مكتبات بيع الكتب تتفوق على المكتبات العامة | محمد الحمامصي | صحيفة العرب

  • 5/29/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يعد كتاب “زيارة لمكتبات العالم.. أشهر مكتبات بيع الكتب” للباحث والكاتب الإسباني خورخي كاريون رحلة أو مسحا لتاريخ أشهر المكتبات في العالم وعلاقاتها مع الكتاب والناشرين والقراء حتى العصر الحالي، وقراءة في التحول المستمر لأدوارها في بيئاتها بدءا من أن تكون فضاء مركزيا لتجمعات الأدباء والكتاب ونقاشات الثقافة وأطروحات تساؤلاتها المحورية، إلى فضاء للمقاومة السياسية، حيث يلفت إلى أن المكتبات لم تكن أبدا متأكدة من حدودها الحقيقية. يتحدث كاريون في كتابه، الذي صدر أخيرا عن دار العربي بترجمة ريم داوود، عن القراءة العادية بأسلوب يبعث على الارتياح، ثم يناقش التناقضات التي تثير الانزعاج أو الإحساس بالتهديد. حيث يعيد تركيب التقاليد المعتادة، وفي الوقت ذاته يشير إلى أنه لا يتناول إلا الأمثلة. باستثناء الخرائط وتأريخ المكتبات؛ إذ يستحيل إعادة تركيب هذه الأمور، لأنها تشكلت من الغياب والاندثار، وطرحت أفكار التجانس والمجاز المرسل، وتكونت من مجموعة من الشظايا البراقة، وبقايا آثار من التاريخ المستقبلي، أو موسوعة لن يستطيع أحد كتابتها أبدا. يرى المؤلف أن الطريقة التي ترتبط بها قصة معينة بالأدب بأكمله تشبه ارتباط مكتبة واحدة بكل المكتبات الموجودة، ووجدت، بل وربما التي ستوجد مستقبلا أيضا. المجاز المرسل والتجانس، هما أكثر التعبيرات اللغوية نفعا، في رأيه. ويبدأ بالحديث عن جميع المكتبات، من الماضي والحاضر، وما قد تنشأ في المستقبل. معتبرا المجلدات التي هي بمثابة أوعية، والأشغال اليدوية التي نطلق عليها اسم “كتب” ونقرؤها كآثار وبقايا من الماضي، استطعنا الحفاظ على ما بها من أفكار. ولأن مصير كل ما هو كامل، التفكك إلى أجزاء وشذرات، فإن الأمثلة والقوائم الفوضوية التي تفتقر إلى النظام، لا تزال موجودة ومقروءة. مقاومة النسيانيشير كاريون إلى أن الكتب كأشياء مجسمة، كحاجات. والمكتبات كمواقع للتنقيب عن الآثار، أو كدكاكين للبضائع المستعملة الرخيصة، أو كأرشيف؛ تقاوم الكشف لنا عن المعارف التي تضمها. إنها بطبيعتها ترفض احتلال مكانها في تاريخ الثقافة. حالة مكانية تقف ضد أي منظمة سياسية تتعلق بالأمم والدول. ضد تآكل الماضي والذاكرة والإرث غير المادي واستفحال المادية إلى درجة التعفن. مكتبات بيع الكتب والمكتبات العامة، هما وجها الإله الروماني “يانوس”، أو هما توأم روح. ويعتبرها مواقع مكافحة الفيروسات للكمبيوتر. ومقاه وبيوت، في أماكن تتجاوز الاتجاهات السماوية للشرق والغرب، للبلدان الشرقية من جهة وأوروبا وأميريكا من جهة أخرى. ويتطرق إلى حياة وأعمال تجار الكتب، سواء أكانوا مقيمين أم جوالة، منعزلين أم يتقاسمون حيواتهم بعاداتها وتقاليدها مع غيرهم، والمنافسة بين النسخ الوحيدة، الفريدة، والسلاسل الشائعة. ويذكر الصراع بين الأسلوب الأدبي، والمحتوى الأيروسي والجنسي المستتر، والقراءة كهوس وجنون، وبصفتها رغبة في اللا وعي، أو في إطار العمل مع ما يصاحبها من مشكلات إدارية. إنه يلخصها في تعبيره “العالم كمكتبة، والمكتبة كالعالم”، مبرزا المفارقات الساخرة، والجدية. وتاريخ جميع الكتب، وتاريخ كتب بعينها وغيرها من الأمور المتعلقة بالكتب والمكتبات. ويقول إن “كل مكتبة لبيع الكتب نسخة مكثفة من العالم. وما يربط بلدك ولغته بالمناطق الأخرى التي تتكلم لغات مختلفة، ليس خطوط الطيران والرحلات، وإنما الممرات