سلَّط موقع «ذي كونفيرسيشن» الأمريكي الضوء على احتمالات تدخل أمريكا عسكريا في حال غزو الصين لتايوان.وبحسب مقال لـ «ميريديث أوين»، الأستاذة بجامعة «ميريلاند»، خفف المسؤولون الأمريكيون قليلا من اقتراح الرئيس جو بايدن في 23 مايو 2022 بأن بلاده ستتدخل عسكريا إذا حاولت الصين غزو تايوان.ومضت الكاتبة تقول: اعتبر بعض المراقبين تصريحات بايدن خلال رحلته إلى اليابان انحرافا عن الخط الرسمي للولايات المتحدة بشأن تايوان، المعمول به منذ عقود.وأضافت: لكن المسؤولين في واشنطن تراجعوا عن هذا التفسير قائلين «إنه يشير فقط إلى المساعدة العسكرية».وتابعت: عندما سئل الرئيس الأمريكي عما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للتدخل عسكريا في حالة غزو تايوان، أجاب بنعم، واعتبر أن ذلك التزامًا.وأردفت: هذه هي المرة الثالثة التي يقترح فيها بايدن كرئيس أن الولايات المتحدة سوف تساعد تايوان عسكريا إذا تعرضت الجزيرة للهجوم، ففي عام 2021، أدلى بتصريحات مماثلة في مقابلة مع «إيه بي سي نيوز»، ثم مرة أخرى أثناء مشاركته في مناسبة لـ«سي إن إن».المرة الأولىوأضافت الكاتبة: لكن من المهم أن هذه هي المرة الأولى التي يؤكد فيها ذلك أثناء وجوده في آسيا.وأوضحت أن الشيء المهم الذي يجب ملاحظته هو أنه في كل مناسبة أدلى فيها بمثل هذا التعليق، يعقبه بسرعة كبيرة تراجع عن التصريحات من البيت الأبيض، من خلال إصدار بيانات توضيحية لما يعنيه الرئيس في الواقع وتأكيد على أن هذا ليس تحولًا بعيدًا عن السياسة الأمريكية الرسمية بشأن الصين أو تايوان.واستطردت بقولها: مع ذلك، زادت الملاحظات والتوضيحات من الشكوك حول ما إذا كان بايدن يواصل سياسة «الغموض الإستراتيجي» في تايوان.وتابعت: لطالما كان الغموض الإستراتيجي هو سياسة الولايات المتحدة تجاه تايوان، بدأ ذلك منذ الخمسينيات من القرن الماضي، كان واقعًا مؤكدًا من 1979، في حين أن هذا الغموض لا يلزم الولايات المتحدة صراحة بالدفاع عن تايوان في جميع الظروف، إلا أنه يترك خيار الدعم الدفاعي الأمريكي لتايوان مفتوحًا في حالة هجوم غير مبرر من قبل الصين.ومضت تقول: بشكل حاسم، لم تقل الولايات المتحدة حقا ما الذي ستفعله، هل يعني هذا الدعم المساعدة الاقتصادية أو الإمداد بالأسلحة أو القوات الأمريكية على الأرض؟وأشارت إلى أن هذا يترك الصين وتايوان تخمنان ما إذا كانت الولايات المتحدة ستشارك في أي نزاع بينهما، وإلى أي مدى؟ومضت تقول: تقليديًّا، كانت هذه سياسة مفيدة للولايات المتحدة، لكن الأمور تغيَّرت منذ انتهاجها، لقد كانت فعَّالة بالتأكيد عندما كانت الولايات المتحدة في وضع أقوى عسكريا مقارنة بالصين، لكنها قد تكون أقل فاعلية كتهديد الآن لأن الجيش الصيني يلحق بالولايات المتحدة.الوضوح الإستراتيجيوتتابع الكاتبة قائلة: تعتقد الأصوات الرائدة من حلفاء الولايات المتحدة في آسيا، مثل اليابان، أن الوضوح الإستراتيجي قد يكون خيارًا أفضل الآن إذا أعلنت الولايات المتحدة صراحة أنها ستدافع عن تايوان إذا تعرضت الجزيرة للهجوم، لذا يمكن أن تشير تعليقات بايدن إلى هذا التحول؟وتابعت: يبدو أن هناك نمطًا ما، يقول بايدن شيئًا يبدو واضحًا جدا بشأن الدفاع عن تايوان، ثم يتم التراجع عنه، إذا لم يتراجع أحد في واشنطن عن التعليقات، فسيبدو ذلك بمثابة تحول متعمد في السياسة من قبل الإدارة الأمريكية.