أكدت الاحصاءات الرسمية أن قطاع النقل يستهلك نحو (23%) من إجمالي الطاقة في المملكة العربية السعودية، حيث يستهلك أسطول المركبات الذي يصل إلى أكثر من 12 مليون مركبة، يومياً من البنزين والديزل نحو (811.000) برميل. ويأتي ذلك الاستهلاك المتصاعد لأن المملكة من الدول التي تتّسم بارتفاع معدلات النمو السكاني، حيث سجلت مؤشراتها السكانية خلال السنوات الماضية، نمواً سنوياً مطّرداً بلغ (2.7 % )، ووصل إجمالي عدد السكان إلى نحو (30) مليون نسمة. فيما تشير التقديرات إلى استمرار هذا النمو السكاني خلال العقد القادم، يدعمه في ذلك استمرار التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة، كما أن هناك عوامل أخرى تتسبب في زيادة هذا الاستهلاك، كالطبيعة الجغرافية، وتباعد التجمعات السكانية في المملكة، التي أسهمت في زيادة الطلب على وسائل النقل بشكلٍ عام، والنقل البري بشكلٍ خاص، ليصل إجمالي الطرق القائمة، والجاري تنفيذها، إلى أكثر من (80) ألف كيلو متر. وتشكل المركبات الخفيفة (82%) ، من إجمالي حجم أسطول المركبات في المملكة، منها (2.2) مليون مركبة تجاوز عمرها الزمني (20) عاماً. فيما يتوقّع استمرار نمو أسطول المركبات للأعوام القادمة، ليصل بحلول عام 2030م إلى أكثر من (26) مليون مركبة، وارتفاع معدل استهلاكها اليومي من البنزين والديزل إلى نحو (1.860.000) برميل. وعمل البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة، المنبثق من المركز السعودي لكفاءة الطاقة، بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية في المملكة إلى تحديد أسباب تدني مستوى كفاءة استهلاك الطاقة في قطاع النقل البري، التي بينت أن تدني معدل اقتصاد وقود المركبات هو السبب الرئيس لذلك. حيث يقارب معدل اقتصاد وقود المركبات في المملكة نحو (12) كيلو متراً لكل لتر وقود، مقارنةً بنحو (13) كيلو متراً لكل لتر وقود في الولايات المتحدة الأمريكية، و (15) كيلو متراً لكل لتر وقود في الصين، و(18) كيلو متراً لكل لتر وقود في أوروبا. وسبق للفريق المختص في البرنامج، العمل منذ عدة أعوام مع جهات استشارية دولية، حكومية وغير حكومية، لإعداد برامج فرعية لتحسين اقتصاد الوقود في المركبات القائمة والمستوردة، سواءً الخفيفة منها أو الثقيلة. وشملت البرامج الفرعية التي تم تنفيذها لتحسين اقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة المستوردة ما يلي: إصدار بطاقة اقتصاد وقود المركبات في ديسمبر 2013م، وتطبيق مرحلتها الأولى في أغسطس 2014م، ومرحلتها الثانية في يناير 2015م. وإصدار مواصفة قياسية لمتطلبات مقاومة الدوران، والتماسك على الأسطح الرطبة، للإطارات في أبريل 2014م، وتطبيق مرحلتها الأولى في نوفمبر 2015م، ومرحلتها الثانية في نوفمبر 2019م. كما جاء توقيع الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة مذكرات تفاهم مع شركات صناعة السيارات العالمية لإصدار "المعيار السعودي لاقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة"، وتطبيق مرحلته الأولى على جميع المركبات الخفيفة المستوردة، بدءاً من شهر يناير 2016م بإذن الله تعالى. ويستهدف المعيار السعودي لاقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة تحسين معدل اقتصاد وقود المركبات في المملكة بنحو (4%) سنوياً، لنقله من مستواه الحالي عند نحو (12) كيلو متراً لكل لتر وقود، إلى مستوى يتخطى (19) كيلو متراً لكل لتر وقود، بحلول عام 2025م، بإذن الله تعالى. وروعي عند بدء العمل على إعداد المعيار في يوليو 2012م طبيعة العرض والطلب على المركبات في المملكة، والتواصل المستمر مع شركات صناعة السيارات العالمية عبر تقديم تقارير اقتصاد وقود مركباتهم، والأخذ بملاحظاتهم واقتراحاتهم، بشأن تحقق التحسين المستمر في مستوى المعيار، مع المحافظة على الحياد التقني، والمنافسة العادلة، وتنوّع خيارات المركبات المتاحة للمستهلكين. وقد أسفرت عملية إعداد المعيار عن موافقة والتزام (78) شركة تمثّل مصدر أكثر من (99,95%) من مبيعات المركبات في المملكة بتطبيق المعيار السعودي لاقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة حيث تم إعداد منظومة عمل من أربع جهات حكومية تتولى مهام مراقبة تطبيق المعيار، والتزام شركات صناعة السيارات العالمية بمتطلبات المعيار، ومتابعة تحسين معدل اقتصاد وقود المركبات في المملكة. وتشمل هذه الجهات وزارة التجارة والصناعة، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، ومصلحة الجمارك العامة، والمركز السعودي لكفاءة الطاقة. ومن المتوقع عند اكتمال تطبيق كافة البرامج في قطاع النقل البري، تحقيق وفر يصل إلى (300.000) برميل يومياً من البنزين والديزل بحلول عام 2030م، ، دون الأخذ في الاعتبار المساهمة المتوقعة لنشاط النقل العام بين مدن المملكة وداخلها في هذا الوفر.
مشاركة :