الممتدة بين رفوف الكتب. أنت لا تحتاج لعبور الحدود الجغرافية، كي تغير طبوغرافيا وأسماء الأماكن والزمن. كل ما تحتاج إليه هو خطوة. مجرد خطوة بقدمك. مجلد صدر للمرة الأولى في عام 1976، يجاور آخر ظهر بالأمس فقط، ووصل المكتبة للتو. دراسة حول هجرات ما قبل التاريخ، تتكئ على دراسة عن المدن الضخمة في القرن الواحد والعشرين. الأعمال الكاملة لكامو، تسبق في ترتيبها مؤلفات ثيربانتس (في هذا الصدد، لا عبارة أكثر صدقا من تلك التي قالها الشاعر جوزيب فيسينس فوش: “الجديد يثير، والقديم يغوي”..)”. ويضيف “إنه ليس شارعا رئيسيا، بل هو أقرب لدرجات سلم، أو ربما عتبة باب؛ قد لا يكون ذلك أيضا. انعطافة بسيطة هي كل ما يلزم لربط نوع بآخر، أو ربط نظام أو فكرة بما يقابلهما من متضادات متكاملة؛ كعلاقة الدراما الإغريقية بالروايات الأميركية العظيمة، وعلم الأحياء الدقيقة بالتصوير الفوتوغرافي، وتاريخ الشرق الأقصى بالروايات الأكثر مبيعا حول الحياة في المجتمعات الغربية، والأشعار الدينية الهندوسية بتاريخ الإنديز، وعلم الحشرات بنظرية فوضى الكون”.ويؤكد كاريون لقارئ الكتب “أنت لا تحتاج إلى جواز سفر لتتجول داخل مكتبة، وتقترب من العوالم التي تقدمها إليك، والتي نختصرها عادة في لفظ ‘العالم’. المكتبة خريطة. بداخلها جو متميز من الحرية، يتباطأ فيها الزمن، وتصبح السياحة نوعا مختلفا من القراءة. لكنني، في مكتبات مثل جرين آبلز بوكس (كتب التفاح الأخضر) في سان فرانسيسكو، ولا بالينا بيانكا (الحوت الأبيض) في مدينة ميريدا الفنزويلية، وروبنسون كروزو 389 في إسطنبول، ولا لوبا (العدسة المكبرة) في مونتفيدو، وفي إيكوم دي باج (رغوة الصفحات) بباريس، وفي بوك لاونج (صالة الكتب) في كيب تاون، وفي إيتيرنا كادينسيا في بوينس آيرس، ولا رافاييل آلبيرتي بمدريد، وفي كاسا تومادا (البيت المحتل) في بوجوتا، وفي ميتاليس بيسادوس (المعادن الثقيلة) في سانتياجو دي تشيلي، وفي دانتي وديكارت في نابولي، وفي جون ساندو بوكس في لندن، وفي ليتيرانتا في بالما دي مايوركا”. يضيف “كنت في كل هذه الأماكن كمن يختم نوعا من الأوراق الرسمية. كمن يجمع أختاما على أوراقه ووثائقه لتشهد على قيامه برحلة على امتداد الطريق الدولي. أكثر المكتبات أهمية، أو أفضلها، أو أقدمها، أو أكثرها لفتا للانتباه؛ أو حتى أقربها، كما حدث حين أمطرت في براتيسلافا، أو عندما احتجت لتوصيل الإنترنت إلى جهاز الكمبيوتر الخاص بي في عمان، أو حينما اضطررت للجلوس لأرتاح قليلا في ريو دي جانيرو، أو بيرو واليابان، بعد أن أرهقتني زيارة عديد من الأماكن المقدسة”. ويتابع “حصلت على أول الأختام في لا ليبيريريا دل بينساتيفو (مكتبة المفكر) في مدينة جواتيمالا. وصلت هناك في نهاية شهر يوليو، عام 1998. كانت البلاد لا تزال تترنح من صدمة الحزن البالغ على جيراردي، مساعد أسقف الأبرشية، والوجه البارز في مكتب حقوق الإنسان التابع للأسقفية، الذي تم اغتياله بقسوة، عقب يومين فقط من إصداره للتقرير الذي حمل اسم ‘جواتيمالا: لن يتكرر الأمر ثانية‘ في أربعة مجلدات، والذي رصد فيه نحو 54000 حالة انتهاك للحقوق الإنسانية الأساسية، خلال فترة الحكم العسكري الديكتاتوري، والتي امتدت لحوالي ست وثلاثين سنة”. ويواصل “قاموا بتهشيم جمجمته للدرجة التي استحال معها التعرف عليه. في تلك الأشهر غير المستقرة، والتي قمت فيها بتغيير مسكني أربع أو خمس مرات، أصبح المركز الثقافي لا كيوبولا – والذي يضم بار لوس جيراسولس (أزهار عباد الشمس) إلى جانب مكتبة وبعض