تسعى الحكومة المصرية إلى زيادة القدرات التكنولوجية لدى الأجيال الصاعدة بما يساعدها على تنفيذ رؤيتها التي تواجه العديد من المشكلات للتحول الرقمي، ما دفعها إلى توجيه دفة الاهتمام إلى الأطفال المتفوقين تكنولوجيا في المدارس المختلفة لاستكشافهم ومنحهم دورات تدريبية مجانية طويلة المدى تستهدف تجهيزهم للتعامل مع تطورات الذكاء الاصطناعي وتأمين شبكات المعلومات. وأطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية مبادرة “أشبال مصر الرقمية” كمنحة مجانية تستهدف صقل مهارات تكنولوجيا المعلومات للطلاب المتفوقين في المرحلة العمرية بين 12 و18 عامًا، وما يوازيها في المراحل الدراسية المختلفة في التعليم قبل الجامعي، بهدف تحقيق الرؤية الرقمية في مُواكبة علوم سوق العمل المستقبلية ومتطلباته. أحمد الشربيني: دون وعي تقني لن تحقق الاستثمارات العوائد المطلوبة المبادرة هي الأولى من نوعها التي تتجه فيها وزارة الاتصالات ذات الارتباط المباشر بتحسين البنية التكنولوجية في الدولة إلى طلاب المدارس. وتركزت غالبية مبادراتها في السابق على خريجي الجامعات التكنولوجية وأصحاب الأعمال الحرة وغيرهم من الفئات ذات الارتباط المباشر بالتحول الرقمي. وتبرهن رؤية الحكومة على حاجة المجتمع إلى إعداد وتجهيز مسبق يدعم تسريع وتيرة التحول الرقمي التي أخذت خطوات أكثر جدية العامين الماضيين لكنها تعد بطيئة مقارنة بالخطوات التي اتخذتها دول عربية عديدة في الفترة ذاتها التي تفشى فيها وباء كورونا وتسبب في إغلاق عام انعكس إيجابًيا على الاستثمار الرقمي. التحول الرقمي وحددت وزارة الاتصالات المجالات التي تستهدفها وراء تدريب الصغار، إذ يخضعون أولاً إلى برنامج تأسيسي يساعدهم على تطوير مهاراتهم التكنولوجية وتنميتها من خلال تعلم أساسيات التكنولوجيا الحديثة وأدواتها، على أن يلتحقوا بأحد المسارات التخصصية وفقًا لاختياراتهم، حيث تتضمن: الفنون الرقمية، وتطوير البرمجيات، وتأمين الشبكات والمعلومات، والذكاء الاصطناعي والروبوتات. ويتفق خبراء تكنولوجيا المعلومات على أن اختيار 3000 طالب ضمن المرحلة الأولى من المبادرة التي تستمر أربع سنوات وتخضع إلى ظروفهم التعليمية بحيث لا تتعارض مع المواعيد الدراسية يعد وسيلة مناسبة للتعامل مع ضعف البنية التكنولوجية في الكثير من المؤسسات التعليمية الحكومية. خالد نجم: الحكومة لديها رؤية لمساهمة التكنولوجيا في زيادة موارد الدخل ويتمثل الطريق الأكثر فاعلية في اختيار النماذج التي لديها اهتمامات بمجال التكنولوجيا لثقل مهاراتها بدورات تشارك فيها شركة مايكروسوفت إلى جانب شركاء دوليين آخرين في مجال تكنولوجيا المعلومات. الرؤية الجديدة تتماشى مع خطط الدولة التي ترى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي هي المدخل الرئيسي للجمهورية الجديدة، وتستهدف خلق بيئة ثقافية تكنولوجية تدعم توجهاتها نحو الانتقال إلى المدن الذكية، وكان ذلك سببا للتوسع في إنشاء كليات الذكاء الاصطناعي وإدخال تغيير على مناهج الكليات ذات الارتباط المباشر بالتكنولوجيا والتي هي في حاجة إلى أجيال صاعدة لديها قبول في دراسة تلك التخصصات التي مازالت تتوجس منها بعض القطاعات. أستاذ نظم الاتصالات بكلية الهندسة جامعة القاهرة أحمد الشربيني أكد أن الدولة على قناعة أن تكنولوجيا المعلومات من الأعمدة الرئيسية لتحقيق التنمية في مجالات مختلفة ودون الوعي التقني والمعلوماتي فإن الصناعة والزراعة والاستثمارات المختلفة لن تكون قادرة على التحرك إلى الأمام وتحقيق عوائد تنموية مطلوبة. وأضاف في تصريح لـ"العرب" أن تطوير تلك القطاعات في حاجة إلى كوادر قادرة على التطوير ومستخدمين يملكون الوعي التكنولوجي وأصحاب أعمال تتوافر عندهم مهارات الذكاء الاصطناعي، ما يسهم في تطوير مجموعة من القطاعات التخصصية، وليس الهدف أن يحترف الجميع تكنولوجيا الاتصالات لكن المهم وجود معرفة لدى خريجي الجامعات لتطوير المجالات المهنية التي يعملون بها، ما كان دافعًا نحو توجيه مبادرات التدريب الحكومية إلى طلبة الجامعات وحديثي التخرج. مستقبلنا الرقمي تحسين البنية التكنولوجية لطلاب المدارس مطلوب تحسين البنية التكنولوجية لطلاب المدارس مطلوب ودشنت وزارة الاتصالات المصرية العامين الماضيين 20 