باريس/لندن - أثار نهائي دوري أبطال أوروبا في باريس الذي شهد فوضى واستخداما للغاز المسيل للدموع من قبل الشرطة الفرنسية سجالات سياسية في باريس ولندن وشكل حرجا كبيرا للرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الذي أعيد انتخابه الشهر الماضي لولاية رئاسية ثانية بعد فوزه على منافسته مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن لكن ما زال أمامه مشوار صعب في جولة الانتخابات التشريعية وهي أيضا مفصلية قد تحد نتائجها من سلطته إذا فازت بها المعارضة. وتحول نهائي دور أبطال أوروبي إلى قلب الصراع السياسي في فرنسا وغضبا دبلوماسيا في بريطانيا واتهامات لباريس بعدم القدرة على تنظيم أحداث وفعاليات كبرى. ويفترض أن تشكل الرياضة في العالم بمختلف أصنافها مصدر تقارب وتنوع في الثقافات، لكنها اقتحمت أخيرا ساحة الصراع السياسي محليا ودوليا. ووصفت لوبن التي خسرت أمام ماكرون في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الفرنسية وتستعد لمواجهته في الانتخابات التشريعية، الفوضى التي حصلت على هامش نهائي دوري أبطال أوروبا في باريس بأنها "شعور بالإهانة"، فيما اعتبرها زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون "فشلا كاملا لإستراتيجية الشرطة"، معتبرَين أن فرنسا "غير قادرة" على تنظيم أحداث كبرى، وسط غضب دبلوماسي بريطاني أيضا. وفي حادثة نادرة لمباراة من هذا المستوى، تأجل انطلاق النهائي الذي فاز فيه ريال مدريد الاسباني على ليفربول الانكليزي (1-0) لمدة 36 دقيقة، بسبب التوترات خارج ملعب "ستاد دو فرانس" في ضواحي سان دوني الباريسية، ومحاولة العديد من المشجعين تسلق بوابات السياج والدخول بالقوة ما أدى إلى تصدي عناصر الشرطة لهم وإطلاق الغاز المسيل للدموع في بعض الأحيان. وتحدثت لوبن، زعيمة التجمع الوطني الأحد عن "شعور بالإهانة لأن العالم كله يراقبنا وكل العواصم التي شاهدت ذلك لاحظت أن فرنسا لم تعد قادرة على تنظيم أحداث كبرى من دون ثغرات". وتابعت "إنه تأكيد على أن دولتنا تنهار تحت أقدامنا. هذا هو الواقع. لم نعد نعرف كيفية تنظيم حدث كبير على الرغم من موعد الألعاب الأولمبية في غضون 18 شهرا وهو أمر مقلق للغاية"، منددة بـ"عدم كفاءة" وزير الداخلية جيرالد دارمانان ومدير شرطة باريس ديدييه لالمان. وشاركها الرأي ميلاشون رئيس حزب "فرنسا المتمردة" في حديث مع قناة "بي أف أم تي في" بالقول "الصورة مؤسفة، إنها مقلقة لأننا نستطيع أن نرى بوضوح أننا لسنا مستعدين لأحداث مثل الألعاب الأولمبية". وتابع "إنه فشل كامل لإستراتيجية الشرطة. يجب أن يكون هناك تفكير أساسي لإعادة الشرطة الفرنسية إلى موقع يجعلها فعالة" لأن "دور الشرطة هو منع حدوث أخطاء، ولكن هذه المرة على عكس ذلك، قاموا بتأجيج الوضع". وكان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) أعلن أن تأخير المباراة كان بسبب "مشكلات أمنية" مرتبطة بـ"الوصول المتأخر للمشجعين" إلى الملعب، قبل أن يكشف لاحقا أن سبب الازدحام على مداخل الملعب كان نتيجة حاملي التذاكر المزورة، معربا عن "تعاطفه" مع المتضررين من هذه الأحداث على أن يراجع "هذه الأمور بشكل عاجل مع الشرطة والسلطات الفرنسية ومع الاتحاد الفرنسي لكرة القدم". وألقى دارمانان في تغريدة على تويتر باللوم على "الآلاف من المشجعين البريطانيين بدون تذاكر أو مع تذاكر مزورة الذين حاولوا اقتحام" الملعب. غضب بريطاني ولكن