المحلات التجارية – أشبه ببيت لي. حين كانت البلاد لا تزال في حالة حرب، عام 1987، ظهرت مكتبة لا ليبيريريا دل بينساتيفو في مدينة آنتيجوا المجاورة، بفضل جهود باحثة الأنثروبولوجيا، والناشطة النسوية ماريا كوفينو، التي كانت قد عادت لتوها من المكسيك، بعد سنوات طويلة أمضتها هناك”. يقول “المبنى ذو المنظر المألوف، في كال دل آركو، كان في الماضي محطة بنزين، وورشة لإصلاح السيارات. شهدت البراكين المحيطة بالمدينة دوي الرصاص المتبادل بين العصابات المسلحة والجيش والمجموعات شبه المسلحة. وكما حدث، ويحدث، في كثير من المكتبات ـ بشكل أو بآخر ـ حول العالم، لجأت المكتبة في ظل العجز عن استيراد الكتب من الخارج إلى تشجيع الأدب المحلي، والاحتفاء بإصداراته، وإقامة المعارض الفنية، وصار المكان يعج بالطاقة التي حولت إل بينساتيفو إلى مركز للمقاومة، وللانفتاح. بعد تأسيسهم دار نشر متخصصة في أدب جواتيمالا، فتحت المكتبة فرعا لها في العاصمة. ظل موجودا لاثني عشر عاما، حتى 2006. أمضيت فيه أوقاتا سعيدة، لكن أحدا هناك لم يعرف ذلك”. يلاحظ كاريون أن تاريخ مكتبات بيع الكتب، يختلف تماما عن تاريخ المكتبات العامة، فالأولى تفتقر إلى الاستمرارية والدعم المؤسسي، ومع ذلك فإنها تتميز بقدرتها على التجاوب الجريء مع الجمهور، وتلبية احتياجاته، وتتمتع ـ بالتالي ـ بنوع من الحرية؛ لكن أحدا لا يهتم بدراستها، ونادرا ما يظهر اسمها في الكتيبات السياحية، ولا يقوم أحد أبدا بإجراء أبحاث ودراسات عنها لنيل شهادات دكتوراه.يتم إهمال مكتبات بيع الكتب إلى أن يوجه لها الزمن ضربته القاضية، ويدخلها حيز الأساطير. أساطير مثل ساحة كاتدرائية القديس “بولس” بلندن، التي – مثلما قرأت في كتاب “18 مكتبة” لآن سكوت – كانت تضم ثلاثين مكتبة؛ منها “ذا باروت” التي لم يكن صاحبها ويليام آبسلي مجرد بائع كتب، بل أحد ناشري شكسبير. أو شارع “رو دي لوديون” في مدينة باريس، الذي ضم مكتبتين مهمتين هما “لا ميزون دو آميس دو ليفر”، للكاتبة والناشرة آدريين مونيير، و”شكسبير آند كومباني” للناشرة سيلفيا بيتش. شارع “تشيرينج كروس رود”، والذي يشكل تقاطعا بين أكثر من طريق، كما يوحي اسمه بالضبط، هو أحسن شارع للكتب في لندن بأكملها. تم تخليده في أفضل كتاب قرأته حول المكتبات “84 تشيرينج كروس رود” لهيلين هانف (وكما في كل مكان يبيع الكتب، تختلط في هذا العمل العواطف والمشاعر الإنسانية مع الدراما والكوميديا). ويضيف “رأيت نسخة من الطبعة الأولى منه، بسعر 250 جنيها إسترلينيا، في واجهة مكتبة جولدسبورو بوكس المتخصصة في بيع النسخ الأولى الموقعة من مؤلفيها، والتي تقع على مقربة من تشيرينج كروس رود الذي لم يستطع كل من سألته فيه الإجابة عن سؤالي حول كيفية الوصول إلى مكتبة هانف”. ويتابع “أسطورة أخرى هي مكتبة دي ماريني، التي حملت لاحقا اسم كاسيلا، والتي أنشئت في نابولي عام 1825، على يد جنارو كاسيلا، ثم آلت إلى ابنه فرانشيسكو، الذي قام مع بدايات القرن العشرين بدعوة عدد من المشاهير إليها، أمثال: فيليبو تي مارينيتي، وإدواردو دي فيليبو، وبول فاليري، ولويجي إينودي، وجورج برنارد شو، وأناتول فرانس. اعتاد الأخير الإقامة في فندق هاسلر دل تشياتاموني، لكنه تعامل مع المكتبة كمكان لاستقبال ضيوفه، كأنها صالون منزله. من المكتبات الأسطورية أيضا، مكتبة الكتاب في موسكو، التي منحت زوارها في أوائل العشرينيات من القرن العشرين راحة قصيرة من أجواء الثورة، وأصبحت مركزا ثقافيا يديره المفكرون والمثقفون”. ويرى كاريون