مبادرة، أبرزها "شباب مصر الرقمية" التي اتجهت إلى طلاب الجامعات وحديثي التخرج، و"فرصتنا الرقمية"، وتوجهت إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة لمساعدتها في تنفيذ مشروعات التحول الرقمي، و”مستقبلنا رقمي” ودربت 100 ألف شاب على مهارات المستقبل ووظائفه، وذلك بميزانية سنوية بلغت 60 مليون دولار. وأشار الشربيني، وهو مساعد وزير الاتصالات سابقًا، إلى أن الجديد في المبادرة الحالية أنها توجهت إلى الأشبال في المرحلة الإعدادية والثانوية وهؤلاء أكثر دراية باستخدامات التكنولوجيا من الأجيال الحالية، وأكثر تعرضًا للمناهج الدراسية التكنولوجية التي أقرّتها الحكومة خلال السنوات الماضية، ولديهم بيئة تكنولوجية داخل المدارس أفضل من تلك التي كانت موجودة في السابق، وهناك فرصة لتوظيف كل هذه العوامل من أجل تجهيزهم للمستقبل. مبادرة "أشبال مصر الرقمية" منحة مجانية تستهدف صقل مهارات تكنولوجيا المعلومات للمتفوقين في المرحلة العمرية بين 12 إلى 18 عامًا وأشار لـ"العرب" إلى أن الدولة تستثمر في هؤلاء الطلاب على المدى الطويل وتدرك بأنها ستكون أكثر قدرة على تمكينهم من المهارات التكنولوجية المتطورة بشكل أكبر في المرحلة العمرية الصغيرة وتدعم اتجاههم إلى الجامعات التكنولوجية التي أنشأتها، وتعريفهم بمجالات المستقبل والتخصصات التي تتماشى مع التطورات الرقمية. تضع الحكومة المصرية اشتراطات عديدة للقبول بمبادراتها الرقمية، ويخضع المتقدمون لها لاختبارات متنوعة قبل دخولهم، وتمنح الخريجين شهادات تسهّل مهمتهم في الحصول على فرصة عمل داخل شركات البرمجة وقطاعات ذات ارتباط مباشر بتكنولوجيا المعلومات، ما يجعل هناك تهافتا كبيرا على مبادراتها التي استهدفت تدريب 200 ألف شاب العام الماضي. ويسيطر شعار "التحول الرقمي" على الكثير من المشروعات القومية التي تدشنها الدولة المصرية ويجري الحديث عن أن المجتمعات العمرانية الجديدة على أنها تمثل “المدن الذكية” والموفرة للطاقة والصديقة للبيئة بفعل استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، غير أن تطبيق ذلك على الأرض يواجه صعوبات في ظل حاجة البنية التكنولوجية إلى المزيد من التطوير الذي يدعم توجهات المواطنين نحو التعاملات الرقمية. مدن ذكية تأهيل وتدريب الكفاءات لسوق الشغل مهمة شاقة تأهيل وتدريب الكفاءات لسوق الشغل مهمة شاقة وحسب وزارة الاتصالات فإن معدل نمو القطاع ارتفع ليصل إلى 16 في المئة العام 2021 مقارنة بـ15.2 في المئة العام 2020، وزادت نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلى الإجمالي من 4.4 في المئة إلى 5 في المئة العام الماضي، وهي أرقام تؤكد وجود تطور ضئيل مقارنة بالخطوات التنموية التي يشهدها هذا القطاع في العالم. وأطلقت الحكومة 65 خدمة جديدة تابعة لها على منصة مصر الرقمية ليصل الإجمالي إلى قرابة 100 خدمة رقمية وإتاحتها من خلال منافذ متعددة بخلاف المنصة وهي البريد المصري، لكنها تصطدم بمدى إقبال الأشخاص العاديين على تلك الخدمات التي مازالت تقدمها بطرق تقليدية وتعد الأكثر انتشاراً والأكثر فاعلية حتى الآن. وأوضح وزير الاتصالات المصري الأسبق خالد نجم لـ”العرب” أن الحكومة لديها رؤية بمساهمة تكنولوجيا الاتصالات في زيادة موارد الدخل القومي وتدريب الكفاءات من الطلاب والشباب لتوظيفهم من أجل نجاح التحول الرقمي، وتقديم خدمات تكنولوجية يمكن تصديرها إلى بعض الدول الأفريقية والعربية التي أمامها خطوات طويلة نحو استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وذكر نجم أن الحكومة تجذب اهتمامات الأطفال إلى تلك التطبيقات من خلال دخول مجال تصنيع الألعاب الإلكترونية والاهتمام بها والتعامل معها كصناعة قد تكون مجالاً مفتوحًا للاستثمار، وتقديم منح وتسهيلات للشباب الساعين للدخول في تلك الألعاب. وأطلقت الرئاسة المصرية قبل عامين مبادرة “أفريقيا لإبداع الألعاب والتطبيقات الرقمية” لتنمية قدرات 10 آلاف شاب مصري وأفريقي وتأهيلهم على تطوير الألعاب والتطبيقات الرقمية باستخدام أحدث التقنيات، وقامت بالتحفيز على تأسيس 100 شركة مصرية وأفريقية ناشئة في هذا المجال بالتعاون مع وزارة الخارجية وعدد من الشركات العالمية والوزارات والمؤسسات في مختلف الدول الأفريقية.
مشاركة :