عاد الصيف الماضي الى العاصمة الاسبانية للإشراف على النادي الملكي للمرة الثانية بعد مرور أول بين 2013 و2015 قاده خلاله الى اللقب العاشر "لا ديسيما" في 2014، وذلك من أجل الاستمرار في كتابة التاريخ. لا زال أسلوبه، وإن لم يكن مبهرًا، يؤتي ثماره دائمًا: في نهاية نيسان/أبريل الماضي، أصبح "إل ميستر" أول مدرب في التاريخ يحرز ألقاب البطولات الأوروبية الخمس الكبرى بعد قيادته الملكي الى لقب الدوري الاسباني. اجتاحت صورة الرجل القادم من بلدة ريجولو في محافظة إيميليا-رومانيا شمال إيطاليا خلال احتفالات فريقه وهو يرتدي النظارات الداكنة والسيغار في فمه الى جانب اللاعبين مواقع التواصل الاجتماعي. قال حينها مبتسمًا "اللاعبون هم أصدقائي" وها قد ردّوا الجميل له مجددًا في ملعب "ستاد دو فرانس" في النهائي القاري. مع هذا التتويج الأوروبي الجديد، بات الإيطالي البالغ 62 عامًا المدرب الوحيد الذي أحرز لقب المسابقة القارية الاسمى أربع مرات (في 2003 و2007 مع ميلان، 2014 و2022 مع ريال مدريد)، متفوقًا على الفرنسي زين الدين زيدان والانكليزي بوب بايزلي (ثلاثة لكل منهما مع ريال مدريد وليفربول تواليًا). قال بعد الفوز على ليفربول "أنا رجل قياسي. كنت محظوظاً للعودة إلى هنا العام الماضي وأن أخوض موسمًا رائعًا". "دب كبير لطيف " ومع ذلك، شهدت مسيرة أنشيلوتي بعض المطبات في السنوات الأخيرة، في نابولي (2018-2019) ثم إيفرتون الانكليزي (2019-2021)، وهما ناديان أقل شأنًا من تلك التي اعتاد عليها الايطالي، بعد فشله النسبي إذا صح القول على رأس الجهاز الفني لبايرن ميونيخ الذي أحرز معه لقب الدوري الألماني في عام 2017. غالبًا ما وصفه مالديني، قائد ميلان السابق، بأنه "دب كبير لطيف" غير قادر على إراقة الدماء: "لا يمكن أن يحدث ذلك إلا عندما يأكل، لأنه بمجرد أن يحمل شوكة، يتطلب الأمر جيشًا لإيقافه!". هذا الهدوء الذي يخونه أحيانًا ذاك الحاجب الايسر الذي يعلو عندما لا تروق الامور له، هذه العاطفة، بالاضافة الى الخبرة الكبيرة في التعامل مع اللاعبين ونظرته التكتيكية، هي التي أكسبت أنشيلوتي، بدعم يومي من ابنه ومساعده دافيدي القدرة على الحمل الكبير في نادٍ مثل ريال مدريد. رغم مكانته، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا في عام 2015 لإنقاذ رأسه بعد موسم ثان مخيب للآمال في العاصمة الاسبانية. صانع السلام لكن قصة الحب بين كارلو انشيلوتي، المتزوج من إسبانية-كندية، و"القلعة البيضاء" لم تنته بعد. عندما غادر مساعده السابق زيدان الذي قاد ريال مدريد الى لقب دوري الابطال ثلاث مرات، منصبه الصيف الماضي، استدعى الرئيس فلورنتينو بيريس "كارليتو" الذي بات أشبه بصانع السلام. في عام 2013، ساعدت مواهبه الديبلوماسية على التئام جروح غرفة خلع الملابس في مدريد التي أُضرمت فيها النيران من قبل سلفه البرتغالي جوزيه مورينيو. في باريس سان جرمان الذي تولى فيه المهام في كانون الاول/ديسمبر 2011، فشل في موسمه الأول بالفوز بالدوري الفرنسي قبل أن ينجح في ذلك عام 2013، كمكافأة للاستثمار وطموحات الملاك القطريين. مع تشلسي الذي كان تحت ملكية رجل الأعمال المتطلب الروسي رومان أبراموفيتش، حقق الثنائية المحلية بتتويجه بلقبي الدوري والكأس عام 2010 قبل أن يرحل في التالي. "بعد ريال مدريد، سأتوقف" ومع ذلك، بقي ميلان النادي الاحب الى قلبه بعد أن لعب في صفوفه وحقق معه أول أمجاده القارية كمدرب. كان لاعب وسط في صفوفه بين 1987 و1992، ثم مدربًا بين 2001 و2009، لذا أمضى كارلو 13 عامًا في النادي اللومباردي. داخل المستطيل الاخضر، فاز لاعب الوسط السابق (26 مباراة دولية) بلقبين في دوري الابطال مع روسونيري عامي 1989 و1990 بإشراف المدرب الأسطوري أريغو ساكي، قبل أن يصبح مساعده في المنتخب الايطالي وحل وصيفًا للبرازيل في كأس العالم 1994. كمدرب، افتتح المدرب السابق لبارما (1996-1998) ويوفنتوس (1999-2001) سجله مع ميلان بكأس إيطاليا في عام 2003، ولقب الدوري عام 2004 ودوري أبطال أوروبا مرتين في عامي 2003 و2007، علمًا أنه كان على رأس الجهاز الفني خلال الخسارة الشهيرة ضد ليفربول في نهائي المسابقة القارية الام عام 2005 بعد تقدم الفريق الايطالي 3-صفر مع نهاية الشوط الاول. بعد تتويجه الرابع في دوري الأبطال، من الصعب تخيل عالم كرة القدم من دون هذا الرجل الذي يلقى احترام وحب الجميع. قال في بداية أيار/مايو "أرغب في قضاء الوقت مع أحفادي، والذهاب في إجازة مع زوجتي، وهناك الكثير من الأشياء التي أهملتها وأود أن أفعلها"، علمًا أنه يرتبط مع ريال مدريد بعقد حتى 2024. وتابع "بعد ريال، نعم ربما سأتوقف. لكن إذا أبقاني ريال هنا لمدة عشر سنوات، فسوف أدرب لعشر سنوات".
مشاركة :