أنه يمكن سرد تاريخ المكتبات العامة، بتفاصيل دقيقة، وترتيبه بحسب المدن والمناطق والبلدان، وفقا للحدود الجغرافية التي حددتها اتفاقات دولية. يمكن فعل ذلك أيضا من خلال السجلات الأرشيفية لكل مكتبة، التي تقدم توثيقا كاملا للمحتويات وتطور أساليب التصنيف، ودفاتر تسجيل الاجتماعات، والعقود، والقصاصات الصحفية، والقوائم، وغيرها من الأوراق المساعدة على التأريخ، والمدعمة بالأرقام والتقارير والجداول الزمنية. أما تاريخ المكتبات الخاصة ببيع الكتب، من جهة أخرى، فلا يمكن تدوينه إلا بالرجوع إلى الصور الفوتوغرافية، والبطاقات البريدية المصورة، وعقد المقارنات والعلاقات بين المحلات التي اختفت وانتهى نشاطها، وتلك التي لا تزال قائمة وموجودة، بالإضافة إلى الاستعانة بالنصوص الأدبية والمقالات. تاريخ صلوحية يوضح كاريون أن المكتبة مشروع يعتمد على مستويين متزامنين ومتلازمين: الاقتصادي والرمزي. بيع الكتب، وصناعة الاسم والسمعة أو تدميرهما. تأكيد الذوق السائد، أو ابتكار آخر جديد. أسهم وائتمانات. مؤكدا أن المكتبات أماكن تتحكم في الجغرافيا السياسية الثقافية. إنها أماكن تصبح فيها الثقافة ملموسة أكثر، وبالتالي أكثر عرضة للتلاعب. إنها أماكن تختلف باختلاف المناطق والبلدات والمدن، هي من تقرر ما الذي ستوفره للناس، وما الذي ستقوم بتوزيعه. ويبرز أن المكتبات تتحكم في استهلاك العناوين أو التخلص منها، أو إعادة طبعها أو نسخها أو تزويرها، أو كتابة نسخ ساخرة منها. إذ هي من تجذب المعجبين لتلك العناوين، أو تجعلها أكثر ملاءمة، أو تتولى ترجمتها. هذه هي التأثيرات الأساسية للمكتبات. وليس من المستغرب إذا أن العنوان الأول الذي استخدمه ديديرو في “رسالة في تجارة الكتب” هو “رسالة سياسية وتاريخية كتبت لحاكم حول المكتبة، حاضرها وماضيها وحكمها وامتيازاتها وحدودها الضمنية، والرقباء، والباعة الجائلين، وعبور الجسور، وغيرها من الأمور المرتبطة بالتحكم في الأدب”.ويشدد على أنه لا توجد ثقافات دون ذاكرة، لكنها بحاجة إلى النسيان أيضا. بينما تصر المكتبة العامة على تذكر كل شيء، تقوم مكتبات بيع الكتب بالاختيار والانتقاء والرفض، والتأقلم مع الحاضر؛ وكل ذلك بفضل النسيان. أما المستقبل، فيعتمد على القدم. علينا التخلص من معتقداتنا القديمة، التي أصبحت خاطئة أو غير ملائمة. وكذلك الأعمال الإبداعية والحوارات والمناقشات، التي فقدت قدرتها على طرح مسائل تفيد المتلقي أو تلفت انتباهه. يكتب بيتر بيرك موضحا المسألة “إن التخلص من المعرفة على هذا النحو قد يكون مطلوبا، إن لم يكن ضروريا، إلى حد ما على الأقل؛ ولكن علينا ألا ننسى الخسائر حين نتذكر الأرباح”. لهذا السبب، حين تحدث عملية الاختيار والتخلص من الزائد عن الحاجة، يتوجب علينا “أن ندرس ما استغنينا عنه، وما رفضته أفكارنا عبر القرون”. علينا أن ندرك ما الذي أساءت البشرية فهمه، وكيف دخلت الأمور القيمة والمهمة حيز النسيان بمصاحبة المعتقدات التي استحقت الاختفاء. الآن، بعد قرون طويلة من البقاء والصمود، بدأت الكتب في دخول مرحلة القدم، وهو أمر منطقي تماما بسبب التحول الإلكتروني. صار لها تاريخ صلاحية أيضا. سوف يحدث هذا تغييرات أكبر وأوضح في علاقتنا بالنصوص التي يمكننا ترجمتها وتعديلها ومنحها بعدا شخصيا، بدرجة غير متخيلة. توقفت البشرية خلال رحلتها في مفترق طرق، وتساءلت عن جدوى اللغة العقيمة والتكرار والابتذال. استخدمت بعدها الأناجيل لغة مفهومة، استنادا إلى معايير عقلانية، وليس خضوعا للخرافة والوهم”.

مشاركة :