واستطردت الكاتبة بقولها: لكنني مؤرخة ولست إستراتيجية، قد تكون هذه لعبة شطرنج متقدمة لا أستطيع فهمها.وتابعت: بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في 1949، انسحبت حكومة جمهورية الصين المهزومة إلى جزيرة تايوان، الواقعة على بعد 100 ميل فقط من شاطئ مقاطعة فوجيان، وحتى سبعينيات القرن الماضي، اعترفت الولايات المتحدة فقط بهذه الحكومة في تايوان كحكومة للصين.وأردفت: لكن في 1971، حوَّلت الأمم المتحدة الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية في البر الرئيسي، في عام 1972، قام الرئيس ريتشارد نيكسون برحلة مشهورة إلى الصين للإعلان عن التقارب والتوقيع على «بيان شنغهاي»، وهو مشترك بين الصين الشيوعية والولايات المتحدة يشير إلى الالتزام بمواصلة العلاقات الدبلوماسية الرسمية.وأضافت: جاء في جزء مهم من تلك الوثيقة أن الولايات المتحدة تقر بأن جميع الصينيين على جانبي مضيق تايوان يرون أن هناك صينًا واحدة وأن تايوان جزء من الصين، وإن حكومة الولايات المتحدة لا تتحدى هذا الموقف.وبحسب الكاتبة، كانت الصياغة حاسمة: لم تكن الولايات المتحدة ملتزمة رسميا بموقف بشأن ما إذا كانت تايوان جزءًا من الأمة الصينية، الأحرى، كانت تعترف بأن هناك صينًا واحدة.علاقات دبلوماسيةوتواصل أوين في مقالها على موقع «ذي كونفيرسيشن»: بعد إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع الصين في عام 1979، أقامت الولايات المتحدة علاقة غير رسمية مع جمهورية الصين في تايوان.وأضافت: ردا على قرار الرئيس جيمي كارتر بالاعتراف بالصين الشيوعية، أقر المشرعون الأمريكيون قانون العلاقات مع تايوان في 1979، حدد هذا القانون خطة للحفاظ على العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة وتايوان وشمل أحكامًا للولايات المتحدة لبيع المواد العسكرية لمساعدة الجزيرة في الحفاظ على دفاعها، في تحديد واضح لمسار سياسة الغموض الإستراتيجي.وبحسب الكاتبة، أصبحت بكين مؤخرًا أكثر عدوانية في التأكيد على أنه يجب إعادة تايوان إلى الصين.وأشارت إلى أن السياسة الداخلية تلعب دورًا في هذا، موضحة أنه في أوقات عدم الاستقرار الداخلي في الصين، تبدو نبرة بكين أكثر عدوانية بشأن العلاقات بين الكيانين اللذين يفصل بينهما مضيق تايوان.ومضت تقول: لا أعتقد أننا قريبون من غزو عسكري لتايوان حتى الآن، سيكون أي غزو عبر مضيق تايوان معقدا عسكريا، كما أنه يأتي مع مخاطر رد فعل عنيف من المجتمع الدولي، ستتلقى تايوان الدعم ليس فقط من الولايات المتحدة، ولكن أيضًا من اليابان ومن المحتمل أن تكون هناك دول أخرى في المنطقة.وأضافت: في غضون ذلك، تؤكد الصين أنها تريد إعادة الاندماج من خلال الوسائل السلمية، طالما أن تايوان لا تفرض القضية، وتعلن الاستقلال من جانب واحد، أعتقد أن هناك تسامحًا في بكين، وعلى الرغم من بعض التعليقات على عكس ذلك، لا أعتقد أن غزو أوكرانيا قد رفع احتمالات خطوة مماثلة في تايوان.وختمت بالقول: في الواقع، نظرًا لأن روسيا غارقة الآن في صراع استمر لأشهر وأضر بمصداقيتها العسكرية واقتصادها، فقد يكون غزو أوكرانيا بمثابة تحذير لبكين.
مشاركة :