيلة للدفع أو كأداة أصول. وكان أردوغان قد أعلن في ديسمبر الماضي خلال اجتماع مع خبراء اقتصاديين وأكاديميين في إسطنبول أنه سيحيل لائحة العملات المشفرة إلى البرلمان. وقال حينها “لا يمكن أن نتأخر”. وأعدت الحكومة في أبريل العام الماضي لائحة بشأن التعامل مع العملات المشفرة، وهي تنسجم مع البرنامج الرئاسي لعام 2020، والذي نُشر في الجريدة الرسمية، حيث تضمن مشروع النقد الرقمي وتطوير عملة رقمية رسمية بإشراف البنك المركزي. وأوضح المصدران أن من بين المقترحات يوجد مطلب يفرض على الشركات الاحتفاظ بمئة مليون ليرة (6 ملايين دولار) على الأقل من رأس المال. وعلاوة على ذلك، ثمة إجراء آخر من شأنه إلزام منصات العملات المشفرة العالمية بفتح فرع لها في تركيا بحيث يمكن فرض ضرائب على تعاملاتها. واكتسبت العملات الافتراضية شعبية متزايدة لدى الأتراك بعدما أدت انخفاضات الليرة المتتالية، والتي فقدت أكثر من 45 من قيمتها، وتصاعد التضخم الذي بلغ نسبة 70 في المئة إلى استنزاف قيمة مدخراتهم. وتملك هذه النوعية من العملات مزايا كبيرة قياسا بالعملات التقليدية، فضلا عن قدرتها على الانسجام مع التقنيات الرقمية والهياكل المبتكرة التي تعتمد عليها، وهو ما يستقطب اهتمام المستثمرين. ولوحظت خلال الأشهر الماضية زيادة في الاستثمار أو في إجراء عمليات مالية بالعملات الرقمية، والتي قال عنها رحمي آقتبه رئيس جمعية المعلوماتية التركية (تي. بي. دي) لوكالة الأناضول في مايو 2021 إنها “تأتي بالتزامن مع التحولات الرقمية السريعة التي يشهدها العالم”. Thumbnail ووفق تقديرات الجمعية فإن التعاملات اليومية بالعملات المشفرة تتراوح في المتوسط بين 500 ألف ومليون تداول، وترتبط بتقلبات سعر العملة المحلية. لكن فئة هذه الأصول تواجه أيضا تدقيقا متزايدا، بسبب المخاوف من المخاطر التي يمكن أن تهدد بها النظام المالي الأوسع نطاقا؛ ففي ديسمبر الماضي فرضت السلطات التركية أول غرامة على منصة بايننس المحلية لتداول العملات الافتراضية بسبب انتهاكات جرى اكتشافها أثناء عمليات فحص. وعلى الرغم من أن الحكومة لم تقرر حتى الآن الكيفية التي ستفرض بها ضرائب على الأفراد في هذا الصدد، فإنها تميل إلى تطبيق رسوم رمزية على مشتريات العملات المشفرة، وفقاً لما قاله المسؤولان. وبحسب المسؤولين التركيين، يشير سن هذا التشريع إلى رقابة أكثر صرامة في الدولة التي هزها انهيار العديد من بورصات العملات المشفرة في العام الماضي. وتنكب السلطات التركية منذ فترة أيضا على البحث عن طرق للحفاظ على العملات المشفرة بأمان، وسيجري ذلك غالبا في نطاق البنية التحتية للقطاع المصرفي لمنع حالات إساءة الاستخدام. وتراجعت العملات الرقمية، وخاصة بتكوين وإيثريوم، بشدة مقارنة بمستوى الذروة في عام 2021 مع تصعيد الجهات التنظيمية في مختلف أنحاء العالم لمطالبات فرض رقابة أكثر صرامة عليها عقب تهاوي عملة تي. أس. دي المستقرة عن ربطها الأولي مع الدولار الأميركي في أوائل مايو الجاري.
مشاركة :