اعتبارا من مساء السبت، نفت الشهادات العديدة التي أدلى بها صحافيون أو مشجعون إنكليز على الفور، مصحوبة بصور ومقاطع فيديو، هذه الرواية، وأشاروا بأصابع الاتهام إلى تنظيم معيب وموقف عدواني مفرط للشرطة. وقال المهاجم الدولي السابق والمحلل والمقدم الحالي غاري لينكر على تويتر "لست متأكدا من أنه من الممكن إقامة حدث أسوأ من ذلك، حتى إذا قصدنا ذلك. فوضى وخطر". وكان ليفربول طالب على الفور بفتح تحقيق من أجل "تحديد أسباب هذه المشاكل غير المقبولة". وقال النادي في بيان "نشعر بخيبة أمل شديدة من مشكلات الوصول والانتهاكات المحيطية التي تعرض لها مشجعو ليفربول. لا ينبغي أن يضطر المشجعون إلى اختبار هذه الأمور". وقال ضباط شرطة ليفربول الذين تم نشرهم كمراقبين ويتواجدون في جميع رحلات الفريق الأوروبية إن "الغالبية العظمى" من المشجعين الانكليز "تصرفوا بطريقة مثالية، حيث وصلوا إلى البوابات مبكرا واصطفوا في الطوابير". وقال الوزير البريطاني لشؤون إيرلندا الشمالية براندون لويس لشبكة سكاي نيوز الأحد "من المقلق أن نرى أن الناس إما لم يدخلوا الملعب أو تم التعامل معهم بطريقة عدوانية للغاية". وغرد إيان بيرن عضو البرلمان عن ليفربول من حزب العمال المعارض "لقد تحملت للتو واحدة من أسوأ التجارب في حياتي. الأمن والتنظيم الرهيبان يعرّضان الأرواح للخطر". وقال نجم ليفربول السابق كيني دالغليش على تويتر إن "الطريقة التي عومل بها المشجعون من قبل السلطات كانت موضع سخرية. لا ينبغي لأحد أن يخشى الذهاب إلى مباراة كرة قدم". وأدان سياسيون ومشجعون بريطانيون الأحد معاملة مشجعي ليفربول قبل نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم السبت، عندما أطلقت الشرطة الفرنسية الغاز المسيل للدموع لتفريقهم بينما تكبدوا عناء السفر لحضور النهائي. وأشارت وزيرة القطاع الرقمي والثقافة والإعلام والرياضة نادين دوريس إلى "تقارير مقلقة" من ستاد دو فرانس. كان من المقرر أن يشارك لاعبو ليفربول في موكب بحافلة مكشوفة في المدينة بعد ظهر الأحد على الرغم من خسارتهم في باريس. وقالت الشرطة إن المدينة ستكون "مزدحمة جدا". وكتبت رئيسة بلدية ليفربول جوان أندرسون في تغريدة "أعرف أن كثيرين مروا بأوقات عصيبة"، مؤكدة تأييدها ل"دعوة النادي إلى توضيح ما حدث قبل بدء" المباراة. وكتبت منظمة "سبيريت أوف شانكلي" لأنصار نادي ليفربول على تويتر أن "الليلة الماضية كانت مشينة وخطيرة جدا، ونحن نجمع الأدلة من المشجعين (...) وسنصدر بيانًا لاحقًا". وقال أحد مشجعي ليفربول بول ماشين في مقطع فيديو على موقع يوتيوب إن ما شاهده في باريس كان "مختلفا عن أي شيء رأيته في مباراة كرة قدم من قبل"، منددا ب"السلوك البغيض" للشرطة الفرنسية. من جهته، قال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) إن سبب تأخير بدء المباراة بين ليفربول وريال مدريد 35 دقيقة كان "التذاكر المزيفة التي لا تعمل في الأبواب الدوارة". وأضاف أن الشرطة الفرنسية أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق آلاف المشجعين المحبطين الذين كانوا يتجمعون خارج استاد فرنسا نتيجة لإصدار التذاكر المزورة. مع ذلك، حمل وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين مشجعي ليفربول مسؤولية الفوضى. وقال في تغريدة إن "الآلاف من أنصار البريطانيين بلا تذاكر أو بتذاكر مزورة شقوا طريقهم وتصرفوا بعنف أحيانا تجاه المضيفين".
مشاركة :